موسى يعلن من بيروت : الوضع في المنطقة «سيئ جداً جداً جداً»

كشف عن جهود دبلوماسية لمنع اي اعتداء محتمل على الأراضي العراقية

TT

وصف الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الوضع في منطقة الشرق الأوسط بأنه «سيئ جداً جداً جداً» واعلن ان «جهوداً دبلوماسية عربية نشطة تبذل لتوقي او منع اي اعتداء على العراق، ولتجنب ما من شأنه زيادة الاضطراب والتوتر في الشرق الأوسط» واعتبر ما ذكر بأن القمة العربية المقبلة ستكون نعياً للانتفاضة الفلسطينية «كلاماً فارغاً لا يستحق تعليقاً».

كلام موسى قاله في بيروت التي وصلها امس على متن الطائرة الخاصة لرئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، في زيارة استغرقت بضع ساعات تليها زيارات اخرى تسبق انعقاد القمة العربية الدورية في العاصمة اللبنانية في 27 و28 مارس (آذار) المقبل. وقد اعرب الرئيس اللبناني اميل لحود عن «ثقته بأن القمة ستنجح في التعبير عن تطلعات الشعوب العربية وآمالها حيال التحديات التي تواجه الدول العربية في مختلف المجالات». وكان موسى قد وصل الى مطار بيروت قبل ظهر امس حيث كان في استقباله وزير الخارجية اللبناني محمود حمود وسفير مصر لدى لبنان حاتم سيف النصر واعضاء مكتب الجامعة العربية في بيروت وقد توجه الى القصر الجمهوري يرافقه حمود، وعقد مشاورات مع الرئيس اللبناني اميل لحود تناولت ترتيبات انعقاد القمة والوضع الحالي في المنطقة «لارتباطه بالقمة القادمة». ثم اجرى والوزير حمود محادثات في مقر الخارجية اللبنانية قبل ان ينتقل الى مقر رئاسة مجلس النواب حيث التقى رئيسه نبيه بري، ومن ثم الى دارة رئيس الحكومة رفيق الحريري .

وقد ابلغ الرئيس لحود موسى: «ان لبنان انجز كل الترتيبات المطلوبة لانعقاد القمة العربية في بيروت، وانه يتابع شخصياً كل التفاصيل المتعلقة بالاجراءات الواجب اتخاذها على الصعد الادارية والامنية واللوجستية».

وبعد اللقاء مع الرئيس لحود سئل الامين العام عن صحة ما تناقلته وسائل الاعلام من ان الرئيس المصري حسني مبارك ربط مشاركته الشخصية بقمة بيروت بحضور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات فأجاب: «لم أقرأ هذا التصريح، واعتبر ان هذا الامر يدل على اهتمام الرئيس حسني مبارك بضرورة حضور الرئيس عرفات، ورسالة ذات معنى لا يخفى على احد. هذه اشارة قوية الى ضرورة حضور الرئيس عرفات».

وقيل لموسى ان المشكلة هي في حصار شارون لعرفات؟ فرد قائلاً: «مفهوم، طبعاً عندنا وقت على كل حال».

وحول ما دار في اللقاء مع الرئيس لحود قال: «طبيعة اللقاء هي اولاً التحدث والتشاور بشأن القمة وانعقادها وترتيباتها، وثانياً مناقشة الوضع الحالي في المنطقة، وهذه مسألة مهمة ايضاً ومرتبطة بالقمة القادمة. ولقد أحطتُ السيد الرئيس علماً بالتحركات الدبلوماسية العربية في المرحلة الماضية، وطبعاً زيارتي هذه واحدة من الزيارات العديدة التي سوف اقوم بها الى لبنان قبل القمة».

وسئل الامين العام لجامعة الدول العربية عن مصير القمة العربية في ما لو تعرض العراق لعدوان اميركي فأجاب: «يعني ماذا تقصد، مصير العراق أم مصير الجامعة العربية؟ انتم تعرفون موقف الجامعة العربية الثابت والجماعي من اي اعتداء على العراق. وتعلمون الجهود العربية المبذولة حالياً لتوقي او لمنع هذه الضربة، وبالتالي نحن نشطون جداً في هذا الاطار كدبلوماسية عربية. ونرجو ان نوفق في تجنب ما من شأنه زيادة الاضطراب والتوتر في منطقة الشرق الاوسط».

واعتبر موسى المواقف الاوروبية التي تنتقد بشدة المواقف الاميركية كلها مواقف تستحق التحية، لان الاتحاد الاوروبي يتخذ موقف الوسيط النزيه، ولا ينحاز انحيازاً اعمى ومطلقاً لاسرائيل. ولا يؤيد سياستها، سياسة الاعتداء وسياسة القتل وسياسة الهدم، لانه من غير الطبيعي على اي دبلوماسية او سياسة ان تؤيد سياسة قتل وتؤيد سياسة هدم وتؤيد سياسة تدمير. والموقف الذي اتخذه الاتحاد الاوروبي ضد هذه السياسات هو موقف سليم يستوجب من قبلنا التحية للنشاط الاوروبي المتزايد والمتصاعد في دعم موقف منصف وموقف عادل، وهو لا ينحاز الى الموقف العربي وغير مطلوب منه ان ينحاز، ولا نطالبه بالانحياز للموقف العربي، انما الانحياز لموقف عادل ومنصف وهو ما تقوم به اوروبا. ومن ثم مرة اخرى انا احيي الموقف الاوروبي».

وسئل عن موقفه مما يتردد من كلام بأن القمة العربية ستكون بمثابة نعي للانتفاضة فأجاب: «ان هذا الكلام المركب على بعضه لا احبه، وليس له معنى. هذا نعي او غير نعي «كلام فارغ» لا يستحق مني تعليقاً».

وعما اذا كان يتوقع حضوراً مكثفاً للقادة العرب في القمة وما هي ابرز المواضيع في جدول اعمالها قال: «بالنسبة لجدول الاعمال فهو ليس محل نقاش علني، لانه محل تشاور بين الدول العربية الآن. وجدول اعمال القمة يعلن بعد ان يتم الاتفاق عليه وليس قبل ذلك. اما بالنسبة للحضور المكثف، فأرجو ان يكون الحضور مكثفاً فعلاً في قمة بيروت. لأن الاحداث والظروف تستدعي تشاوراً عربياً على اعلى مستوى».

وسئل موسى: خلال لقاءاتك في الولايات المتحدة الاميركية هل لاقيت تجاوباً مع المساعي التي بذلتها بين العراق والكويت ام عتباً؟ اجاب: «عتباً؟! تجاوباً ام عتباً؟! هذه العبارة جميلة» واضاف: «لا... وجدت تجاوباً وانا لم استمع الى عتب ولكن استطيع ان اقول بأن هناك تجاوباً كافياً».

سئل موسى هل سيطرح الحل بين العراق والكويت على قمة بيروت؟ فرد بالقول: «ماذا يعني مطروح ومطروح بقوة؟ وما هو الفرق بين المطروح والمطروح بقوة؟».

وقيل له: هل لديك حلاً معيناً يمكن ان يُطرح على قمة بيروت؟ اجاب: «انا لست ساحراً حتى ابتكر حلولاً. ولكن باعتباري دبلوماسياً وسياسياً ومواطناً عربياً ومسؤولاً عربياً علي ان اسعى في هذا الموضوع، وسوف استمر في السعي فيه».

وعن الوضع في المنطقة في ضوء التصعيد الاسرائيلي ضد الفلسطينيين قال موسى: «المنطقة حالها سيئ جداً جداً جداً» ولما استفسر كرر القول: «جداً جداً جداً».

ولدى انتهاء لقائه مع بري قال موسى انه ينتظر من القمة «دعم الفلسطينيين في موقفهم وحقوقهم ومقاومتهم ان لم تنسحب اسرائيل، والوقوف بوضوح ضد اي ضربة لاية دولة عربية وصياغة موقف في ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتعاون العربي».

وعما اذا كانت القمة لا تتأثر بالضغوط الاميركية، اوضح قائلاً: «هل يعني اننا سنعرض القرارات على اميركا قبل اصدارها؟».

وقيل له: وصفت الوضع بأنه سيئ جداً جداً جداً. فرد بالقول: «اضيف الآن «جداً» رابعة، وهذا سبب الدعوة لانعقاد القمة».

وبعد انتهاء محادثاته مع الوزير حمود في الخارجية اللبنانية قال موسى: «سنستمر في الاعداد للقمة لانه موضوع مهم جداً، ونعد له موضوعياً واجرائياً ولوجستياً، وتناولنا الاوضاع في المنطقة، والعالم العربي».

ورداً على سؤال حول الاتهامات الاميركية لـ «حزب الله» بالارهاب، وعما اذا كانت القمة العربية ستتخذ موقفاً داعماً للمقاومة التي يمثلها الحزب، قال: «لم نضع جدول الاعمال في صورته النهائية وانما مثل هذه المناقشات سوف تجري بالتأكيد، ونحن غير ملزمين بتعريف اي دبلوماسية اجنبية لأي جهة عربية، لنا رأينا في هذا، وهذا جزء من موضوعات اكبر، وان ما يحصل في المنطقة العربية ووضعها المستقبلي والاحتلال الاسرائيلي كل هذا مطروح».

ورفض موسى الرد على سؤال عن احتمال تأجيل انعقاد القمة وقال: «هذا السؤال لا اقبله» وخاطب السائل قائلاً: «لا نعتبر المسألة شخصية لان الحديث عن تأجيل القمة خطأ كبير جداً».

وعما اذا كان تنفيذ التهديدات الاميركية ضد العراق سيؤثر على انعقاد القمة، قال: «هذا يؤثر على المنطقة كلها بازدياد التوتر واشتعال الغضب. واذا حصل اعتداء على اي دولة عربية فسيخلق وضعاً جديداً في المنطقة كلها».

وبعد اجتماعه مع الحريري كرر الصحافيون سؤاله عما يتردد حول تأجيل القمة فقال: «لا تعليق لي على ذلك. انني غير مهتم بذلك ولا آخذه بجدية».

ورداً على سؤال عما اذا كان عرفات سيحضر القمة ومن يضمن عودته الى رام الله قال: «ارجو ان يحضر، اما العودة فأمر نتحدث فيه بعد اسبوعين او ثلاثة».

وقيل له ان حديثاً يدور عن كلمة سر اميركية بشأن القمة، فاجاب متسائلاً: «هل الادارة الاميركية هي التي تقرر عقد القمة او ترسل كلمة سر او لا ترسلها. الحقيقة ان هذا الكلام لا اساس له، والقمة ستعقد في بيروت وفي موعدها».

وبعد المحادثات غادر موسى عائداً الى القاهرة.