توافق روسي ـ فرنسي على معارضة «التوجه الأميركي الأحادي» حيال العراق

TT

في مواجهة ما يبدو انه رغبة اميركية للقيام بعملية عسكرية ضد العراق، اخذ بالظهور «محور» روسي ـ فرنسي يعارض هذا التوجه «الاحادي» الاميركي ويطالب بالتعامل مع بغداد عبر قرارات مجلس الامن ذات الصلة.

ظهر هذا المحور امس اثناء الاجتماع الذي ضم وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ونظيره الروسي ايغور ايفانوف في العاصمة الفرنسية. فقد وصف الوزير الفرنسي مواقف باريس وموسكو بانها «متقاربة جدا» فيما اكد ايفانوف ان روسيا وفرنسا ستكثفان اتصالاتهما الثنائية وتعاونهما داخل مجلس الامن حول المسألة العراقية.

وفي المؤتمر الصحافي الذي اعقب اجتماع امس، ركز الوزيران على ثلاثة عناصر متكاملة: رفض التصرف الاحادي (الاميركي) ازاء بغداد، الاصرار على عودة المفتشين الدوليين الى العراق من اجل العمل بكل حرية وضرورة توفير «أفق سياسي» للعراق بحيث يتم رفع العقوبات الدولية المفروضة عليه عقب التأكد من خلوه من اسلحة الدمار الشامل.

واعلن الوزير الروسي انه «لا يمكن القيام بأي عمل (ضد العراق) الا في اطار قرارات الامم المتحدة»، مضيفا ان اية مبادرة عسكرية «لا يمكن الا ان تزيد من تدهور الوضع في العراق وفي المنطقة ككل».

ومن هذا المنطلق المعارض لعمل عسكري، اعلن ايفانوف ان «الخروج من الطريق المسدود يتم عبر ايجاد تسوية سياسية» وصفها بانها الطريق الوحيد من وجهة نظر روسيا وفرنسا، «من اجل ضمان الاستقرار في المنطقة».

واكد الوزير الروسي على ان عودة المفتشين الدوليين ورفع العقوبات وتنفيذ القرارات الدولية «عناصر لرزمة واحدة» يجب ان تنفذ كلها، وهو ما يميل باتجاه الموقف العراقي. وشدد ايفانوف على ضرورة «قيام حوار بناء» بين العراق والامين العام للامم المتحدة.

غير انه توقع ان يكون هذا الحوار السياسي «صعبا للغاية». لكنه اعتبر، مع ذلك ان لا بديل عنه للوصول الى اي نتيجة.

واللافت ان ايفانوف شدد على رفع العقوبات «مباشرة» بعد ان ترفع اللجنة الخاصة بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية تقريرا يفيد بخلوه منها.

وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول ما اذا كانت فرنسا وروسيا مستعدتين للتصدي للولايات المتحدة في مجلس الامن، قال الوزير الفرنسي: «نحن لم نصل بعد الى هذه المرحلة. ومن اجل تفادي هذه التساؤلات، فان الحل الافضل هو ان يقبل العراق اخيرا بتنفيذ كل قرارات مجلس الامن وهذا ما كان عليه قبوله منذ سنوات».

ووفق مصدر فرنسي رفيع جدا، فانه «يجب الا يعطى العراق اي امل بامكانية اللعب على انقسامات وخلافات مجلس الامن الدولي وتحديدا الاعضاء الدائمين فيه».

وبموجب هذا المنطق، فان الاعلان عن اي استعداد لمواجهة التحرك الاميركي سيدفع العراق للتمسك بمواقفه.

والى جانب المسألة العراقية، تناول الوزيران الوضع في الاراضي الفلسطينية والنزاع الفلسطيني الاسرائيلي وأصدرا، عقب محادثاتهما، بيانا مشتركا اعربا فيه عن «قلقهما العميق» لتدهور الوضع.

ودعا البيان المشترك اسرائيل والفلسطينيين الى «التنفيذ الفوري ومن غير اية شروط مسبقة لتدابير اعادة الثقة الهادفة، في الوقت عينه، الى وقف العنف واطلاق المفاوضات»، في ما يبدو انه انتقاد لشروط شارون حول عودة الهدوء التام قبل العودة الى المفاوضات.

ودعا البيان كذلك السلطة الفلسطينية الى القيام «بكل ما تستطيعه» من اجل تفكيك «الشبكات الارهابية وملاحقة وتوقيف القائمين بها». وبالمقابل دعا اسرائيل الى رفع الحصار عن الفلسطينيين من اي نوع كان واعادة حرية الحركة للرئيس عرفات.

وذكرت فرنسا وروسيا بالتزامهما بحل شامل للنزاع في الشرق الأوسط على قاعدة القرارين 242 و338 وعلى مبادئ مدريد والارض مقابل السلام. وشدد البيان على ان اية تسوية يجب ان تقوم على سلام يضمن امن كل الدول والشعوب في المنطقة وعلى اعادة اسرائيل للاراضي التي تحتلها وعلى تمتع الفلسطينيين بدولة قابلة للحياة وذات سيادة.