الشرطة المغربية تعتقل قاتل الصحافي الإسباني وشريكا له

جثمان الصحافي يوارى الثرى اليوم في قريته بمحافظة سرقسطة الإسبانية

TT

في قرية إسبانية صغيرة تسمى تورالبادو ريبوتا تقع على بعد 10 كيلومترات من مدينة كالاتايود في إقليم سرقسطة الاسباني، يوراى اليوم جثمان خوسي لويس برسبال الصحافي الإسباني الذي وجد مقتولا بطعنات سكين ليلة الإثنين ـ الثلاثاء الماضي في منزله بالرباط.

وفي رحلة حزينة بين الدار البيضاء ومدريد، نقل أمس أفراد من عائلة وأصدقاء الصحافي الإسباني جثته بعد ساعة واحدة من اشراف الشرطة المغربية على عملية تمثيل الجريمة من طرف القاتل (خالد. ب) وعمره اقل من 20 سنة، وشريكه (هـ. ز) وعمره يقل عن 25 سنة، في منزل الضحية، بحضور صحافيين ومراسلين من مختلف وسائل الإعلام الإسبانية. وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» قال مسؤول مغربي بارز إن السلطات المغربية عبأت كل إمكانياتها في وقت قياسي للكشف عن ملابسات الجريمة وإلقاء القبض على مرتكبيها، مبرزا أن الحادث يدخل في نطاق جرائم الحق العام وليس له أي طابع آخر.

وكان المسؤول المغربي يعقب على بعض التأويلات المتسرعة للحادث من قبل بعض وسائل الإعلام الاسبانية التي حاولت ربط الحادث بأوضاع العلاقات المتوترة.

وفي غضون ذلك صدر أمس في الرباط بيان للمراسلين الإسبان المعتمدين في المغرب يؤكد الطابع الشخصي «للجريمة »الدنيئة»، رافضا في نفس الوقت إعطاء الحادث أي طابع آخر. وأشاد بيان المراسلين الإسبان «بخصال زميلهم الضحية، الذي كان محل تقدير من قبل زملائه الإسبان والمغاربة».

وأعرب البيان عن امل المراسلين الإسبان في أن «لا يقع توظيف هذه الجريمة النكراء للإساءة الى علاقات البلدين التي تجتاز مرحلة صعبة». وقال البيان «إن أفضل تكريم لذكرى الصحافي الضحية، هو أن يتوصل البلدان لطي صفحة الماضي واستئناف طريق التعاون معا بين المغاربة والإسبان».

وفي تفسيره لظروف الحادث، وصفه البقالي القاسمي المختاري محافظ الشرطة في العاصمة المغربية لـ«الشرق الأوسط» بأنه «جريمة عادية من جرائم الحق العام»، لكنه لاحظ أن «صفة الضحية أضفت طابعا خاصا على هذه الجريمة التي أعتبرها جريمة حق عام وليست لها أية صبعة سياسية لا من بعيد أو من قريب، وذلك خلافا لما ذهبت إليه بعض الجهات التي أرادت أن تعطي للحادث اتجاها معينا».

وقال المختاري إنه «منذ اكتشاف الجريمة اتخذت كافة التدابير من قبل السلطات المغربية وتمت تعبئة مصالح الشرطة، وتوظيف المعطيات وتفاصيلها المختلفة المتعلقة بالمعاينات بكافة مراحلها، وكذلك علاقات الضحية المتعددة والكثيرة، وتمت الإفادة منها بشكل جيد، وهو ما قاد إلى النتيجة الحالية المتمثلة في إلقاء القبض على مرتكبي الجريمة، وقد تحقق ذلك في وقت قياسي وغير مسبوق. وتفيد التحقيقات أنه كان يعرف الضحية وقدم معه إلى منزله مساء يوم الإثنين الماضي في حدود الساعة السابعة مساء، ولكن شجارا نشب بينهما جعل القاتل ينفعل ويوجه طعنة سكين قاتلة في الصدر. ورغم أن محافظ الشرطة في الرباط تحفظ عن إعطاء تفاصيل حول دوافع عملية القتل قائلا «لا يمكن تحديد الدوافع الأساسية للجريمة في هذه المرحلة من البحث الذي لا يزال في طوره التمهيدي» وذلك إلى حين الكشف عن التهم الموجهة رسميا من قبل العدالة، فإن اعتقال المتهم الثاني (هـ. ز)، كشف أنه كان شريكا للمتهم الأول، لكن دوره كان مقتصرا على عملية سرقة أمتعة خاصة بالصحافي القتيل، ويتعلق الأمر بأجهزة إلكترونية وأجهزة هاتف وآلة موسيقية (قيثارة) كان يعزف عليها خوسي لويس خلال أوقات الاسترخاء في منزله الذي يعيش فيه وحيدا منذ 10 سنوات. والمنزل عبارة عن شاليه صغير يقع في شارع شالة الذي يتوسط العاصمة المغربية.

ومن المقرر أن يقدم المتهمان للمحاكمة بعد انتهاء مراحل التحقيق التي تقوم بها الشرطة القضائية في الرباط، ويحدد القانون مدة 48 ساعة كأجل قانوني لتقديم المتهم للمحاكمة.

وكان مقتل الصحافي الاسباني قد اكتشف مساء يوم الثلاثاء الماضي من قبل أحد أصدقائه الصحافيين الاسبان.

وتم القاء القبض على مرتكب الجريمة بعد مرور 49 ساعة على حدوثها. وعندما كان الجاني وهو شاب في مقتبل العمر، يقيم في حي العكاري الشعبي في الرباط، يقوم بعملية تمثيل الجريمة، بدت على وجهه ملامح التأثر والندم الشديد، ولم يتمالك نفسه وهو يقدم تفاصيل جريمته إذ سرعان ما أجهش باكيا، بينما كان شريكه الذي سرق الأمتعه يصرخ في وجهه قائلا «إنني لا أعرف الضحية، إنني لا أعرفه». وأضاف شريك القاتل باكيا «لقد كانت أمي في حالة مرض شديد وكنت محتاجا لبيع الأمتعة المسروقة لمعالجتها».

وحضرعملية تمثيل الجريمة كبار المسؤولين الامنيين المغاربة، الذين تقدمهم حفيظ بنهاشم المدير العام للأمن الوطني.

وحرص الطرفان في الرباط ومدريد، على إبعاد ملاسبات هذا الحادث عن مسار العلاقات السياسية.

الى ذلك، قال والد الصحافي القتيل لـ«الشرق الأوسط» بعبارات مليئة بالتأثر والحزن: «لقد كنت أستعد للاحتفال بذكرى ميلادي وكنت أنتظر حضور ابني خوسي إلى جانب شقيقه الأصغر خوليو، وذلك للاحتفال معا وفي نفس الوقت بنجاة والدتهما من حادث سير مريع لم تمض على وقوعه بضعة أسابيع».