تفجير «ميركافا 3» في غزة يصعق قيادة جيش الاحتلال فترد بهستيريا

الجيش الإسرائيلي رد بعمليات تدمير عمياء لبيوت الفلسطينيين وجرف للأراضي الزراعية

TT

لم تستطع القيادتان العسكرية والسياسية في اسرائيل اخفاء شعورها بالصعقة التي اصابتها جراء العملية الفدائية الفلسطينية الجريئة في منطقة محتلة من قطاع غزة. واعترفتا بأنها عملية خارقة الحنكة والذكاء. وردت عليها، طوال يوم امس، بعمليات تدمير عمياء، للبيوت وجرف للاراضي.

وراح الاسرائيليون يتحدثون عن نقل النموذج اللبناني للمقاومة الى فلسطين، بمختلف مستوياته، الا ان المراقبين يؤكدون ان هذه اول مرة يتم فيها تدمير دبابة من هذا الطراز «ميركافا سايمن 3» التي تعتبر الاكثر تطورا وحداثة وحماية في العالم.

وكانت العملية قد وقعت في التاسعة من الليلة قبل الماضية حسب التوقيت المحلي في كمين محكم نصبه الفدائيون على طريق معبر كارين ـ نتساريم شرق غزة.

ويدل الكمين على ان الفدائيين زودوا بمعلومات دقيقة عن تحركات الجيش الاسرائيلي في المنطقة.

ففي البداية بدا ان العملية موجهة الى حافلة تنقل المستوطنين الى مستوطناتهم في وسط قطاع غزة، جنوب مخيم اللاجئين الفلسطينيين جباليا. ومع ان الحافلة تسير وسط قافلة عسكرية، تتقدمها سيارة جيب محملة بالجنود وتتبعها سيارة اخرى مشابهة، تمكن الفدائيون من تفعيل عبوة ناسفة صغيرة الحجم. فهربت الحافلة على الفور، بينما نزل الجنود من السيارتين وراحوا يطلقون الرصاص باتجاه الفدائيين، الذين امطروهم بالرصاص. وفي هذه الاثناء لم تكن قد وقعت اصابات. فتقدمت الدبابة، بهدف تصفية الفدائيين. وفي لحظة اقترابها تم تفعيل العبوة الناسفة الضخمة، التي يقدر وزنها بـ100 كليوغرام، فانفجرت. واذا بالدبابة، التي لا يقوى احد على تفجيرها، تنقسم الى 3 أقسام: فطار برجها لمسافة عشرات الامتار وانقلب، وانشطرت القاعدة الى نصفين، وشب حريق هائل وسمعت اصوات انفجارات. وقتل على الفور ثلاثة من الجنود الخمسة في داخلها، بينما اصيب واحد بجروح بسيطة، ونجا الخامس الذي بقي في بيت الرأس.

وادخلت هذه العملية الجيش وقادته في حالة هلع هستيرية. ويبدو انهم فكروا، بداية، في اخفاء ما حدث. اذ عندما حاول مراسل التلفزيون الاسرائيلي التجاري (القناة الثانية) دخول المنطقة منعوه، فطلب ان يظهروا له امرا باغلاق المنطقة، فقالوا: لا توجد اوامر. لذلك قرر متابعة التقدم بسيارته، فأطلقوا عليه الرصاص واصابوه بجرحين.

والتأمت القيادات العسكرية والسياسية، وظلت حائرة في ما تفعل، فهل تبحث في الرد على هذه العملية على الفور ام في فحص ما جرى للدبابة، او في دراسة اسباب نجاح عملية جريئة كهذه. وتم توجيه اسئلة قاسية للقيادة حول الفشل واسبابه، وان كان هناك اهمال ام لا. وخرجت وسائل الاعلام الاسرائيلية بأسئلة صعبة للقيادة، حول جدوى هذه الحرب ومغزى لبننتها (اي نقل النموذج اللبناني اليها).

ثم قررت القيادة الرد على العملية بعملية اعنف وأشد، خصوصا بعد ان اعلنت المسؤولية عنها، لجان المقاومة الشعبية و«كتائب صلاح الدين»، التي تضم الفصائل الرئيسية في منظمة التحرير (فتح والجبهتان «الشعبية» و«الديمقراطية» لتحرير فلسطين)، اضافة الى حركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي».

واعلن وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، ان هذه العملية تفتح ابوابا جديدا في الحرب، تستدعي ردا اسرائيليا بمستوى اعلى. وقال وزير الخارجية، شيمعون بيريس، ان العملية تخلق اشكالات جديدة لدى الفلسطينيين والاسرائيليين. لكنهما اكدا انهما يواصلان البحث عن حل سياسي يمنع المزيد من التوتر ويعيد الطرفين الى طاولة المفاوضات.

وتوغلت قوات الاحتلال في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وهي البلدة التي انسحبت منها اول من امس بعد ان احتلتها لأكثر من 24 ساعة، ارتكبت خلالها فظائع ضد ممتلكات المواطنين.

يذكر ان وزير الخارجية الالماني، يوشكا فيشر، كان في مستهل زيارته الى اسرائيل وقت وقوع العملية. وحاول الاسرائيليون ان يشرحوا له خطورة هذه «العملية الارهابية». لكن احد مرافقيه صرح بأن هذه عملية عسكرية تدل على ان لا حدود للتدهور الحربي، وان الافضل هو الجنوح الى المفاوضات السلمية.