مصر تشيع اليوم ضحايا حادث قطار الموت وبرلمانيون يطالبون بإقالة حكومة عبيد

مصادر في شركة السكك الحديدية تشير إلى احتمال ارتفاع عدد الضحايا إلى ألف شخص وردود الفعل الحادة تتواصل

TT

تشيع مصر اليوم من مشرحة زينهم بالقاهرة في جنازة جماعية جثث الضحايا الذين لم يتم التعرف على هويتهم في حادث قطار الصعيد ليدفنوا جميعا في مقبرة كبيرة خصصتها محافظة القاهرة بمقابر التونسي.

وكان مقررا ان تشيع جنازة هؤلاء الضحايا والبالغ عددهم حتى الآن 175 شخصاً امس لكن تقرر تأجيل الجنازة الى عصر اليوم لاتاحة اكبر فرصة أمام اهالي الضحايا للتعرف على جثث ذويهم. وصرح المستشار فاروق عوض مساعد وزير العدل بأنه حتى الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر امس تم التعرف على هوية 200 جثة من الضحايا وتم تسليمها الى ذويها وهناك جثث عديدة مجهولة الهوية يصعب التعرف عليها بسبب تفحمها الشديد.

كما شهدت القرى التي فقدت ابناءها في قطار الموت مواكب مهيبة للعزاء خاصة في محافظات اسيوط والمنيا وسوهاج واسوان وقنا. أما في القاهرة، فقد طال انتظار أهالي الضحايا في مشرحة زينهم ما بين أخطاء في الأسماء وتعرف على المفقودين وعدم تعرف على المتفحمين وصراخ وعويل على من تعرفوا على جثث ذويهم وصمت مليء بالترقب والحيرة لمن ينتظرون دورهم في البحث بين ضحايا القطار المنكوب عن أي شيء يقودهم للتعرف على فقيدهم، وان كان البعض يرى ان ضحايا القطار من المفترض ان يصل على أقل تقدير الى 500 مواطن بدلا من الرقم الذي أعلن نتيجة لتفحم بعض الجثث التي تحولت الى رماد وهو ما يصعب عملية حصر الضحايا بدقة.

وعلى صعيد الشارع المصري تواصلت ردود أفعال الشعب المصري الغاضبة على ما حدث في قطار الموت ويرجعون الحادث الى تدني مستوى الخدمات وانعدام الرقابة بهيئة السكك الحديدية وعدم وجود أجهزة أمان توفر رؤية خلفية القطار ومعرفة ما يدور فيه.

وانطلقت ردود فعل حادة من أعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، حيث طالب عدد كبير من النواب باستقالة الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء مؤكدين أن استقالتي ابراهيم الدميري وزير النقل والمهندس احمد شريف رئيس هيئة السكك الحديدية لا تكفيان، وأشار الأعضاء الى ان المحاكمة البرلمانية التي ستواجهها حكومة الدكتور عاطف عبيد في جلسة السبت المقبل ستكون بقوة الحدث وحجم الجريمة البشعة التي أودت بحياة مئات المواطنين.

ورغم هذا الهجوم الذي يواجهه عبيد، إلا انه أعلن عن اجتماعات وزارية بدءا من الثلاثاء المقبل لتحديد احتياجات السكة الحديد من تحكم آلي ووسائل اتصالات وأجهزة الاطفاء الحديثة داخل القطارات وتعيين رجل أمن لكل عربة والتأمين على الركاب وتسجيل اسمائهم في قوائم معروفة، اضافة الى احلال وتجديد العربات القديمة وتطوير أنظمة التشغيل وتدريب العاملين على مواجهة الأزمات. كما اكد عبيد مجددا انه لا تهاون مع مقصر أو مهمل في أداء الواجب.

وعلمت "الشرق الاوسط" ان رئيس الحكومة استقبل الدكتور عصام شرف وهو استاذ التخطيط بهندسة القاهرة وهو المرشح وزيرا للنقل بعد استقالة الدميري. والدكتور عصام شرف كان يشغل منصب مستشار وزير النقل.

وأصدر عبيد أمس قرارا بتعيين المهندس عيد عبد القادر متولي رئيسا لهيئة السكك الحديدية، وهو خريج هندسة شبين الكوم قسم ميكانيكا قوى عام 1971 وتدرج في كافة المواقع بالهيئة من مهندس صغير حتى مدير هيئة للمنطقة المركزية وأخيرا كان نائبا لرئيس الهيئة للشؤون الفنية.

وقالت مصادر برلمانية ان عدد تساؤلات النواب للحكومة تجاوزت المائة حتى بدء اجازة عيد الأضحى وهو ما يؤكد صعوبة المواجهة ما بين الحكومة ونواب البرلمان حول هذا الحادث، وأعرب البرلمانيون عن ارتياحهم للبيان الذي ألقاه الرئيس مبارك ينعي فيه ضحايا الحادث الأليم، وقالوا ان هذا البيان أعاد الهدوء الى الشارع المصري الثائر ضد الحكومة التي حملت المسؤولية كاملة عن الحادث والاهمال الذي أدى إليه وانعدام التعامل الآدمي مع ركاب القطارات للدرجتين الثانية والثالثة.

وقال برلماني مصري رفض ذكر اسمه ويشغل موقعاً قيادياً داخل وزارة النقل ان ضحايا الحادث قد يتجاوزون الألف ضحية، مشيرا من واقع خبرته إلى إن العربة الواحدة من هذه القطارات وبسبب ازدحام الركاب لاجازة العيد لا تحمل أقل من 400 راكب أي ان العربات السبع المحترقة كانت تضم 2800 راكب، ووصف ما حدث من الحريق بأنه «معجنة» بشرية راح ضحيتها الكثيرون.

واضاف ان هذا الحادث يجب ان يخرج منه الجميع بدروس مستفادة خاصة انه من الصعب استمرار أسلوب ادارة السكك الحديدية بهذا الشكل الذي وصفه بالوضع غير الجيد.

على جانب آخر قال برلمانيون معارضون خاصة من مجموعة نواب الاخوان المسلمين انهم سيتقدمون بطلب عاجل الى البرلمان في أول جلسة قادمة بإحالة الدكتور الدميري ورئيس هيئة السكك الحديدية الى المحاكمة الجنائية لمسؤوليتهم المباشرة عن الحادث الذي وقع نتيجة تهاون واسترخاء الأجهزة المعنية، وان استقالته لا تعني اغلاق ملف اتهاماته، وان ما ارتكبه هو ورئيس الهيئة لا يقل جرما عن جرائم وزير سابق احيل الى المحاكمة حاليا.

من ناحية أخرى، قال الرئيس الجديد لهيئة السكك الحديدية المهندس عيد عبد القادر متولي في أول تصريح له ان الظروف التي يعيش فيها مرفق السكة الحديد أصعب من الصعوبة وان قلة الامكانيات وان كان ليس لها علاقة بحادث القطار تمثل عائقا حادا ومشكلة خطيرة لصيانة وتطوير الورش، مؤكدا ان دعم المرفق ماديا وفنيا أصبح طلبا ملحا حتى لا تتوقف الورشة عن العمل وحتى تستطيع تلبية متطلباتها، ووصف الحادث بأنه مأساة فظيعة بكل معانيها.

وحول وقوع حريق صغير بإحدى عربات قطار أبو كبير أمس قال ان الحادث ليس له علاقة بماس كهربائي أو غيره مما قيل من أسباب في حادث الصعيد لان هذا القطار لم يكن قد تحرك بعد أو تم توصيل كهرباء له، وأشار الى وجود أنواع من الاهمال في السكة الحديد وهناك أدوار تحتاج الى تنشيط وفي مقدمتها شرطة النقل والمواصلات، مشيرا الى انه لا يعقل أبدا ان نترك مواقد الغاز والأطباق والأواني تصعد للقطارات بهذه الصورة.