كرزاي في نيودلهي بعد أن وقع في طهران اتفاقا سياسيا مع خاتمي حول التعاون الأفغاني ـ الإيراني يتضمن مكافحة الإرهاب والمخدرات

الرئيس الإيراني: بعض المسؤولين الأميركيين ينقصهم النضوج والواقعية وتصريحاتهم لن تؤثر على علاقاتنا مع أشقائنا في أفغانستان

TT

وصل حميد كرزاي رئيس الحكومة الافغانية المؤقتة امس الى نيودلهي قادما من طهران في مسعى لكسب تأييد قادة الهند السياسيين ورجال اعمالها لاعمار بلاده التي عصفت بها سنوات من الحروب. ويرأس كرزاي وفدا سياسيا واقتصاديا يضم 30 فردا من بينهم 15 وزيرا. ويلتقي رئيس الحكومة الافغانية المؤقتة خلال زيارته للهند التي تستمر يومين، برجال اعمال واتال بيهاري فاجبايي رئيس الوزراء والرئيس الهندي كوتشيريل رامان نارايانان ووزير الخارجية جاسوانت سينغ وايضا وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي يصل الى الهند اليوم.

وساندت الهند تحالف الشمال ضد حركة طالبان الحاكمة السابقة والذي يشكل الان القوة الرئيسية في الحكومة الافغانية المؤقتة بينما كانت جارتها اللدود باكستان تؤيد طالبان وان تغير موقفها بعد الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (ايلول). وتعهدت الهند التي تربطها روابط تاريخية وثقافية عميقة مع افغانستان وتستضيف 30 الف لاجئ افغاني بتقديم مائة مليون دولار لجارتها الفقيرة التي دمرتها سنوات متواصلة من الحروب. ولعدد من الوزراء الافغان اسر في الهند، اما كرزاي، وكان زعيما قبليا غير معروف قبل ان يصعد نجمه فجأة ويرأس الحكومة المؤقتة، فقد درس في جامعة هندية ببلدة شيملا الجبلية قبل 20 عاما. وبرزت العلاقات الهندية ـ الافغانية الوثيقة الشهر الماضي حين قامت شركة الخطوط الجوية الافغانية بأول رحلة لها بعد رفع الحظر الجوي الذي كانت الامم المتحدة تفرضه على البلاد وكانت الرحلة بين كابل ونيودلهي.

ولدى مغادرته طهران، قال كرزاي للصحافيين ان محادثاته مع المسؤولين الايرانيين كانت مفيدة ومثمرة جدا». وخلال زيارته الاولى من نوعها منذ تسلمه مهامه في 22 ديسمبر (كانون الاول) الماضي التقى كرزاي مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي والرئيس محمد خاتمي ووزير الخارجية كمال خرازي. وقد نفى خلال زيارته ان تكون ايران تتدخل في شؤون افغانستان كما اتهمها بعض المسؤولين الاميركيين. كما وقع مع الرئيس خاتمي صباح امس اتفاقا سياسيا ينص على ان «ايران وافغانستان تتعهدان بمكافحة مشتركة ضد الارهاب».

وجاء في نص الاتفاق ان البلدين يذكران بمبدأ «عدم التدخل في الشؤون الداخلية» للبلد الاخر، ويؤكدان «احترامهما المتبادل» وتمسكهما «باحترام وحدة اراضي البلد الاخر واستقلاله». كما يتعهد البلدان بموجب الاتفاق مكافحة «انتاج وتهريب المخدرات» وينشئان للمرة الاولى لجنة اقتصادية مشتركة ايرانية ـ افغانية، هذا الى جانب تشكيل لجنة اخرى مكلفة درس اعادة اعمار شبكة الطرق في افغانستان. كما وقع الوزراء الايرانيون والافغان المعنيون اربعة اتفاقات للتعاون في مجالات الثقافة والتربية والتجارة والزراعة والتنمية الريفية.

من جهة اخرى، اعتبر خاتمي ان «بعض المسؤولين الاميركيين» تنقصهم «الواقعية والنضج» وخصوصا في مقاربتهم المتعلقة بعلاقاتهم مع ايران. واعلن خاتمي اثناء توقيع الاتفاق مع كرزاي ان «العداوة الاميركية حيال ايران ليست امرا جديدا». واضاف «لكن الطريقة التي استخدمت للتعبير عنها اخيرا تظهر فقدان الواقعية والنضج لدى بعض المسؤولين الاميركيين». وكان الرئيس الايراني يشير بوضوح الى تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش الاخيرة التي اتهم فيها ايران والعراق وكوريا الشمالية بانها تشكل ما سماه «محور الشر». وقال خاتمي «ان سياستنا مبنية على الانفراج. ان اخر موقف اميركي حيال ايران خاطئ، ومن الواضح انه لن يكون له اي تأثير على علاقاتنا مع الدول الاخرى وخصوصا مع اصدقائنا واشقائنا مثل (دولة) افغانستان». وقال الرئيس الايراني ايضا «بالنسبة لهذا البلد، نفكر بالسلام الذي يجب ان يعود (...) وان واجبنا الديني والوطني والاخوي هو تعزيز ودعم حكومة كابل». واعرب عن امله في ان «تعي (الولايات المتحدة الامور) والا تضحي بمصالحها الخاصة». واضاف ان «ايران ليست معنية البتة بكل هذا»، مشيرا الى اتهامات واشنطن لطهران بالتدخل في الشؤون الافغانية. وقال ان «الجميع يعرفون ان لايران دورا لا يمكن انكاره في افغانستان». واضاف «اننا سنشارك مباشرة في اعادة اعمار افغانستان وتقديم المساعدة الى اي بلد يريد اعادة اعمار افغانستان». وفي العاشر من الشهر الماضي حذر الرئيس بوش ايران من مغبة اي محاولة لزعزعة الوضع في افغانستان. ومطلع الشهر الحالي ندد وزير الخارجية الاميركي كولن باول بـ«الدور السلبي الذي لعبته بعض اطراف السلطة (الايرانية) التي تحاول التأثير على الاحداث والسلطات في غرب افغانستان».

من جهته، اعرب كرزاي عن امله في الا يمنع الخلاف بين واشنطن وطهران البلدين من الاسهام في اعمار بلاده التي عصفت بها سنوات من الحرب، وقال «لا تداعيات للموقف بين الولايات المتحدة وايران على العلاقات الايرانية ـ الافغانية، نأمل ان تساعد كل الدول افغانستان والا تحول المشاكل الدبلوماسية بين البلدين (اميركا وايران) دون مساعدتهما افغانستان». وصرح كرزاي ايضا بانه بحث مع المسؤولين الايرانيين خلال زيارته التي استمرت يومين وضع مليوني لاجئ افغاني في ايران. وقال «لكننا لم نتطرق الى اي شخص بعينه» في اشارة في ما يبدو الى قلب الدين حكمتيار زعيم المجاهدين الافغان السابق الذي يعيش في ايران في المنفى منذ ان جاءت طالبان الى الحكم عام .1996 ويعارض حكمتيار حكومة كرزاي ويصفها بانها حكومة عميلة، واعلن ان مقاتليه في افغانستان مستعدون للقتال من اجل اخراج القوات الاجنبية. وفي السياق نفسه، اكد كرزاي ان القوة الدولية للمساعدة على احلال الامن في افغانستان (ايساف) ستغادر البلاد حال عودة الهدوء اليها. وقال «حال عودة الهدوء، فان قوات حفظ السلام الاجنبية ستغادر البلاد». واضاف «يجري الاعداد لجيش وطني افغاني منذ عدة ايام».