جمهورية التشيك تحاول جاهدة الحؤول دون مزيد من تسرب «سمتكس» أشهر مادة تفجير إلى الإرهابيين

العالم التشيكي بريبيرا قلق لوصول اختراعه «سمتكس» إلى الإرهابيين

TT

قضى العالم التشيكي ستانيسلاف بريبيرا العديد من وقته لتطوير «سمتكس» التي تعد افضل مادة تفجيرية بلاستيكية في العالم. وقد صممت هذه المادة عام 1966 لازالة الالغام وتطوير الاجراءات الأمنية الصناعية. ولكونها عديمة الرائحة، فانه يستحيل اكتشافها من قبل الكلاب المدربة او اجهزة الرقابة في المطارات، لكنها بعد ان غادرت مختبر بريبيرا عام 1968، تحولت الى افضل سلاح يستخدمه الارهابيون في العالم. ومنذ اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي في الولايات المتحدة، بدأت جمهورية التشيك وحلفاؤها الجدد في حلف شمال الاطلسي يعربون عن قلقهم ازاء الانتاج والبيع المستمر لكوكتيل بريبيرا القاتل. وعلى مدى العقدين الماضيين، استخدم الارهابيون مادة «سمتكس» في العديد من الهجمات القاتلة، بما في ذلك عملية تفجير طائرة «بان آم» الاميركية فوق بلدة لوكربي الاسكوتلندية عام 1988، وعملية تفجير السفارة الاميركية في نيروبي عام .1998 ولم تعثر اي جهة بعد على طريقة عملية لمحاربة انتشار مادة «سمتكس»، فقررت جمهورية التشيك في الآونة الأخيرة بسط سيطرتها على «اكسبلوزيا» المصنع الذي ينتج المادة التفجيرية، على امل وقف الاستخدام السيئ لـ«سمتكس». لكن المحللين يشككون في أن تكون لهذه الخطوة نتائج ايجابية فعالة. وقالت جوناثون ستين، المحللة بـ«الوحدة الاستخباراتية الاقتصادية» في براغ، «لا أعتقد أن امتلاك (المصنع) سيكون هو الحل. ان ذلك لن يراقب ما سيحدث بعد ان تغادر (المادة) المصنع». وتتكون مادة «سمتكس» من مادتي «آر. دي. اكس» و«بيتن»، ويمكن تمريرها عبر أجهزة الرقابة في المطارات بسهولة تمرير اي قطعة بلاستيكية. وحسب مكتب المباحث الفيدرالي (اف.بي.آي)، فان فترة صلاحية «سمتكس» غير محدودة، وتعتقبر اقوى من المادة التفجيرية التقليدية «تي. ان. تي». واضافة الى ذلك، فانها متوفرة بسهولة في السوق السوداء. وقد صارت «سمتكس» سيئة السمعة حين تمكنت 12 اوقية فقط من المادة حشرت داخل شريط كاسيت من نوع «توشيبا»، من تفجير طائرة «بان آم» فوق لوكربي في ديسمبر (كانون الاول) 1998، ما أدى الى مقتل 270 شخصاً. وبعد سنة واحدة على الحادثة، حين انهاء النظام الشيوعي في التشيك، كشف الرئيس الجديد للبلاد فويسلاف هافل انه تم تصدير 900 طن من «سمتكس» الى ليبيا وألف طن الى دول اخرى مثل سورية وكوريا الشمالية والعراق وايران. ويعتقد خبراء ان كمية «سمتكس» المتوفرة حالياً في العالم تقارب 40 ألف طن. ويقول بريبيرا أنه بعد انتشار «سمتكس» بهذه الكميات الكبيرة في العالم، فان جمهورية التشيك لم تعد قادرة على مراقبة المادة. ويضيف بريبيرا «سمتكس» ليست اسوأ من اي مادة تفجيرية اخرى. المادة التفجيرية الاميركية «سي. 4» لا يمكن اكتشافها هي الاخرى عبر الاشعة في المطارات، الا أنهم لا يريدون ذكر ذلك. وبعد حادثة لوكربي، اضاف بريبيرا مكونات معدنية ورائحة محددة ليجعل من «سمتكس» مادة سهلة الاكتشاف. الا ان ذلك لم يمنع الارهابيين من استخدامها في تفجير السفارة الاميركية في نيروبي عام 1998، ولم يمنع المقاتلين الآيرلنديين من استخدامها في هجماتهم المستمرة. وكان «صاحب الحذاء المتفجر» البريطاني ريتشارد ريد قد اعتقل في ديسمبر (كانون الاول) الماضي وبحذائه مادة تفجيرية مصنوعة في المنزل، حينما كان على متن طائرة اميركية متجهة من باريس الى ميامي. وحسب شبكة «سي. ان. ان» الأميركية، فان ريد قد حصل على طريقة تصنيع المادة من تشيكي. ويقول بريبيرا انه صنع كوكتيلات تفجيرية مماثلة لتلك حين كان صبياً في الثلاثينات في الثلاثينات. وقال انه من حسن الحظ ان ريد لم يستخدم «سمتكس»، التي لم يكن بالامكان اكتشافها لو فعل ذلك. واضاف بريبيرا «حينما كنت في العاشرة من عمري صنعت قنابل صغيرة من المفاتيح والمسامير وغبار الكبريت، وبعد ذلك، صنعت متفجرات من مساحيق بيضاء». وتابع «يمكن فعل ذلك فقط عبر مزج عشب قاتل، المحظور حالياً لحسن الحظ، مع سكر مسحوق، وبذلك تتم صناعة متفجر رائع، لكنه خطير للغاية». وحين كان شاباٌ، ترك بريبيرا دراسة الادب التشيكي والروسي، والتحق بالاكاديمية التقنية التشيكية العالية في براغ لدراسة الكيمياء. وبعد تخرجه عام 1950، التحق بالجيش. واكتشف المسؤولون عنه مهاراته فارسلوه الى المعهد التقني العسكري. ويعيش بريبيرا اليوم حياة متواضعة، ولا يملك، بعد ان بلغ منه الشيب مبلغه، الا القليل، بل انه لا يملك حتى سيارة. ويدرس في جامعة باردوبيس ليحصل على دخل بسيط اضافة الى المعاش القليل الذي يأخذه. ويقول بريبيرا «انني قلق لأن سمتكس قد وصل الى اياد خاطئة. العالم يلوم اليوم بلادي ويلومني أنا شخصياً، لكنني لا استطيع وقفه». ويختتم قائلاً «صرت أعرف الآن انه اذا كنت تريد الاختراع، فانك تخاطر بأن شخصاً ما سيستخدم صناعتك لغاية لم تكن تقصدها».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»