الكشف عن شبكة تجسس في لبنان زودت إسرائيل بمعلومات عن الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة

«الموساد» كلفها مراقبة تعامل مصارف مع جهات مدرجة على لوائح الإرهابيين

TT

اعلنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني عن كشف وتوقيف شبكة تجسس لبنانية، تعمل مع جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) منذ العام 1993 وتزوده بمعلومات عن تحركات الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة اللبنانية ومراكزهم وبعض الشخصيات السياسية اللبنانية بينهم امين عام «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله. ووصف مصدر مطلع على التحقيقات الاولية مع افراد الشبكة، وهم عماد حسين الرز مدير محاسبة في احد مستشفيات بيروت، ومحمد عبد العزيز ابي ملحم وهو نائب سابق لمدير احد المصارف، ورضوان خليل الحاج وهو تاجر، انها من الخطورة بمكان اذ تتمتع بدرجة عالية من الاحتراف وتمارس التجسس العسكري والتجسس الاقتصادي. ولفت الى ان افراد الشبكة لا يعرفون بعضهم بعضاً، كما ان اللقاءات معهم ، التي كانت تتم فرادى في عدد من السفارات الاسرائيلية في الخارج وليس في اماكن عامة، تدل على مدى ما بلغته العلاقة بينهم وبين الجانب الاسرائيلي خصوصاً وان الواحد منهم كان يتقاضى مبلغاً يتراوح بين 50 و 100 الف دولار عن المعلومة الواحدة.

وكانت قيادة الجيش اللبناني ـ مديرية التوجيه قد اصدرت امس البيان التالي: «تمكنت مديرية المخابرات في الجيش بعد سلسلة تحريات وتحقيقات من كشف وتوقيف شبكة تجسس لصالح العدو الاسرائيلي تضم عماد حسين الرز (45 سنة مدير في احد مستشفيات بيروت)، ومحمد عبد العزيز ابي ملحم (45 سنة ـ كان في السابق نائباً لمدير احد المصارف)، ورضوان خليل الحاج (38 سنة ـ تاجر). وقد اعترف افراد الشبكة بالعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية منذ العام 1993 وحتى تاريخه، وزودوا العدو بمعلومات عن تحركات ومراكز للجيشين اللبناني والعربي السوري ونشاطات المقاومة وبعض الشخصيات السياسية اللبنانية، وعن مؤسسات اقتصادية ومصرفية وسياحية وحركتها الاقتصادية، وكانوا يسلمون المعلومات لضباط من المخابرات الاسرائيلية يلتقونهم بناء على تخطيط مسبق في عدد من السفارات الاسرائيلية في بعض العواصم الاوروبية».

وذكر البيان «ان افراد الشبكة قاموا بتجنيد اشخاص للعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية وتأمين لقاءات لهم خارج لبنان مع الضباط الاسرائيليين. وقد تقاضوا في مقابل هذه الاعمال مبالغ مالية ضخمة. وقد احيل الموقوفون الى القضاء المختص».

وعلمت «الشرق الاوسط» ان المعلومات التي كان يأتي بها افراد الشبكة الى مسؤولين في «الموساد» حول مواقع عسكرية للجيشين اللبناني والسوري او مراكز للمقاومة وتحديداً لـ «حزب الله» كانت تخضع فوراً لعملية مقارنة وتدقيق على خرائط وصور جوية سبق للطائرات الاسرائيلية ان التقطتها اثناء تحليقها المتواصل في الاجواء اللبنانية. كما كلفت الشبكة تزويد الاسرائيليين معلومات عن شخصيات سياسية معينة وكيفية تحركها والنشاطات التي تنوي القيام بها. وفيما امتنعت الجهات المعنية عن كشف اسماء هذه الشخصيات افيد ان من بينهم امين عام «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله.

وفي الشق الاقتصادي، ابلغ المصدر المطلع «الشرق الاوسط» ان الحركة التجسسية في هذا المجال اختلفت بين مرحلة واخرى. ففيما كان الامر مركزاً في التسعينات على تقصي اوضاع مؤسسات مالية واقتصادية تحول بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي الى مراقبة الحركة المالية لعدد من المصارف، والتأكد من التزامها بعدم التعاطي مع حركات ومنظمات ادرجت على لوائح الارهاب الاميركية. كذلك طلب من افراد شبكة التجسس اللبنانية اعداد تقارير سرية عن مدى قدرة عدد من المؤسسات المالية والمصرفية على الاستمرار في عملها في ظل الضغوطات الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان.

ورداً على سؤال حول تحرك هذه الشبكة واستمرارها في عملها التجسسي على مدى تسع سنوات دون ان يكشف امرها اوضح المصدر المطلع ان نوعية الاشخاص الذين اختيروا لهذه المهمة يجعلهم فوق الشبهات، اذ درجت المخابرات الاسرائيلية او غيرها على الاستعانة بأناس ينتمون في غالبيتهم الى الطبقة الفقيرة. اما اعضاء الشبكة الذين اكتشف امرهم اخيراً فيصعب الشك بهم فهناك مدير في احد المستشفيات، ونائب لمدير احد البنوك، وتاجر معروف، مما يعني ان تجنيدهم لخدمة الموساد، تم بعناية فائقة لتحقيق الهدف المخطط له .

وعن كيفية اكتشاف هذه الشبكة اوضح المصدر المطلع ان فتاة لبنانية كانت تتردد على الشريط الحدودي ابان الاحتلال جرت مراقبتها وتبين انها على صلة مع احد افراد هذه المجموعة. وقد وقعت في «فخ» نصب لها. وادلت باعترافات مهدت للكشف عن افراد شبكة التجسس.

وفي هذا الاطار ذكرت قناة «المنار» التلفزيونية التابعة لـ «حزب الله» «ان متابعة ومراقبة شبكة التجسس التي تعد من اخطر الشبكات التجسسية الصهيونية استمرت اكثر من اربعة اشهر، وان الخيط الاول لها بان عن طريق فتاة اظهرت التحقيقات انها كانت تتردد على المنطقة الحدودية قبل التحرير، وان الخيوط اخذت تتجمع من خلال التحقيقات الاولية مع هذه الفتاة وهو ما افضى الى اعتقال المتهمين تباعاً». وقالت «المنار»: «ان الموقوف عماد حسين الرز لعب دوراً ميدانياً رئيسياً في الشبكة وان احد ادوار الشبكة ايضاً كان تحديد المراكز الحساسة للجيشين اللبناني والسوري والمقاومة على الخرائط الجوية وتزويد ضباط العدو بأسماء النواب اللبنانيين وارقام هواتفهم، فضلاً عن محاولات جرت لاختراق مؤسسات اقتصادية في الضاحية الجنوبية وان افراد الشبكة كانوا يسلمون المعلومات لضباط الاستخبارات الصهيونية بناء على تخطيط مسبق في عدد من سفارات العدو في العواصم الاوروبية ولاسيما سفارات برلين واثينا وفيينا وروما».

وكشفت «المنار» وفقاً لمعلومات نسبتها الى مصادر خاصة «ان احد الضباط المكلفين الاتصال بالشبكة يدعى «رينيه»، وان آخر لقاء لأفرادها مع الاستخبارات الصهيونية انعقد قبل شهر ونصف في عاصمة اوروبية». وافادت المعلومات ايضاً ان احد اعضاء الشبكة حاول الفرار من لبنان لكن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني استدرجته في عملية امنية واوقفته.