الاتحاد الأوروبي يدرس إمكانية تبني المبادرة السعودية

TT

أكدت مصادر اسرائيلية وفلسطينية امس، ان الانطباع الذي تركه مسؤول الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي، خافيير سولانا، خلال اجتماعاته في كل من رام الله والقدس، هو ان هناك اهتماما كبيرا في رئاسة الاتحاد الاوروبي بمبادرة الامير عبد الله، ولي العهد السعودي، وان دول الاتحاد تدرس امكانية تبني المشروع وتسويقه في العالم.

وقالت هذه المصادر ان سولانا لم يكتف بسماع رأي الطرفين، بل اكد انه يرى في المبادرة السعودية مخرجا حقيقيا للطرفين من الأزمة. وراح يعدد الجوانب الايجابية في نتائجها. وقد لاقى ترحيبا فلسطينيا شاملا في السلطة الوطنية، ولكنه في اسرائيل وجد الترحيب بالأساس لدى وزيري الخارجية، شيمعون بيريس، والدفاع، بنيامين بن اليعزر، الذي كان قد انتخب في الشهر الماضي رئيسا لحزب العمل.

وكان سولانا، حسب هذه المصادر، قد حضر الى المنطقة خصيصا، لكي يدفع مبادرة الامير عبد الله. واجتمع مع رئيس الوزراء، ارييل شارون، ووزيريه، بيريس وبن اليعزر، ثم انتقل الى رام الله حيث اجتمع الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وتمكن سولانا من انجاز اتفاق جديد بين الطرفين حول استئناف لقاءات التنسيق الأمني. وقد اكد عرفات انه يستأنف اللقاءات ارضاء للأوروبيين، على الرغم من قناعته بأن شارون ليس معنياً بأي سلام او اي اتفاق. وبالمقابل قال بن اليعزر لسولانا ان عرفات هو غير المعني بالسلام.

يذكر ان موضوع المبادرة يطغى على جدول الابحاث السياسية في اسرائيل. وقد بدأ اليمين المتطرف الحاكم حملة لاجهاضها، خوفا من ان تتحول الى مبادرة دولية تفرض نفسها فرضا على حكومة شارون.

وقد دعا وزير البيئة، تساحي هنغبي (الليكود) صراحة الى رفض هذه المبادرة «التي لا يوجد فيها اي شيء ايجابي وهدفها فرض الانسحاب الكامل لاسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك من دون اي مقابل سوى الكلام الفضفاض».

وكان سكرتير الحكومة، جدعون ساعر، قال باسم رئيسها شارون، ان هناك اتجاها ايجابيا في المبادرة السعودية «مع ان من الواضح انه لا توجد حكومة في اسرائيل يمكن ان تقبل بالانسحاب الكامل الى خط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967».

وكشف ان شارون توجه الى الولايات المتحدة لمعرفة المزيد من التفاصيل حول المبادرة.

من جهة ثانية، رد وزير الخارجية، شيمعون بيريس، على الانتقادات في اليسار التي قالت انه لم يعط الاهتمام اللازم لهذه المبادرة، والتي اتهمته بأنه يحاول هو ايضا اجهاضها لكي يعيد الحياة الى اتفاقه مع ابو العلاء، فقال: «هؤلاء الذين ينتقدونني لا يدرون شيئاً عما يدور في المنطقة. فالواقع انني ارى في المبادرة السعودية الجديدة مبادرة قريبة جدا من مبادرتي مع ابو العلاء. الفارق الوحيد انني وابو العلاء ندخل في تفاصيل اكثر». واضاف بيريس ان لديه تحفظا واحدا فقط على المبادرة السعودية وهو الذي يتعلق بحدود 1967، «اذ لا يمكن البدء بمفاوضات من نقطة كهذه».

وقال بيريس انه ينظر الى المبادرة السعودية، مبدئياً «بحماس شديد»، ويعتقد انها «فرصة ينبغي ان لا يضيعها اي طرف».

وفي تصريحات ادلى بها لبرنامج «النظرة الناقدة» الذي تبثه قناة التلفزة الاسبانية الخاصة «تيلي 5»، شدد وزير الخارجية الاسباني والرئيس الدوري الحالي لمجلس وزراء الاتحاد الاوروبي جوسيب بيكيه على وجود تحرك في الشرق الاوسط. واشار على وجه التحديد الى المقترح السعودي الخاص بالاعتراف باسرائيل من جانب جامعة الدول العربية مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية الى حدود عام 1967. وقال بيكيه ان المبادرة السعودية قد تكون «خطوة عظيمة» من اجل التوصل الى احلال السلام مجدداً في المنطقة.

ومن جهتها، حثت الصحف الاسرائيلية امس الحكومة الاسرائيلية على «اعطاء فرصة» لمبادرة السلام السعودية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن صحيفة «معاريف» الواسعة الانتشار انها كتبت في مقالتها الافتتاحية «يجب اعطاء فرصة للمبادرة السعودية لأنها اول بصيص امل فعلي بعد فترة طويلة كنا فيها تائهين من دون هدف وبلا جدوى في وادي ظلال الموت».

وقال كاتب المقالة الافتتاحية موجها حديثه الى شارون «في النهاية، يجب ان تقر بأن المبادرة السعودية تقدم عناصر جديدة ومفاجئة: ان دولة قوية ونافذة في العالم العربي تتحدث عن مصالحة وتطبيع (بين اسرائيل) وجميع الدول العربية.

واضافت الصحيفة «لقد فشلت، السيد رئيس الوزراء، عبر تمنعك من الايفاء بعهودك للناخبين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية. قد تستطيع ربما الآن تحقيق نجاح عبر البحث في المبادرة السعودية بجدية».

وكتبت صحيفة «هآرتس» من جانبها ان «الامير عبد الله اعاد الحياة الى الدبلوماسية في الشرق الاوسط»، ورحبت في مقالتها الافتتاحية بـ«المبادرة السعودية المهمة».

وكتبت الصحيفة ان «شارون يرى في التصميم وبرودة الاعصاب في مواجهة عدو عنيف مناسبة لاظهار قدراته كزعيم، غير ان هذه القدرات، كما تبين في عهد مناحيم بيغن، قد تخضع للاختبار في مواجهة مبادرة سياسية خلاقة وغير مرتقبة».

وانتشرت امس في رام الله، انباء متفائلة عن قرب انفراج ما في الاوضاع، وذلك ارتباطا بالمبادرة السعودية. وقال مستشار الرئيس عرفات، نبيل ابو ردينة: «ننتظر احتمال اختراق كبير خلال 48 ساعة».