جذور عائلة «صبي الطائرة» الأميركي تعود إلى مدينة حمص في سورية

المقتحم بطائرة «سيسنا» مبنى بنك أوف أميركا من عائلة بشارة

TT

من كلمة واحدة وردت في تحقيق بصحيفة «ماد كاو مورنينغ نيوز» المحدودة الانتشار في ضاحية من مدينة، تامبا بولاية فلوريدا الأميركية، اتضح الآن ما كان سرا عن فتى ذاع صيته في 5 قارات حين اقتحم بطائرة صغيرة مبنى لبنك أوف أميركا، في حادث قضى فيه معلقا مع الطائرة بين أشلاء نوافذ مزقها الارتطام الذي ظنوه من عمل الارهابيين، حين لم تكن قد مرت 4 أشهر على تفجيرات واشنطن ونيويورك.

إنه الملقب «صبي الطائرة» أو الأميركي تشارلز بيشوب، الذي تؤكد معلومات جمعتها «الشرق الأوسط» عن تارك رسالة الاعجاب بابن لادن قبل الانتحار بالطائرة منذ أكثر من شهرين، ان عائلته لها جذور سورية الأصل من عائلة بشارة في مدينة حمص بالذات، ووالديه حاولا الانتحار على طريقة روميو وجولييت من انفعالات حب واجه توترات قبل الزواج، لم يثمر سوى عن الفتى المنتحر لعلة حمل سرها معه بين أشلاء الطائرة وهو بعمر 15 سنة.

وللتذكير، فان تشارلز بيشوب، أو تشارلز بشارة حقيقة، سرق طائرة من طراز «سيسنا» تسع 4 ركاب، من أكاديمية كان قد بدأ يتعلم فيها الطيران منذ عام بتامبا.. يومها أوصلته جدته اليها قبل 15 دقيقة من موعد حصة التدريب المقررة، ولأن مدربه أراده أن يستعد للدرس، فقد طلب منه أن يتفقد بعض أجهزتها، لكنه فوجئ به يقلع مختفيا مع «سيسنا» في الأجواء، فاتصل بمسؤول في الأكاديمية، اتصل بدوره بالجهات المعنية، كما وببرج المراقبة في مطار قريب من مقر لحرس السواحل بالمدينة، للابلاغ عن طائرة أقلعت من دون تصريح.

لم تمر 5 دقائق الا وانطلقت طائرتا إف ـ 15 من قاعدة «هومستيد» الجوية في المنطقة، وتلتهما ثالثة للاستكشاف، تابعة لحرس السواحل، لاعتراض «سيسنا» الصغيرة في الأجواء، طالبة جميعها من الفتى الهبوط بمطار قريب. لكن تشارلز بشارة تجاهل الأوامر، ومضى الى ما خطط له، متأثرا على ما يبدو بأسلوب المقتحم بطائرته أول مبنى في مركز التجارة الدولي بنيويورك قبل 6 أشهر، وهو الانتحاري محمد عطا، فأسرع أكثر بالطائرة، وراح يحلق على ارتفاع مخفوض حتى ارتطم في الطابق 28 من مبنى بنك أوف أميركا، المؤلف من 42 طابقا، والبعيد 30 كيلومترا عن مقر قيادة القوات الأميركية المركزية، المشرف الآن قائدها، الجنرال تومي فرانكس، على العمليات العسكرية بأفغانستان.

بعدها عثروا داخل حقيبة مخصصة للكتيبات والارشادات بالطائرة على مذكرة كتبها بشارة الصغير بخط يده، وفيها تعابير التأييد لابن لادن، كما وخبر منه بأنه فعل ذلك كله بمفرده، وفق ما أكدته أيضا تحقيقات للشرطة، كشفت بأنه لم يكن ينوي القيام بما يقوم به الارهابيون عادة، ولا حتى التسبب أيضا في قتل أحد، لذلك اختار موعدا لعمليته بعد ظهر يوم سبت، حيث يخلو المبنى المصرفي الشهير في تامبا من موظفيه.

ومضت أيام على الحادثة، التي تجاهلتها وسائل الاعلام فيما بعد، الى أن تطرقت لقصة الفتى صحيفة «أخبار جنون البقر» التي توزع أعدادها القليلة مجانا في ضاحية من تامبا، حين نشرت تحقيقا عن «صبي الطائرة» استمدت معلوماتها عنه قبل نشره في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، مما ورد في الصحف الأميركية الكبرى ووكالات الأنباء، سوى من كلمة واحدة عن اسم والد الصبي، فبدلا من أن تكتبه تشارلز بيشوب، كما في الصحف والوكالات، كتبته تشارلز بشارة، وحملت بقية الصحف القليلة الانتشار مثلها في المدينة على تكراره دائما كاسم عربي، وصل الى «الشرق الأوسط» أيضا، ولكن بالصدفة، فسعت وراء المعلومات عنه، واتصلت بذويه، الا أن التحدث اليهم كان من أصعب ما يكون، فوالدته جوليا ترفض الحديث من حيث تقيم مع والدتها في حي بالم هاربر بتامبا. أما الوالد تشارلز بشارة فلا أحد يعرف أين حلت به الحال في الولايات المتحدة منذ طلق الزوجة قبل سنوات، ولم يكن هناك مجال للاتصال سوى بالجد من الأب: روبير بشارة.

ويقول روبير، البالغ من العمر 64 سنة الآن، إنه لا يعرف أين يعيش ابنه تشارلز تماما «فأنا لم أره منذ سنوات بعيدة.. أعتقد أنه في بوسطن، اذا كان ما يزال حيا». وقال إن والد الطفل أبصر النور في الولايات المتحدة «أنا أيضا ولدت هنا ولا أعرف كلمة واحدة عربية.. نحن أصلا من مدينة حمص في سورية، وجدي من عائلة بشارة، وجاء الى هذه البلاد في أوائل القرن الماضي» كما قال عبر الهاتف.

وذكر أن جوليا ديتور، وهي والدة الطفل «الذي لم أره ولا مرة في حياتي» غيرت اسمه في 1991 من تشارلز بشارة الى تشارلز بيشوب «لأن حرب الخليج كانت على أشدها، وخشيت أن يكتشف أحدهم من العنصريين الأصل العربي للفتى الذي كان عمره 4 سنوات ذلك العام، فيؤذيه انتقاما» وفق الوارد في «أخبار جنون البقر» عن اسم والد الطفل، الذي حملت به أمه قبل الزواج من تشارلز بشارة الأب.

ويتحدث الجد عن توترات عاطفية «لم أعد أذكرها تماما» واجهت قصة حب بين جوليا وتشارلز بشارة في منتصف الثمانينات، وحاول العاشقان الانتحار تخلصا من الدنيا وما فيها من عراقيل تقف حجر عثرة في طريق الزواج «لكنهما قاما بتأجيل كل شيء قبل اللحظة الأخيرة من طعن أحدهما للآخر بسكين مطبخ في القلب.. لم أعد أذكر تماما هذه الحادثة، فأنا تعبان الآن» على حد تعبير الجد الذي يعيش على الخدمات الاجتماعية ببوسطن.

* ولماذا انتحر حفيدك يا سيد روبير؟

ـ أي حفيد ؟

* حفيدك، تشارلز بشارة.

ـ أنا لم أره مرة واحدة في حياتي، ولم أكن أعرف أنه حفيدي، الا بعد أن ذكرت «أخبار جنون البقر» اسم والده.

* وابنك؟

ـ اذا كان حيا، وهو بعمر 34 سنة كزوجته السابقة، فأعتقد أنه ببوسطن، أو في السجن، فابحث عنه. لا أعرف لا أعرف.. أنا تعبان.

والتحقيقات مستمرة في قضية «صبي الطائرة» الى الآن، وأهمها عن أثر تناوله لدواء «أكونيتين» لمعالجة حب الشباب، اذ تشير التحقيقات الطبية بأن للدواء، الموجود في الأسواق منذ 20 سنة، مضاعفات قد تؤدي أحيانا لاصابة من يتناوله بالاكتئاب، مما حمل المئات على الكتابة الى «دائرة الدواء والغذاء الأميركية» بعد الكشف عن حالات انتحار كثيرة قام بها عدد ممن تناولوه، مطالبين بسحبه من الأسواق.

=