الفريق الخزرجي يتشكك في الخطط الأميركية تجاه العراق

TT

القاهرة ـ سوروي (الدنمارك) ـ ا.ب: عبر اوروبا والشرق الاوسط والولايات المتحدة، تجري محاولات تجنيد ضباط عراقيين منفيين قادوا في يوم من الايام جيش صدام حسين. ويبذل هذه المحاولات المؤمر الوطني العراقي الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة، ذلك بعد ان لاحظ اشارات تفيد بأن الولايات المتحدة ربما تبدأ قريبا جهدا منظما لاسقاط صدام.

ويسعى المؤتمر لجمع هؤلاء الضباط في اجتماع يراد له ان يعقد في الولايات المتحدة هذا الشهر لمناقشة تشكيل قيادة مستقبلية للجيش العراقي. ويبحث المؤتمر الوطني العراقي عن قائد عسكري، ولكن من الطبيعي التفكير في ان احد الجنرالات ربما يمكنه القيام بدور اكبر اذا وضعنا في الاعتبار ان قوات الامن العراقية كانت تلعب دورا مميزا في السياسة وان المعارضة المدنية ضعيفة بسبب الصراعات الداخلية في ما بينهما. فقد انهار مجلس الرئاسة الثلاثي الذي شكله المؤتمر الوطني عام 1992 بسبب مصادمات اساسها الطموحات الشخصية والخلافات حول السياسات والاجندات المختلفة للدول المضيفة. ويوجد للمؤتمر بعض النشطاء داخل العراق ولكن اتباعه محدودين بين افراد الشعب. ومن بين الشخصيات المطروحة كقائد عسكري في اوساط المعارضة العراقية الفريق نزار الخزرجي وهو رئيس سابق للاركان ومن ابطال الحرب العراقية ـ الايرانية 1980/1988، الذي يسعى للحصول على اللجوء السياسي في الدنمارك.

وفي بلد مقسم بين الشيعة والسنة ينتمي الخزرجي الى الطائفة السنية التي سيطرت على العراق منذ الاستقلال عام 1921. وهو صاحب اعلى رتبة في الجيش العراقي ينشق على صدام، ويعتقد انه لايزال يتمتع بالتأييد داخل العراق. وقد دفعت هذه الصفات وابتعاده عن المشاحنات بين افراد المعارضة العراقية الى ان يصفه البعض بأنه النظير العراقي لحميد كرزاي رئيس الحكومة الافغانية المؤقتة.

ومن بين الشخصيات الاخرى المطروحة كعضو في الحكومة المؤقتة لواء آخر هو فوزي الشمري الذي فر من الجيش العراقي خلال زيارة للهند في منتصف الثمانينات.

وينظر صدام للخزرجي كمنافس خطير. فقد حاولت صحيفة «بابل» التي يملكها الابن الاكبر لصدام تشويه سمعته بنشر مقالات تشكك في سمعة زوجته. كما بدأت بغداد اجراءات لاستعادة الخزرجي، بدعوى انه مطلوب في تحقيقات داخل العراق بخصوص مدى مسؤوليته عن حادث سيارة ادى الى مقتل شخص او اصابته.

وفي مقابلة صحافية مع تلفزيون الشرق الاوسط (ام بي سي) في لندن حدد الخزرجي الذي هرب من العراق عام 1995 خططا لتغيير نظام صدام يتولى فيها الجيش السلطة بصفة مؤقتة الى ان يتم اختيار حكومة جديدة. وفي لقاء مع الاسوشيتدبرس في منزله في الدنمارك نفى الخزرجي انه فكر في خلافة صدام وقال «ان وظيفة الجيش هي اسقاط صدام والسماح لرجال السياسة والشعب بالقيام بالباقي. انني جندي وسأبقى جنديا».

وقال الخزرجي ايضا: «لا استطيع التحدث عن تفاصيل. ففي هذا الوقت من العام المقبل سأكون في العراق». اضاف الخزرجي، الذي يصر على انه لا يسعى الى منصب سياسي، وانه عزل من موقعه كرئيس لهيئة اركان الجيش العراقي عام 1990 لكنه ظل مستشارا عسكريا لصدام حسين، وهو يقول انه انتقد الغزو العراقي للكويت الذي ادى الى حرب الخليج الثانية عام 1991 وأبقي قيد الاقامة الجبرية الى ان تمكن من الفرار.

وبعد وصوله واستقراره في الاردن قابل الجنرال الخزرجي العديد من مجموعات المعارضة العراقية في اوروبا والشرق الاوسط لكنه قال انه لم ينضم الى أي فصيل محدد من فصائل المعارضة.

وفي يوليو 1999 تقدم الخزرجي وزوجته وابنه بطلب للحصول على حق اللجوء السياسي في الدنمارك، غير ان طلبه رفض بسبب شكوك حول تورطه في استخدام الاسلحة الكيماوية ضد الاكراد في شمال العراق اواخر الثمانينات. وسمح للخزرجي بالاقامة في الدنمارك الى حين استكمال تحقيق تجريه الحكومة هناك حول ما اذا سيواجه تهما تتعلق بارتكابه جرائم حرب. وقال وزير الهجرة الدنماركي بيرتيل هاردار انه ربما لا يسمح للخزرجي بالعودة الى الدنمارك اذا غادرها الا في «حالات استثنائية».

ويقول الخزرجي من جانبه ان النظام العراقي وراء هذه التهم التي وجهت اليه بغرض اثارة شكوك المعارضة حوله، كما اكد انه لم تكن لديه سلطة على الوحدات العسكرية التي شاركت في الهجوم على الاكراد بالاسلحة الكيماوية. ويتهم الخزرجي علي حسن المجيد (ابن عم صدام) باثارة هذه التهم. واضاف ان ممثلي المعارضة زاروه في يناير (كانون الثاني) وانه ظل على اتصال بهم بالهاتف والفاكس. ورحب الخزرجي بالدعم الاميركي للمعارضة العراقية، لكنه متردد ازاء تأييد قيام الولايات المتحدة بأي عمل عسكري مباشر في العراق، كما قال انه لا يؤيد وقوع ضحايا في صفوف المدنيين. وفي هذا السياق، قال معلقا: «لا نريد وقوع خسائر جانبية مصاحبة في اوساط المدنيين نتيجة أي عمل عسكري محتمل، فنحن نرغب في اطاحة نظام صدام حسين ولكن دون ان تكون هناك معاناة في جانب المدنيين».

واضاف الخزرجي انه لا ينوي حضور اجتماع الضباط الذي يسعى اليه المؤتمر الوطني قائلا انه يعتقد ان القرارات الهامة يفضل اتخاذها بعيدا عن اضواء الدعاية.

وينوي عدد من كبار الضباط العراقيين حضور الاجتماع، ولكن العديد من بين حوالي الف ضابط عراقي قد عبروا عن تحفظهم او رفضوا الحضور، ولاسيما عندما لم يقدم المؤتمر الوطني العراقي خطة واضحة لتغيير النظام في العراق. غير ان العميد نجيب الصالحي الذي يرأس الان حركة الضباط الاحرار متحمس بخصوص الاحتمالات. فقد قال خلال اتصال هاتفي من مسكنه في واشنطن «يبدو الاميركيون جادين هذه المرة بخصوص اسقاط صدام، حتى بالقوة. ولايمكننا البقاء صامتين». ويتصور المؤتمر الوطني العراقي وقوع حركة تمرد تعقب ضربة اميركية ضد القوات المسلحة العراقية واجهزة الامن.

وتقاوم بعض جماعات المعارضة الانضمام الى حركة تمرد مدعومة من الولايات المتحدة، حيث يخشون انهم سيبدون مثل دمى اميركية او ان مثل هذه الحركة ستؤدي الى ديكتاتورية عسكرية.

وذكر صبحي الجميلي وهو من قياديي الحزب الشيوعي العراقي ان حزبه والعديد من الجماعات اليسارية الاخرى والحركات الاسلامية والقومية تسعى الى تشكيل تحالف بديل للمؤتمر الوطني العراقي.

وقد اعلنت الجماعتان الكرديتان الاساسيتان في شمال العراق والمجلس الاعلى الشيعي للثورة الاسلامية في العراق انهما لن ينضما الى اي هجوم عسكري مدعوم من الولايات المتحدة.