باريس عارضت إرسال وفد أوروبي إلى العراق لأن «وقت التفاوض مع بغداد انتهى»

TT

كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية امس النقاب عما حصل داخل اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي بشأن المبادرة التي اطلقها وزير خارجية بلجيكا لويس ميشيل لارسال وفد الترويكا الاوروبي الى بغداد بغية اقناعها بتنفيذ القرارات الدولية وفتح الباب امام عودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة.

ووفق ما كشفته المصادر الفرنسية فان اقتراح الوزير البلجيكي لم يحظ بقبول غالبية الوزراء الاوروبيين الذين عمد بعضهم، ومنهم الوزير الفرنسي هوبير فيدرين، الى ابداء العديد من التحفظات عليه. ولا تتوقع هذه المصادر، في الوقت الذي يقوم فيه نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني بجولة موسعة في عدد كبير من دول الشرق الأوسط، ان يعمد الاتحاد الاوروبي الى اطلاق مبادرة كهذه من شأنها «ايجاد توهمات لدى القادة العراقيين» وربما الايحاء اليهم بأن هناك امكانية للعب ورقة اوروبا ضد الولايات المتحدة او احداث انقسام داخل مجلس الامن ازاء ما يتوجب على العراق القيام به.

ولم يحسم وزراء خارجية الاتحاد مصير الاقتراح البلجيكي وترك امر التعامل معه وربما ادراجه على جدول قمة برشلونة الاوروبية يومي الجمعة والسبت القادمين.

وذكرت المصادر الفرنسية ان ارسال وفد اوروبي الى بغداد قد تفهمه القيادة العراقية على انه فتح لباب التفاوض معها حول عودة المفتشين.

وترى هذه المصادر ان «زمن النقاش مع بغداد قد ولى، وان عليها اما ان تقبل بعودة المفتشين من غير قيد او شرط واما ان ترفض عودتهم»، والرفض يعني اللجوء حتما الى الخيار العسكري ضد العراق.

وتؤكد المصادر المذكورة انه اذا كانت مهمة الوفد ابلاغ بغداد هذا الموقف ولا شيء آخر سواه، فان باريس ومعها عواصم اوروبية اخرى لن تمانع، فيما يبقى الموقف البريطاني لصيقا بالموقف الاميركي.

وتستبعد المصادر امكانية الاتفاق مع بريطانيا على موقف موحد من ارسال الترويكا الاوروبية حيث ان بريطانيا تدعم الخطط الاميركية للقيام بعمل عسكري في العراق فيما تتحفظ فرنسا عليه.

وبأي حال، تعتبر هذه المصادر انه من وجهة النظر الفرنسية والاوروبية، فليس من المفيد اليوم الاصطدام بالولايات المتحدة بشأن العراق باعتبار ان الاستحقاق العراقي لن يحل قبل نهاية مايو (ايار) المقبل، موعد انتهاء الفترة الحالية لاتفاقية «النفط مقابل الغذاء»، بل الافضل السعي للتأثير على الموقف الاميركي ازاء النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي حيث تظهر واشنطن «علامات ايجابية» في تخليها عن سياسة الانتظار وعن الدعم المطلق لارييل شارون. وتعتقد هذه المصادر انه من الافضل تشجيع هذه التوجهات الاميركية خصوصا ان كونداليزا رايس مستشارة الرئيس بوش لشؤون الامن القومي عكست صراحة، اول من امس رغبة الادارة في تحقيق تنسيق بين المواقف الاميركية والاوروبية والعربية لوقف اندفاع المنطقة الى التصعيد والعودة الى مفاوضات السلام، في اشارة منها الى الافكار السعودية والاوروبية والى ارسال انتوني زيني الى المنطقة.