مسؤول في كتائب الأقصى لـ«الشرق الأوسط»: جندت حشايكة وصورت له شريط الفيديو في منزلي

«الجهاد» تنفي علاقتها بعملية القدس وتتهم السلطة بمحاولة إخلاء مسؤوليتها لأسباب سياسية واضحة

TT

الى اي فصيل فلسطيني ينتمي الشاب محمد مشهور حشايكة منفذ عملية القدس الغربية يوم الخميس الماضي التي اسفرت عن قتل 3 اسرائيليين وجرح العشرات؟

سؤال يطرح نفسه بسبب تناقض الروايات حول الهوية السياسية لحشايكة بعد التفاعلات التي اعقبت العملية لا سيما القرار الاميركي ادراج اسم كتائب شهداء الاقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، على قائمة الارهاب، وزيادة الضغوط على الرئيس الفلسطيني من اجل اتخاذ خطوات جادة لوقف ما يسمونه بالعنف الفلسطيني على الاقل في ما يخص فصيله، وهو ما دفعه وعلى غير العادة، الى عقد مؤتمر صحافي دعا اليه على عجل، في مقره في رام الله ليؤكد انه سوف يتخذ الاجراءات الفورية اللازمة لوضع حد عن مثل هذه الاعمال. وهذا يعني وضعه في وضع تصادمي مع الجناح العسكري للحزب الحاكم الذي يقوده. كتائب الاقصى بداية نفت علاقتها بمنفذ العملية لكنها وفي نفس اليوم اعلنت في بيان لها مسؤوليتها عن العملية، ودعمت ذلك بشريط فيديو بثته احدى القنوات الفضائية العربية، يصور الشاب محمد حشايكة وهو يتحدث «عن الشهادة في سبيل الله والوطن» باسم كتائب الاقصى.

في اليوم التالي اي يوم الجمعة (اول من امس) سربت السلطة الفلسطينية معلومات وشريط فيديو آخر، قالت انها تمكنت من وضع يدها عليه، يؤكد ان حشايكة ينتمي الى سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، وان السرايا وراء هذه العملية. وقال العميد توفيق الطيراوي مدير المخابرات العامة الفلسطينية في الضفة الغربية لـ«الشرق الأوسط» ان جهازه وضع يده على الشريط من عناصر في الجهاد الاسلامي، وهو في طريقه الى مكتب تلفزيون ابوظبي، وان الرئيس عرفات سلم نسخة من هذا الشريط الى المبعوث الاميركي الجنرال انتوني زيني. ويظهر الشريط الثاني منفذ العملية حشايكة وهو يعلن انه ينطلق الى هذه العملية باسم «الجهاد الاسلامي».

لكن حركة الجهاد الاسلامي نفت رغم التأكيد على تأييدها لمثل هذه العملية، ان يكون حشايكة ينتمي الى سرايا القدس. وقالت ان في رواية السلطة محاولة لاخلاء مسؤوليتها حتى لا تبدو وكأنها تعرقل مهمة زيني لوقف اطلاق النار تمهيدا لتطبيق تفاهم تينيت، ورفع الحظر عن سفر الرئيس عرفات الى القمة العربية في بيروت، ولقاء نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني، كما انها تريد ان تحمل الجهاد كامل المسؤولية وعواقبها، على حد قول مسؤول في الجهاد.

واما ياسر، خال محمد حشايكة، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يهم لأي فصيل ينتمي الشهيد، المهم انه كان ينتقم لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ذل واهانة وتنكيل. كان ينتقم للطفل الفلسطيني الذي يقتل وهو لا يزال في احشاء امه. واي شاب غيره سيفعل ما فعل. اذا ليس مهما ان ينتمي للجهاد او فتح او حماس».

ويوم امس اتصل مسؤول في كتائب الاقصى في منطقة نابلس بـ«الشرق الأوسط» ليؤكد مجددا ان حشايكة نفذ عملية القدس باسم كتائب الاقصى وليس سرايا القدس، وكرر ما قالته «الجهاد» ان السلطة تريد ان تخلي مسؤوليتها. وقال انه يريد ان يوضح الالتباسات في هذه القضية خاصة ان الشريط الذي تتحدث عنه السلطة صور في منزله.

وروى المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لاسباب امنية، قصة تجنيد محمد حشايكة الذي كان يعمل في جهاز الشرطة الفلسطينية في مركز قرية تل غرب نابلس «منذ اللحظة التي احضره فيها الي شرطي زميل له قبل 3 اشهر تقريبا». وقال «ان المرحوم محمد كان في غاية السعادة عند تقديمه للكتائب للقيام بعملية استشهادية، وكاد يقبل يد زميله لانه قدمه للكتائب. وخلال عملية التصوير التي تمت في منزلي رششنا العطر عليه وكنا نغني له: اليوم عرسك يا عريس، بينما هو يقول اريد حزاما اشفي به امهات الشهداء واطفالهم».

وحسب المسؤول فان هذا الشرطي الذي الذي رفض الافصاح عن اسمه اعتقل وحكم عليه بالسجن لمدة سنة.

وقال المسؤول «قررنا ارسال الشهيد محمد في عملية استشهادية» في مدينة رعنانا، القريبة من قلقيلية والواقعة على بعد 20 كيلومترا شمال شرق تل ابيب. واضاف ان «محمد ورفيقين اخرين هما ناصر السويس وصلاح البخاري، توجها الى مدينة طولكرم (الواقعة على الخط) لانتهاز الفرصة المناسبة لتنفيذ العملية، غير ان جهازي المخابرات وكذلك الامن الوقائي في المدينة تمكنا من اعتقالهما».

لكن كما يقول المسؤول «وقبل ان يغادر محمد في مهمته التي كان في غاية السعادة لتنفيذها، صورناه في شريط فيديو تحت شعار الجهاد الاسلامي لسبب بسيط وهو ان الجهاد هي التي زودتنا بالحزام الناسف. وبالمناسبة هذا هو الشريط الذي روجته السلطة».

وتابع المسؤول القول «بعد اعتقاله وافشال العملية جرى نقل الشهيد بعد التنسيق مع المخابرات الاسرائيلية (الشاباك) الى مدينة رام الله حيث اودع السجن هناك».

ويقول المسؤول ان السبب الرئيسي وراء اندفاع محمد وحماسه للاستشهاد كان منقطع النظير. فكان يريد ان ينتقم للاطفال والنساء والمسنين الذين تقتلهم اسرائيل دون ذنب الى جانب مقتل ولدي عمه مأمون وامين حشايكة مع محمود الهنود قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في منطقة نابلس قبل بضعة اشهر.

لكن السلطة كما يقول المسؤول اضطرت للافراج عن محمد حشايكة وجميع المعتقلين الفلسطينيين عندما اقتحمت قوات الاحتلال مدينة رام الله وبعد عمليات القصف لمقر المقاطعة والاجهزة الامنية التي تضم السجن. والسلطة من جانبها لا تنفي هذه الرواية بل تقول انه «ليس من المعقول ان نسمح لاسرائيل بأن تذبح السجناء والمعتقلين داخل المعتقلات. ففي كل مرة تصل انذارات قصف احتلالي، يتم اخلاء كل المباني التابعة لأجهزة الامن، لانها تكون مستهدفة. وليس من المعقول ان يخلي رجال الامن تلك المقرات ويبقوا على المعتقلين داخلها».

وتؤكد السلطة ايضا ان حشايكة كان فعلا في كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة «فتح» وعمل شرطيا في السلطة الفلسطينية، وطلب القيام بعملية استشهادية في رعنانا، وسجل شريطا يعلن فيه ذلك. وهذا الشريط هو الذي تم بثه من احدى الفضائيات العربية. لكن الحقيقة كما تقول السلطة هي انه بعد وصول الجنرال زيني الى المنطقة الغيت العمليات التي كانت قد قررتها كتائب الاقصى داخل اسرائيل. وتلقى حشايكة تعليمات واضحة بهذا الشأن. وتعهد لدى اطلاق سراحه بألا ينفذ عمليات. ولكن يبدو انه توجه الى «الجهاد الاسلامي» عارضا نفسه لهذه العملية فوافقوا وارسلوه الى القدس.

لكن المسؤول يقول انه وبعد خروجه من السجن «توجه محمد مجددا الى كتائب الاقصى هذه المرة في رام الله بغية تنفيذ عملية استشهادية بأي شكل من الاشكال. وكان له ما اراد، وصور شريطا جديدا باسم شهداء الاقصى».

اما بالنسبة للشريط الذي وزعته السلطة فقال انه هو نفس الشريط الذي صور في منزلي، وكنا اودعناه مع عضو في الجهاد في مدينة نابلس اسمه «ر.أ.أ» جرى تجميد عضويته قبل بضعة اسابيع بعد انكشاف علاقته بالمخابرات، والمرجح ان يكون هو الذي سلمه للمخابرات.