نصر الله يدعو القمة لـ «دعم الانتفاضة بالمال والسلاح» ويتعهد بجبهة جديدة مع إسرائيل إذا هجرت الفلسطينيين للأردن

TT

طالب الامين العام لـ«حزب الله» اللبناني الشيخ حسن نصر الله القمة العربية التي ستنعقد في بيروت بعد غد الاربعاء، بـ«دعم الفلسطينيين بالمال والسلاح». ودعا الى جعل «الكلمة الاولى» في بيانها «اعلاناً عربياً سريعاً بدعم الانتفاضة والمقاومة في فلسطين ولبنان» معتبراً ان اي بيان يغيب عنه ذلك «هو بيان خط بحبر اميركي» وان «كتبته اصابع عربية». وناشد الحكام العرب «الا يسمحوا باسكات الانتفاضة». وقال ان ليس لاي زعيم او مرجعية عربية او مسلمة «حق التخلي عن حبة تراب او حرف من اسم فلسطين».

وحذر نصر الله، الذي كان يتحدث امس في احتفال حاشد لمناسبة ذكرى عاشوراء اقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت، من الاعتراف باسرائيل، معتبراً ان «اي مبادرة سلام عربية او تسوية او دعوة للتطبيع لا تلزم الا اصحابها».

وطالب نصر الله العرب بالاهتمام بملف الاسرى والمعتقلين العرب في السجون الاسرائىلية. ودعاهم لكشف مصير مؤسس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى السيد موسى الصدر. وهدد بأن «حزب الله» مستعد «لفتح جبهة جديدة مع اسرائيل اذا هجرت الفلسطينيين نحو الاردن».

وتساءل نصر الله في كلمته: «ألم نتعلم بعد كل هذه العقود من الزمن ومن الصراع مع العدو الاسرائيلي، انه عندما يقتلنا ويتعدى علينا ويهاجمنا ونقابله بمبادرات السلام فانما نقول له احسنت امعن في قتلنا اسفك المزيد من الدماء، دمر المزيد من البيوت، فليس لك عند العرب حديد ولا نار ينتظرانك. عند العرب المزيد من التنازلات والمزيد من الخضوع والتخلي عن الحقوق. أليس هذا هو الواقع القائم الآن في هذه المرحلة؟».

وقال: «نحن ندعو القمة العربية الى ان تتقي الله في هذه الايام. وندعوها الى ان يكون صوتها عالياً وان تكون الكلمة الاولى في بيانها اعلاناً عربياً سريعاً بدعم الانتفاضة والمقاومة في فلسطين ودعم المقاومة في لبنان. واي بيان يغيب عنه دعم الانتفاضة ودعم المقاومة هو بيان خط بحبر اميركي كتبته اصابع عربية ليس اكثر. ندعوهم الى ان يعلنوا للعالم ان المقاومة حق، وان يرفضوا امام العالم وامام اميركا وصف المقاومة بالارهاب ... ندعو القمة العربية الى دعم جدي وحقيقي للانتفاضة بالمال وبالسلاح، فدعوا لهم السلاح، الفلسطينيون لا يريدون قوات عربية كما حدث سنة 1948، احتفظوا بجيوشكم واحتفظوا بقواتكم وبحرسكم، ولكن قدموا لهؤلاء الفلسطينيين السلاح. والدول العربية قادرة وتملك من المال ومن الخبرة والقوة ما يمكنها من ايصال السلاح الى الفلسطينيين. فكيف تقدم اميركا سنوياً (لاسرائيل) طائرات جديدة ودبابات جديدة واسلحة جديدة تحت بصر وسمع العالم العربي ولا يتحرك هذا العالم ليقدم للفلسطينيين ابسط السلاح الذي يمكنهم من الدفاع عن انفسهم؟ الفلسطينيون لا يطلبون منكم الطائرات ولا الدبابات ولكن اعطوهم من السلاح شبه ما كانت تملكه المقاومة في لبنان. ويثبت الفلسطينيون يوماً بعد يوم انهم الاقدر والاقوى على صنع انتصارهم اسرع مما تتوقعونه انتم».

واضاف نصر الله: «المدان ليس من يقدم السلاح للفلسطينيين، المدان هو الذي يستطيع ان يقدم لهم السلاح ولا يفعل، لانه بذلك يكون شريكاً (بسفك) بدمائهم التي لو ملكوا السلاح لحفظوا جزءاً منها ... نداؤنا الى القمة العربية الا يسمحوا او الا يساهموا في اسكات صوت الانتفاضة ... الاميركيون يبذلون جهوداً كبيرة ويمارسون ضغوطاً هائلة من اجل وقف الانتفاضة وليس من اجل الفلسطينيين. فهل ارتعشت فصائل جورج بوش لمناظر الدماء المسفوكة في مخيم جباليا ومخيم طولكرم؟ ابداً لم يفعل وانما تحركه جاء لهدفين واضحين: الاول ان تسكت الانتفاضة حتى يتسنى لاميركا ان تبدأ مرحلتها الثانية في ما تسميه الحرب على الارهاب وبالتالي الاعتداء على العراق. ضرب العراق ايها العرب لا تسمحوا به ولا تقولوا في وسائل الاعلام شيئاً وفي جلساتكم الخاصة شيئاً آخر. لقد فضح ديك تشيني (نائب الرئيس الاميركي) الكثير من الحكام عندما وقف في واشنطن ليقول: «ان حكام العرب ايضاً يعبرون عن قلقهم مما يقوم عليه وضع العراق. لذلك لا يكفي ان نقف لنقول: نحن نرفض المرحلة الاولى او المرحلة الثانية من الحرب على الارهاب. يجب ان نكون صادقين مع ربنا ومع انفسنا. واعلموا ان هذا الاميركي لن يحتفظ باسراركم، وعندما يحتاج للجهر بها سيعلنها على الملأ وسيتضح انكم تقولون في السر شيئاً وفي العلن شيئاً آخر».

وتوجه نصر الله الى الحكام العرب بالقول: «لا تسمحوا لاميركا بان تستفرد بأي دولة من دولكم، لانها ستفعل بالبقية ذلك ايضا. ولا ينخدعن احد بأنه صديق لاميركا او حليف لها ... اميركا تريد انقاذ الكيان الصهيوني في المنطقة لانه جزء من استراتيجية اميركا في هذه المنطقة». وقال: «ان الاستشهاديين الفلسطينيين وضعوا الكيان الاسرائىلي في مأزق، الهجرة اليه في مأزق، والهجرة منه في مأزق، وكذلك الاستثمارات والسياحة والنمو والامن والاستقرار. هذا الكيان اعمدته واسسه كلها تهتز، يهزها الشباب الفلسطيني البطل».

وتابع نصر الله مخاطباً القادة العرب «ان كنتم تخافون ان تدعموا الانتفاضة، وان كنتم تخافون ان تقفوا الى جانبها، فالحد الادنى الا تساهموا في اسكاتها وحصارها وتيئيسها ... من جملة الامور التي يجب ان تؤكد عليها القمة بوضوح حق العودة للاجئىن الفلسطينيين. البعض يختبىء خلف القرار 194ويقول: اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات والشتات بين خيارين، العودة او التعويض. وانا اقول للفلسطينيين في الشتات وفي مخيمات الضفة والقطاع: ستواجهون سخاء مالياً عربياً لم تواجهوا مثيلاً له منذ 50 سنة. وسيكون المال العربي في خدمة فكرة التعويض وخيار التعويض، لان العودة تهدد وجود الكيان الصهيوني لانه يوجد «فيتو» اميركي على العودة ويوجد رفض اسرائيلي للعودة، فيجب ان نعمل جميعاً من اجل رضى اميركا واسرائيل. اذا فلنذهب الى البديل، الى التعويض ... ولكن انا اقول لهم: هل يبيع الشعب الفلسطيني وطنه وارضه؟ ... المسألة هي بيع وطن. ونحن نرى اليوم الرد الفلسطيني على هذه المساومة هو ان الشعب الذي يقدم ويبذل دمه ويقدم اولاده واحباءه ليستعيد ارضه لن يبيع ارضه بالمال. اللاجئون الفلسطينيون في الضفة والقطاع قاتلوا حتى الاستبسال في الوقت الذي كانوا يسمعون فيه عن التعويض. واللاجئون من مخيمات لبنان وبقية الشتات لديهم الاستعداد الكبير للشهادة والتضحية للعودة الى ارضهم. ولا يجوز لاحد ان يخذلهم ... ».

وتابع نصر الله: «ان الاعتراف بإسرائيل في اطار اي تسوية او مبادرة سلام عربية لا يعني للامة شيئاً. والامة ستعتبر هذا الاعتراف وصمة عار على جبينها وفي تاريخها تنتظر الفرصة للتخلص منه والتطهر من خبثه، وان اي دعوة الى التطبيع لا تلزم الا اصحابها ولا تعني لشعوب امتنا شيئاً. وسترفض شعوبنا كل شكل من اشكال التطبيع مع هذا العدو الغاصب كما فعل شعب مصر الابي وكما فعل شعب الاردن المرابض وكما فعل شعب فلسطين رغم الظروف القاسية ».

وقال نصر الله: «ان الحكام العرب والقمة العربية مسؤولون عن ملف المعتقلين والاسرى العرب في السجون الاسرائيلية ... وفي هذا الملف يجب ان نستحضر على ابواب القمة وبقوة قضية امام كبير وقائد عظيم ومؤسس لنهج مقاومة هو السيد موسى الصدر الذي كان يقول: انني احمي المقاومة الفلسطينية بعمامتي ومحرابي ومنبري ... وهذه القمة المنعقدة في بيروت مطالبة بشكل حاسم بان تكشف مصير هذا الامام ورفيقيه، ان تعمل بقوة من اجل اعادتهم الى اهلهم وشعبهم وديارهم ومقاومتهم».

وتطرق نصر الله الى الشأن الداخلي اللبناني، وقال: «نحن في حزب نجدد التزامنا بالوحدة الوطنية في لبنان لانها من عناصر قوة هذا الوطن، ونجدد التزامنا بوحدة المصير مع الشقيقة سورية التي كانت معنا ووقفت دائماً الى جانب شعبنا في حقه وفي مقاومته وفي صموده وانتصاره ».