الجزائر: قوات الدرك تغادر عاصمة القبائل الكبرى وأعمال شغب بسبب توزيع السكنات في غرب البلاد

TT

شرعت أولى أفواج قوات الدرك الوطني، أمس، في مغادرة ثكناتها من قرى وبلديات منطقة القبائل في اتجاه مجهول، تنفيذا لواحد من أهم مطالب المحتجين في المنطقة منذ بدء الأحداث العام الماضي التي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى.

ونقل شهود عيان، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن معظم عناصر مجموعة الدرك الموجودة، على مستوى مدينة تيزي وزو (عاصمة القبائل الكبرى)، خرجوا صباح أمس على متن حافلات عسكرية ولم يبق منهم إلا أفراد قلائل قيل إن ذهابهم «مسألة وقت».

وأوضحت نفس المصادر أن عناصر من قوات الشرطة شوهدوا يدخلون مقر الدرك وأخذوا مكانهم، وهو ما دفع شباب المدينة إلى الخروج إلى شوارع المدينة للتعبير عن فرحتهم لما حدث، وقد توجه هؤلاء الشبان نحو مقر الدرك بوسط تيزي وزو وتظاهروا بطرق استفزازية، ورشقوا البناية بالحجارة. وأدى ذلك بعناصر الدرك المتبقين في الثكنة للرد عليهم من الداخل بالقنابل المسيلة للدموع، قبل أن تتولى مجموعة من شرطة مكافحة الشغب مهمة التصدي للشباب المتظاهر وتفريقه.

ويأتي ترحيل عدة فرق تابعة لقوات الدرك، التابعة بدورها لوزارة الدفاع، من أهم قرى ومدن منطقة القبائل بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم 12 مارس (آذار) الجاري، تلبية مجمل المطالب التي رفعها سكان منطقة القبائل، ومنها جعل الأمازيغية لغة وطنية وترحيل فرق الدرك الوطني من كافة منطقة القبائل.

ومع ما اعتبره ملاحظون «تنازلات مجانية وغير دستورية» لصالح المحتجين في منطقة القبائل من طرف رئيس الدولة، فإن أطرافا في المنطقة لم يعجبها ما اتخذه بوتفليقة من قرارات، وهو ما يفسر استمرار، بل تأجج، الاحتجاجات والمظاهرات، في أهم جيوب المنطقة إلى حد الإعلان عن رفض إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 30 مايو (أيار) القادم والتهديد بالانتقام من أي حزب أو أشخاص يغامرون بالترشح في المنطقة وفي أول رد فعل على قرار ترحيل قوات الدرك، أعرب رئيس حركة مجتمع السلم محفوظ نحناح (مشارك في الائتلاف الحاكم) عن استيائه لتطورات الأحداث، وأعلن ضمنا مساندته لقوات الدرك المرحلين وانتقاده للرئيس بوتفليقة، حيث أكد، مساء أمس، في تجمع أمام مناضليه أنه لا يعقل أن ترحّل فرق الدرك الوطني من منطقة القبائل على اعتبار أنها تسببت في مقتل كثير من المتظاهرين خلال الأحداث ولا يحاسب المتظاهرون الذين خربوا الأملاك العمومية في منطقة القبائل وفرضوا حظرا على مدن وقرى تلك الجهة طيلة أحد عشر شهرا ولا يزالون.

وفي غرب البلاد، اصيب 12 شخصاً على الاقل بجروح خلال اعمال عنف اندلعت خلال عملية توزيع وحدات سكنية. وقال شهود عيان ان المتظاهرين هاجموا اول من امس مقر بلدية سعيدة (440 كلم غرب العاصمة) في اعقاب نشر السلطات المحلية قائمة المستفيدين بالوحدات السكنية. واضافت المصادر ان الحشود الغاضبة حاصرت مبنى البلدية قبل اقتحامه وتحطيم مكاتبه وواجهاته الزجاجية ثم اضرام النار في عشرات الوثائق الموجودة بداخله. وبدأت اعمال العنف هذه احتجاجاً على ما وصفه المتظاهرون بالتوزيع غير العادل للوحدات السكنية البالغ عددها 18 الف وحدة.

ونشر مسؤولو البلدية الخميس الماضي قائمة تتضمن قبول 1181 طلبا. ويقول المحتجون ان غالبية المستفيدين شابات غير متزوجات أو عائلات لا تعاني من أزمة السكن.

وأكد الشهود ان المواجهات اتسع نطاقها عندما تدفقت أمواج جديدة من المحتجين أغلقوا الشوارع الرئيسية للمدينة وحطموا أجزاء من مبنى الدائرة وشركات البريد والغاز التي احرقت بها العديد من أجهزة الكومبيوتر.

وتعاني الجزائر من أزمة كبيرة في السكن. وقال عبد المجيد تبون وزير السكن ان البلاد تواجه عجزا مقداره 600 ألف وحدة سكنية. وتعول الحكومة حاليا على استثمارات صناديق تنمية خليجية للتخفيف من وطأة الازمة.