فريق التحقيق المصري يهاجم التقرير الأميركي حول كارثة البوينغ

TT

أعلن فريق التحقيق المصري في حادث تحطم الطائرة المصرية بوينغ 767 أمام السواحل الأميركية، الذي وقع قبل أكثر من عامين، أمس، عدم اعترافهم بالتقرير الأميركي النهائي الذي حوى أسباب هذه الحادثة، مؤكدين في مؤتمر صحافي عقدوه أمس في المقر الاداري لشركة مصر للطيران، أن التقرير المصري هو الذي تعترف به الحكومة المصرية وشركة مصر للطيران.

وشن الكابتن محسن المسيري رئيس لجنة التحقيق عن الحكومة المصرية، والكابتن شاكر قلادة رئيس المحققين عن شركة مصر للطيران، هجوماً شديداً على المسؤولين بهيئة سلامة النقل، الذين رفضوا التعاون مع الخبراء المصريين وعطلوا محاولاتهم للوصول للحقيقة حول أسباب الحادث. وقال الكابتن شاكر قلادة ان التقرير المصري الذي يقع في 225 صفحة يكشف الحقيقة الكاملة حول ما حدث منذ سقوط الطائرة في 31 أكتوبر (تشرين الاول) عام 1999، وحتى اعلان التقرير النهائي. وطالب الاعلام المصري والعربي بتجاهل التقرير الأميركي قائلاً: «تقريرنا أمام تقريرهم، ولن يؤخذ بالتقرير الأميركي في المحاكم ولن «تترتب عليه أية آثار قانونية، لذلك فإن من يطلب الحقيقة سيجدها في التقرير المصري».

ورغم أن التقرير الأميركي أسقط اتهام جميل البطوطي بالانتحار أو الاسقاط العمد، إلا أن قلادة طالب الاعلام المصري والعربي اعلان براءة الطيار المصري بناء على التقرير المصري قائلاً: «أرجو ألا تقللوا من قيمة التقرير المصري وتركزوا فقط على التقرير الأميركي».

وفي محاولة لامتصاص غضب الصحافيين ووسائل الاعلام العربية التي صبت غضبها على تفويض الأميركيين بالتحقيق في الحادث رغم أنهم على رأس قائمة الاتهام، أكد قلادة أن التفويض المصري لهيئة سلامة النقل الأميركية لا يعني الزام المصريين بقبول التقرير الذي انتهوا إليه. وقال ان الأميركيين تلقوا ثمن ما قاموا به من خدمات بحث وانتشال حطام وتحليل سجلات بيانات وأصوات، من الخزينة المصرية بالكامل، وبالتالي فإن التقرير يعكس فقط رأي هيئة سلامة النقل.

ودافع قلادة بالقول ان التفويض كان أمراً لا بد منه لوقوع الحادث بالقرب من السواحل الأميركية، اضافة لعوامل أخرى أهمها أن الطائرة أميركية وبين الضحايا نحو 100 راكب أميركي، وامتلاك الأميركيين بشهادة العالم أفضل أدوات البحث والانقاذ ونظم وتكنولوجيا تحليل المعلومات. ونفى قلادة أن يكون تفويض الولايات المتحدة بالاشراف على التحقيقات قد أضر بمصالح مصر أو الشركة الوطنية أو مصالح أهالي الضحايا. وقال ان «البديل أمامنا كان استئجار السفن والغواصات من البحرية الأميركية، واستئجار معامل هيئة سلامة النقل لتحليل الأصوات والمعلومات وهو نفسه ما حدث بموجب التفويض لأن مصر دفعت تكاليف التحقيقات».

ودافع المسيري الذي تعرض لهجوم شديد خلال المؤتمر الصحافي، عن موقف فريق التحقيق المصري التزام الصمت طوال 29 شهراً هي عمر التحقيقات، تعرض خلالها طيارو الشركة لاشكال مختلفة من الهجوم والادعاءات التي أساءت لشركة مصر للطيران وأدت لازدياد السخط داخل الرأي العام المصري، لعدم اعلان الحقائق حول التسريبات المستمرة في الاعلام الأميركي. ونفى المسيري أن تكون هناك عوامل سياسية أثرت على أداء الفريق المصري، مشيراً الى أن المحققين المصريين كانوا مطلقي الأيدي تماماً من جهة القيادة السياسية المصرية ولم يطلب منهم في أي مرحلة من التحقيقات التغاضي أو عدم التصعيد مع الأميركيين، وأضاف أن الأميركيين هم الذين تعمدوا حجب المعلومات عن الجانب المصري وامداده أحياناً بمعلومات مشفرة استغرقت من المصريين شهورا لحل شفرتها وتحليل ما بها.

وقال المسيري ان الاعتراض المصري على التقرير الأميركي انصب على المضمون والنتائج والاجراءات التي تمت أثناء التحقيقات رغم أن فريق التحقيق المصري يعتبر الصورة التي خرج بها التقرير جيدة وانتصاراً لمجهوداتهم. ودافع المسيري عن اللجوء للاعتراض على التقرير لدى هيئة سلامة النقل بدلاً من احالة التحقيقات لطرف ثالث. وكشف أن محاولات في هذا الصدد بدأت أثناء التحقيقات لكن توقفت بسبب امتناع جهات دولية عن التعاون حرصاً على مصالحها مع الأميركيين.

وكشف المسيري أيضاً أن فريق التحقيق المصري استعان بأربعة خبراء من منظمة الطيران المدني الدولي، الذين بحثوا على مدى شهر كامل في بيانات ومعلومات الحادث التي استخرجها الأميركيون وكتبوا تقريراً مطابقاً للتقرير المصري يتضمن نفس النتائج التي توقفنا عندها ونفس الشكوى من نقص المعلومات. وأكد التقرير أنه لا يمكن اغلاق ملف الحادث من دون استكمال المعلومات والبيانات الناقصة.

وقال المسيري ان معاينة 80% من الحطام الذي تم انتشاله من قاع المحيط لم يظهر به آثار انفجار من الداخل أو الخارج. وقال ان انفجار الطائرة حدث عند ارتطامها بسطح الماء بعد أن هوت بسرعة تجاوزت سرعة الصوت ووزنها الذي يصل نحو 180 طنا.

ورفض المسيري مع ذلك استبعاد حدوث تخريب بالطائرة في مطار جون كيندي، أو اصابتها بصاروخ، وقال «اننا كفريق مصري توصلنا فقط لاستبعاد نظرية واحدة هي انتحار الطيار أو اسقاطه الطائرة عمداً، ولا نستطيع التسرع باطلاق أحكام أو تسريب سيناريوهات على غرار ما فعل الأميركيون من دون أدلة، ما زالت لدينا مناطق غير كاملة أولها بحث روافع الذيل، والاجراءات الأمنية في المطارات الأميركية التي ثبت أنها ضعيفة وهزيلة بعد أحداث 11سبتمبر (ايلول)، ثم صور الادارات العسكرية التي رفض الأميركيون كشفها بحجة أنها أسرار عسكرية، ولكننا رجعنا للقانون الدولي ووجدنا غير ذلك، ولكن الأميركيين رفضوا ذلك أيضاً واعتبروها مسألة سيادة دولة على معلوماتها.

وأضاف المسيري أن المحققين المصريين على خلاف ما يعتقد الرأي العام المصري والعربي لم يتركوا أي احتمال أو معلومة حول الحادث، ومنها شهادة الطيار الأردني الذي أفاد برؤيته شهاب ناري يتجه نحو الطائرة المصرية، وقال: لقد عانينا الكثير كي نحصل على هذه الشهادة ولم نتمكن من الحصول عليها إلا في ابريل (نيسان) 2000 أما الطيار نفسه فقد اختفى.

وأعلن المسيري أن الشركة ستستكمل اختباراتها مع بوينغ بعيداً عن هيئة سلامة النقل ليس للدفاع عن مصر للطيران ولكن لحرص الشركة على التوصل لأسباب الحادث من أجل سلامة الطيران ومن أجل سلامة صناعة الطيران.

وقبل نهاية المؤتمر الصحافي وجه وليد البطوطي ابن شقيق مساعد الطيار جميل البطوطي والمتحدث باسم أسر طاقم الطائرة، الشكر لفريق التحقيق المصري، وأكد أن ما لحق باسم عمه طوال 29 شهراً من التحقيقات على أيدي الاعلام الأميركي قد أزاله نجاح الجهد الذي بذله المحققون المصريون في اجهاض اتهام عمه بالانتحار، أو اسقاط الطائرة عمداً.