السلطات الأميركية تحاول فك لغز اختفاء 3 آلاف عربي ومسلم تريد إجراء مقابلات معهم

تقارير بهروب معظمهم الى كندا والمكسيك * احتجاز لبناني أسبوعين لأنه نسي جواز سفره

TT

لم تنجح التكنولوجيا الأميركية المتطورة ولا محاولات وتحركات وكالة الاستخبارات الأميركية (سي. آي. ايه)، أو تحقيقات واعتقالات مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي (إف. بي. آي) في فك اللغز المحير وكشف أسرار اختفاء ثلاثة آلاف عربي ومسلم مطلوبين للتحقيق ضمن الخمسة آلاف شخص الذين أعلنت وزارة العدل الأميركية قبل ثلاثة أشهر انها تنوي التحقيق معهم من اجل التوصل الى معلومات اضافية عن الانتحاريين الذين هاجموا مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بطائرات مختطفة في الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي.

وأكد وزير العدل الأميركي جون اشكروفت في تصريح له الأسبوع الماضي «انه لا يعرف أين اختفى هؤلاء»، بينما ذكر تقرير صادر عن وزارة العدل ان الجولة الأولى من التحقيقات أوصلت أجهزة الأمن للكثير من المعلومات المهمة.

وأكدت تقارير ان المحققين توصلوا الى معرفة اسم وعنوان رجل تربطه علاقة بمنفذي الهجمات الانتحارية.

وفي مواجهة الاحتجاجات من قبل لجان حقوق الانسان والجالية العربية والاسلامية في الولايات المتحدة قال اشكروفت «ان الاستجوابات لن تكون اجبارية، وانها ستنتهي خلال شهرين».

ورغم تصريحات وتطمينات اشكروفت إلا ان القلق ما زال يراود السلطات الأمنية الأميركية لعدة أسباب من أهمها الأخطاء التي ارتكبتها اجهزة الهجرة الأميركية، واختفاء ثلاثة آلاف عربي ومسلم مطلوبين للتحقيق، ويخشى ان يكون من بينهم ـ كما صرح مسؤولون أمنيون اميركيون ـ من يخطط حالياً لهجمات انتحارية جديدة.

وتحاول هذه السلطات حالياً ان تفك لغز هذا الاختفاء من خلال اجهزتها التكنولوجية المتطورة وتحرياتها المتعددة، والتي كلفتها ملايين الدولارات دون ان يتم التوصل حتى لخيط واحد يقود الى مجموعة منهم.

ومن ضمن الاجراءات الأميركية لحل هذه المعضلة، ومحاولة عدم تكرار مثيلاتها، نشرت الحكومة الأميركية خلال الأسبوعين الماضيين قوات من الحرس الوطني على طول حدودها مع المكسيك وكندا اللتين تشير عدد من التقارير الى امكانية هروب بعض المختفين عن طريقهما.

وانتشر ألف جندي من الحرس الوطني الأميركي على طول الحدود مع المكسيك التي تصلها بولاية كاليفورنيا في اول اجراء من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، في الوقت الذي انتشرت فيه قوات مماثلة على طول الحدود مع كندا.

وفي الوقت الذي تشدد فيه السلطات الأميركية اجراءاتها مع العرب والمسلمين سواء كانوا المقيمين الشرعيين او غير الشرعيين، تغض الطرف عن اكثر من 8 ملايين مهاجر مكسيكي غير شرعي في الولايات المتحدة، كما أشار تقرير أعلن اخيراً في ولاية كاليفورنيا، وأكد ان نصف هذا العدد يعمل في المزارع، بينما 9% منهم يعملون في المطاعم و16% في الصناعة و25% في أعمال خاصة.

وأوضح التقرير ان الاجتماع الذي عقد أخيراً بين الرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس المكسيكي فيسينتي فوكس لم يتوصل الى حل لهذه المشكلة، مشيراً الى ان الحدود الأميركية ـ المكسيكية ما زالت ترسل مزيداً من المهاجرين غير الشرعيين، رغم كل الاجراءات والاحتياطات المعمول بها.

وذكر التقرير ان هذه الأعداد الهائلة من المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين يمثل عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد والأمن الأميركيين.

ورغم جرس الانذار الذي أطلقه هذا التقرير، إلا ان الأنظار الأمنية الأميركية ما تزال متجهة الى العرب والمسلمين، حيث داهمت السلطات الأمنية الأميركية الأسبوع الماضي عدداً من المؤسسات الاسلامية وصادرت محتوياتها وأجهزتها الالكترونية، ولا تزال هذه السلطات تشدد اجراءاتها على العرب والمسلمين على حدودها مع الدول الأخرى، أو حتى في حدود المدن الأميركية نفسها، إذ شهدت نقطة التفتيش بين مدينتي سان دييغو ولوس انجليس حادثة احتجاز مواطن لبناني يحضر لرسالة الماجستير في احدى جامعات مدينة سان دييغو لأنه نسي جواز سفره في منزله، ولم تنفع محاولات المواطن اللبناني لاقناع السلطات الأمنية بأن مسؤولي الهجرة أكدوا له أن اجراءات تجديد اقامته تتطلب بعض الوقت، وتمت احالته للمحكمة التي أصدرت حكمها بضرورة اطلاق سراحه.

ويقع عدد من العرب والمسلمين ضحايا لهذه الاجراءات المشددة رغم عدم علاقتهم لا بالأحداث ولا حتى بالهجرة غير الشرعية، وتزايدت هذه الاجراءات بعد أخطاء أجهزة الهجرة الأميركية المتعددة، ومن أبرزها اعلان معهد للطيران في ولاية فلوريدا انه تلقى موافقة على تأشيرات الدخول لاثنين من خاطفي الطائرات المفترضين الذين نفذوا اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) بعد ستة أشهر على عمليتهم الانتحارية.

وتواصلت هذه الأخطاء بحسب مصدر قضائي أعلن الأسبوع الماضي ان وزارة العدل فتحت تحقيقاً ادارياً حول خطأ جديد ارتكبته اجهزة الهجرة الأميركية، عندما تسببت في اختفاء أربعة باكستانيين في الولايات المتحدة تلقوا تأشيرات دخول مؤقتة غير شرعية، وقال الناطق باسم وزارة العدل دان نلسون «انه أطلقت عملية بحث واسعة النطاق للعثور على أولئك الأشخاص».

وكان موظف في أجهزة الهجرة قد قام باعفاء طاقم سفينة شحن روسية تحمل العلم المالطي قادمة الى نورفولك (فيرجينيا) من الحصول على تأشيرات دخول وسمح لهم بالدخول الى الأراضي الأميركية، وعندما عاد الطاقم تخلف الباكستانيون الأربعة الذين انضموا الى الثلاثة آلاف عربي ومسلم المختفين حالياً دون أي أثر لهم.