مقاتلو «القاعدة» يعيدون تنظيم صفوفهم في جنوب أفغانستان والسكان المحليون يطلبون منهم الرحيل

الظواهري شوهد قبل أسبوعين وبيان لـ«القاعدة» يطلب من سكان باكتيا «مد يد المساعدة لإخوانكم المسلمين»

TT

يقول مسؤولون محليون وقرويون ان مسؤولي طالبان و«القاعدة» يعقدون اجتماعات حاليا في قرية زيروك الاستراتيجية، التي تفصل بين الجزءين الشرقي والجنوبي لافغانستان، وذلك لوضع اللمسات النهائية لخطتهم بشأن حرب العصابات التي ينوون شنها في فصلي الربيع والصيف. وكانت قرية زيروك هي الموقع الذي شُنت منه الهجمات الاولى على الجيش الروسي عام .1979 ويقول المسؤولون ان القائد الافغاني الشهير جلال الدين حقاني، الذي نظم ذلك الهجوم قبل اكثر من عقدين من الزمان، هو الذي ينظم الهجوم الحالي المرتقب.

ولكن تنظيم هجمات جديدة على قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ليس بالسهولة التي يتصورها هؤلاء، بل سيواجه بمقاومة اكثر شراسة من كل ما عهدوه في الماضي. ويعود السبب الاول في ذلك الى ان القوات الخاصة الاميركية المزودة بنيران جوية كثيفة، لا تزال تبحث عن عناصر «القاعدة» الذين ربما يكونون قد هربوا من القتال الذي دار في منطقة شاهي كوت بغارديز في شرق افغانستان الشهر الماضي. والسبب الثاني هو ان السكان المحليين يساعدون القوات الاميركية.

وفي قرية نيكا، التي كانت هدفا لنيران طائرات «بي 52» الاربعاء الماضي، قام القرويون بابلاغ بعض طلائع قوات «القاعدة» بأن وجودهم ليس مرغوبا فيه وانه ليس مسموحا لهم بالاختباء في الكهوف الواقعة فوق مزارعهم.

ويقول حاج شنديغول زردان، الذي قاد وفدا من القرويين في نهاية الاسبوع ليتحدث الى المقاتلين «قلت لهم ان هذه المسألة خطرة بالنسبة لنا. الطائرات الاميركية تحلق في الجو، وستقوم بالقاء قنابل لا حد لها بمجرد معرفة وجود هؤلاء المقاتلين. وقد طلبت منهم بمنتهى الوضوح ان يغادروا المنطقة. واذا لم يغادروا فاننا سنقاتلهم. وقد استجدونا لنسمح لهم بالبقاء اسبوعا واحدا، وهو امر لا يمكننا ان نقبله».

وقال اعضاء الوفد الذي زار المقاتلين ان هناك مجموعة كبيرة من الشيشان بينهم، وانهم مسلحون بصورة جيدة ومعنوياتهم عالية. ويقولون ان كتائب المقاتلين تتحرك في مجموعات صغيرة في اقليم باكتيا بافغانستان. ويقول المحللون الغربيون انهم سيواصلون التحرك في هذه المجموعات الصغيرة حتى لا يحاصروا من قبل قوة غربية تفوقهم من حيث جودة السلاح وكثافة النيران.

وقال تشارلز هيمان، محرر مجلة «جيوش العالم» إن «ما نراه من «القاعدة» حاليا يعتبر استراتيجية جديدة لانهم استفادوا من دروس المواجهات السابقة مع جيوش التحالف، وخاصة في تورا بورا. ولن يتم القبض عليهم في مجموعات كبيرة في الوقت الحالي على الاقل».

وهناك تقارير كثيرة تشير الى ان «القاعدة» تعيد تجميع صفوفها وتستعد لشن هجمات جديدة. وقال كمال خان زردان، نائب الحاكم والقائد العسكري لاقليم خوست «كنت قد اكدت قبل ذلك صحة التقارير التي اشارت الى ان «القاعدة» تعيد تجميع صفوفها في الاجزاء الجنوبية والشمالية من اقليم خوست، وذلك استعدادا للهجوم على قواتي وعلى القوات الاميركية ايضا». ويقود زردان قوات من 600 مقاتل افغاني تلقوا تدريبات على ايدي القوات الخاصة الاميركية. واضاف خان «ركزت «القاعدة» نشاطاتها حول ايمن الظواهري، الرجل الثاني في التنظيم، والذي ظهر في هذه الاماكن قبل اسبوعين. وهناك تقارير مؤكدة انه ما يزال بالمنطقة قريبا من الحدود مع باكستان».

ويقول المسؤولون والقرويون على حد سواء ان جزءاً كبيراً من مخططات «القاعدة» لشن حرب العصابات، يتم كذلك داخل باكستان وفي المنطقة الحدودية بينها وبين افغانستان. وقد اعتقل 60 شخصاً، بينهم 45 من عناصر «القاعدة» وطالبان الاسبوع الماضي في حملة مداهمات جرت في باكستان وشاركت فيها قوات خاصة اميركية بمساعدة قوات باكستانية. وتشتبه الولايات المتحدة في ان واحدا من بين المعتقلين ربما يكون ابو زبيدة المساعد الرئيسي لابن لادن، والذي يعتقد انه كان عاكفاً على اعادة تنظيم «القاعدة» بعد سقوط نظام طالبان.

ولا تزال حملة «القاعدة» من اجل كسب تأييد السكان المحليين جارية في منطقة نيكا. ويقول بيان وزعته «القاعدة» في الآونة الاخيرة في اقليم باكتيا «ايها الاخوة المسلمون، يا اهل افغانستان الابطال: مرة اخرى يزكيكم الله ويختاركم لامتحان ايمانكم وشجاعتكم. ان الوضع شبيه بما كان عليه قبل عشرين سنة عندما واجهتم الروس. فقد امتحنكم الله واجتزتم الامتحان بفضل الله وعونه. وقد جاء الوقت مرة اخرى لتتوحدوا من جديد وتمدوا يد المساعدة لاخوة لكم من المسلمين ومن اهل هذه الارض ومواطنيها المخلصين. يجب ان نقاتل معاً ضد كل الدمى الاجنبية والقوات الاجنبية وعملائها». وقد وقع البيان باسم «المجاهدون في سبيل الاسلام». واختتم البيان بالنداء التالي: «كل الذين يجدون في انفسهم الرغبة لخدمة الاسلام يجب ان يتصلوا ببعضهم البعض وسنكون على اتصال بكم عما قريب».

ولكن لا يبدو ان القرويين يفكرون كلهم بنفس الطريقة عندما يتعلق الامر بالقتال ضد «القاعدة» وكشف اعضائها. وكان محمد علي جلالي، حاكم باكتيا، يتجول ضمن موكب من 5 سيارات بيكاب و50 مقاتلا مسلحا في منطقة نيكا. وقد رفض القائد المعمم، النحيل، ذو اللحية الطويلة، السماح للحاكم الذي عينته حكومة كابل بدخول اقليمه. وقال القائد: «لا يوجد مقاتلون ينتمون الى «القاعدة» في هذه المنطقة، فهؤلاء إما انهم قتلوا او هربوا الى باكستان او ايران».

وقد حذر الحاكم بداية هذا العام من ان القوات الاميركية ستصبح اهدافا مشروعة اذا بقيت في افغانستان لفترة اطول من تلك المتوقعة من قبل اهلها، او اذا بقيت من دون ان تشارك في اعادة اعمار البلاد. وقال انه يشعر بالمرارة من جراء القصف الذي تعرضت له نيكا، واستمر لمدة اسبوع. واضاف الحاكم بحدة لم يحاول اخفاءها «هذه المناطق يجب الا تقصف، كما يجب الا يقتل المدنيون الابرياء».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»