باريس تكشف عن اجتماع بين سعود الفيصل وفيدرين لتنسيق تحرك مشترك تجاه أميركا

TT

كشفت وزارة الخارجية الفرنسية امس عن لقاء حصل نهاية الاسبوع الماضي بين الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ونظيره الفرنسي هوبير فيدرين، في مقر وزارة الخارجية بحضور السفير السعودي في فرنسا الشيخ فيصل الحجيلان ومدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية ايف اوبان دو لاميسوزيير.

وجاء في بيان صادر عن الخارجية الفرنسية امس، ان الوزيرين ناقشا «الخطوات اللاحقة التي يجب ان تتبع صدور القرار 1402 عن مجلس الامن الدولي».

ووفق مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في باريس، فان سعود الفيصل وفيدرين اتفقا على التحرك بهدف تعبئة دول الجامعة العربية من جهة ودول الاتحاد الاوروبي من جهة ثانية والقيام بتحرك متواز ازاء الولايات المتحدة الاميركية والضغط عليها لغرض تحويلها عن الخط الذي تنتهجه»، والقائم على دعم سياسة ارييل شارون. وافادت هذه المصادر ان الوزيرين اعتبرا ان «الكلام بلغة واحدة لواشنطن ربما يجعلها تسمع ما يقال لها».

وشددت هذه المصادر على ضرورة توفير الدعم والتشجيع لبعض اطراف الادارة الاميركية «التي ما زالت تتمتع بالحس السليم في ما خصّ الشرق الاوسط»، غير ان هذه المصادر تعترف بصعوبة التأثير في الوقت الحاضر، على الموقف الاميركي بعد المواقف الحازمة والفعلية التي عبّر عنها الرئيس بوش في الايام الاخيرة والداعمة قطعا لسياسة شارون القمعية.

وتعتبر هذه المصادر ان واشنطن «قررت اعطاء شارون مزيدا من الوقت لاتمام عملياته العسكرية في الاراضي الفلسطينية»، وهم بالتالي «يرفضون التحرك قبل ان يتحقق هذا الهدف».

كذلك ابدت باريس استياءها من الانقسامات الاوروبية المتجددة بشأن الملف الاسرائيلي ـ الفلسطيني. وكشفت هذه المصادر ان فيدرين اتصل بنظيره الاسباني جوزيب بيكيه، الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي من اجل القيام بتحرك اوروبي جماعي للتأثير على الوضع في الشرق الأوسط، غير ان الوزير الاسباني رفض السير في هذا الاتجاه بحجة «عدم التداخل» مع المواقف الاميركية، مما يعني، كما قالت هذه المصادر، التحاقا دبلوماسيا بواشنطن.

واطلع فيدرين الامير سعود الفيصل على صعوبة اعادة تحريك الاتحاد الاوروبي، في الوقت الراهن «لان اوروبا لا تمتلك سياسة تحرك خارجية في وقت الازمات». وفهم ان باريس تسعى في الوقت الحاضر الى اعادة تكوين مجموعة اوروبية من 4 أو 5 دول لها مواقف متقاربة وتكون فرنسا محورها على ان تسعى لاحقا لاجتذاب دول اوروبية كبرى، وربما المانيا بغرض اعادة توفير الانسجام في الصف الاوروبي والانطلاق مجددا في تحرك اوروبي جماعي. وتعتبر هذه المصادر ان مثل هذا التحرك اليوم «مستحيل» بسبب التشرذمات الاوروبية.

وتطرح باريس عدة افكار للتحرك ان في مجلس الامن الدولي لايجاد آلية تسمح بتطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1402 او لتهدئة الوضع ميدانيا. لكنها لا تريد، كما قالت اوساط واسعة الاطلاع، زيادة الانقسامات الاوروبية.

وكان الموضوع العراقي من بين المسائل التي ناقشها الامير سعود الفيصل مع فيدرين.

وفي مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية في عددها ليوم امس، اعلن الامير سعود الفيصل ان هدف شارون الذي رفض مبادرة السلام العربية هو «القضاء على جهود السلام ودفع الشرق الأوسط كله الى التطرف وتحويل اسرائيل الى قلعة مرتبطة بالولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية ومعزولة عن العالم العربي».

وقال سعود الفيصل: «شارون لا يكتفي بقتل الفلسطينيين، انه يقضي على حظوظ السلام داخل اسرائيل وهذه غلطة اكثر فداحة».

واتهم الوزير السعودي شارون باعتماد التصعيد العسكري الاخير من اجل القضاء على الانفتاح الاميركي (ازاء الفلسطينيين) والمتمثل في القرار 1397 والاعتراف بحق الفلسطينيين باقامة دولتهم وارسال الجنرال زيني واقامة اللجنة الرباعية. وقال سعود الفيصل «اذا كانت ثمة حظوظ سلام في المنطقة، فان دور الولايات المتحدة اساسي وليس لنا ان نضيّع هذه الفرص». ودعا الوزير السعودي الدول العربية الى تشجيع هذا التوجه الاميركي والى ممارسة ضغوط في هذا الاتجاه رغم المواقف الاميركية التي تميل بشكل طبيعي الى جانب اسرائيل.

وأكد سعود الفيصل ان الدول العربية لن تقع في الفخ الذي نصبه شارون ومنطقه القائل ان اسرائيل محاطة بالعداء العربي وذلك عن طريق التهديد بعمل عسكري ضدها. كذلك رفض الوزير السعودي استخدام سلاح النفط وسيلة ضغط وقال: «ان النفط هو اكثر ما يحتاجه العرب لتحقيق نموهم واذا ارادوا ان يزيدوا من قوتهم في وجه اسرائيل، فليس امامهم من بديل الا الاستمرار في استغلال النفط والغاز».