أسير لدى قوات الطالباني يكشف علاقة «أنصار الإسلام» الكردية بابن لادن وعميل سابق للمخابرات العراقية يقدم معلومات عن دعم بغداد لها

TT

يحذر المسؤولون الامنيون المحليون في محافظة السليمانية الكردية العراقية من ان مقاتلي بعض «انصار الاسلام» «القاعدة» وطالبان الذين اخرجتهم من افغانستان عملية اناكوندا الاميركية، يلتحقون الان بالقتال في جبهة بشمال العراق. ويقولون ان منظمة جند الاسلام سابقا الاصولية المتطرفة، التي ظلت تمارس اعمال القتل بشمال العراق خلال الـ 14 شهرا الماضية، قد استفادت من معركة شاهي كوت، في افغانستان، والتي تمكنت فيها القوات الاميركية من اقتلاع المتطرفين التابعين لاسامة بن لادن.

قال مسؤول امني كبير في المنطقة: «ظلت اعدادهم تتزايد منذ انتهاء معركة اناكوندا. نحن لا نعرف على وجه التحديد كم عددهم ولكن كل يوم يمر يفاقم الاخطار التي يمثلونها». ومع تزايد اعداد عناصر «انصار جند الاسلام»، فان معلومات جديدة حول علاقاته باسامة بن لادن والرئيس العراقي صدام حسين تظهر كل يوم. وترجع علاقات المنظمة بالقاعدة الى عام 1989، وتشمل زيارات منتظمة من قبل كوادر بن لادن الى شمال العراق، اضافة الى زيارة قام بها الى قندهار قادة منظمة «جند الاسلام» (قبل ان تغير اسمها اخيرا الى: انصار الاسلام»، للقاء قادة القاعدة في صيف عام .2000 ويقول احد قدامى المسؤولين الامنيين ان الحكومة العراقية وفرت المال والتدريب بصورة سرية لمنظمة جند الاسلام وذلك بغرض زعزعة «المنطقة الآمنة» واضعاف المعارضة الكردية. ومن المعروف ان اية علاقة بين القاعدة والعراق يمكن ان تستخدم من قبل ادارة بوش للعمل من اجل اسقاط الرئيس العراقي.

يقلل بعض القادة الاكراد من الخطر الذي تمثله منظمة «انصار الاسلام»، ويقول قادة التنظيمات الاسلامية انهم اقنعوا المنظمة بتغيير اهدافها، وهذا يعني انهم لن يقاتلوا الاكراد ولن يقاوموا سعيهم من اجل اقامة دولة علمانية، كما فعلوا في سبتمبر (ايلول) الماضي.

ولا تتعدى قوة منظمة «انصار الاسلام» عدة مئات من المقاتلين، ولكنها تسيطر على عدد من القرى الكردية بشمال العراق بالقرب من الحدود مع ايران وعلى اطراف المنطقة التي تقوم بحمايتها الولايات المتحدة.

جاءت المعلومات عن علاقة هذه المنظمة بالقاعدة من رافد ابراهيم فتاح، وهو عربي عراقي اعتقلته قوات الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني. وقد وافق فتاح على اجراء مقابلة صحافية معه في مباني الامن التابعة للاتحاد الوطني بالسليمانية. وقال انه هرب من بغداد الى ايران في منتصف الثمانينات وظل مقيما في مخيم للاجئين بطهران منذ ذلك الوقت. واضاف انه التقى عام 1989 باثنين من العراقيين الذين جاءوا من معسكرات المجاهدين في باكستان خصيصا من اجل اقامة علاقات مع منظمة كردية هي «الحركة الاسلامية لكردستان العراق». وقال انهم كانوا يريدون اقامة هذه الصلات «لان هناك جهاداً في بشاور بباكستان، وان هذه الحركة تمارس الجهاد هي الاخرى».

والحركة الاسلامية لكردستان هي مظلة سياسية فضفاضة، انقسمت مؤخرا الى عدة فصائل. وقد سمى الجناح المتطرف نفسه جند الاسلام ثم غير هذا الاسم الى «انصار الاسلام».

وقال فتاح انه التقى باثنين من «الاخوة» في ايران وان احدهما، وهو ابو ايوب، كان يدعي انه ممثل لاسامة بن لادن، وقد قام بزيارة الى المنطقة الكردية العراقية لمدة اسبوعين. واكد فتاح انه رافق ابو ايوب في تلك الزيارة وانه قام بهذه الزيارة مع ابي ايوب، وانه كان يقضي اغلب الوقت مع شقيق ابي ايوب الاصغر، واسمه نجم، وقال ان هذا الاخير لم يكن يحضر «الاجتماعات الكبيرة».

ويقول فتاح ان هذه الصلات استمرت لعدة سنوات بعد ذلك. وكان شخص كردي، اسمه ابو جعفر يقوم بزيارات الى كردستان مرتين في العام اثناء التسعينات قادما من باكستان، من اجل تجنيد مقاتلين في صفوف الجهاد. وقال فتاح ان الاسلاميين الاكراد كانوا يقيمون في منزل خاص بهم في بيشاور، مثلهم مثل المجموعات الاسلامية الاخرى في باكستان.

اما فتاح نفسه فقد ذهب الى باكستان عام 1989، بل التحق كذلك بمعسكرات التدريب في افغانستان ولكنه يقول انه لم يكن يحتمل الحياة في المعسكرات. ولكن يبدو ان العلاقات بين جند الاسلام و«القاعدة» قويت اثناء عام 2000، عندما اصبحت «القاعدة» منظمة قوية فغرست منظمة «جند الاسلام» جذورها في كردستان. وكان فتاح في قندهار عندما سمع بان وفدا عالي المستوى من الاسلاميين الاكراد قد وصل الى هناك. وقال ان احد الاصدقاء قدمه الى ابي وائل وقائدين اخرين من منظمة جند الاسلام. كانوا يقيمون في الاستراحة التي خصصها للضيوف وزير افغاني معروف بدعمه للمجاهدين العرب في افغانستان. وقال انهم اندهشوا عندما ظهر فتاح وصديقه العراقي.

قال فتاح: «كانوا يريدون تقديم انفسهم كحركة مجاهدة وكانوا بالتالي يركزون على القاعدة. وقالوا انهم تسلموا اموالا مرة واحدة من ابو قتادة (اصولي فلسطيني واردني محكوم بالاعدام في الاردن وملاحق في بريطانيا)، وربما لانهم اعتقدوا ان ذلك يساعدهم على الحصول على المزيد من الاموال من القاعدة. واضاف فتاح ان اعضاء الوفد قالوا انهم التقوا ابي حفص المصري، الرجل الثاني في الجهاز العسكري للقاعدة، وذلك لان بن لادن نادرا ما كان يلتقي بمثل هذه المجموعات. واضاف فتاح ان اعضاء الوفد كانوا قلقين من كشفهم بواسطة مواطن عراقي مثله ولذلك حاذروا في الكشف عن تفاصيل مهمتهم. وربما يكون ذلك القلق نابعا من حقيقة انهم كانوا يتلقون دعما من النظام العراقي. وقد صرح قاسم حسين محمدانه كان يعمل بالمخابرات العراقية خلال العقدين الماضيين، وان الرئيس العراقي كان يدعم «جند الاسلام» بصورة سرية، ولعدة سنوات.

قال قاسم محمد: «كانت مجموعات جند الاسلام واعضاء القاعدة يتلقون التدريب من المخابرات العراقية مدرسة المخابرات .999 وتشير معلوماتي الى ان الحكومة العراقية كانت تدعم القاعدة بالسلاح والمتفجرات. ومنظمة جند الاسلام كانت جزءا من القاعدة. وكانت القاعدة تدربها وتزودها بالاموال».

واضاف ان العراق لم ينشئ منظمة جند الاسلام، ولكنه دعمها بنفس الطريقة التي دعم بها منظمة «مجاهدين خلق» الايرانية التي تسيطر عليها المخابرات العراقية سيطرة كاملة على حد قوله.

ويقول قاسم محمد ان ابو وائل هو من اكثر قادة جند الاسلام نفوذا. واوضح انه كان يتلقى اجرا منتظما من المخابرات العراقية وكان حلقة الوصل بين القاعدة والنظام العراقي. وقال قاسم محمد ان مهمته في شمال العراق برهان على وجود تلك الصلة، (اعتقل من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني في اطار هذه المهمة). ويقول قاسم محمد: «بعد غزو الولايات المتحدة لافغانستان فقدت بغداد الصلة بابي وائل، وقد ارسلوني لمعرفة ما حدث لابي وائل، وللتأكد من انه لم يقتل او يؤسر ولكي اعيد الصلة معه اذا كان موجودا».

وقال ان بعض عناصر الاتحاد الوطني الكردستاني لانهم كانوا يعرفون انه كان يحاول الاتصال بالمقاتلين في شمال العراق. ولا يستغرب القادة الاكراد قيام بغداد بدعم هذه المنظمة، حتى ولو توقف الامر على زعزعة الامن بالمنطقة الامنة. وقالوا ان الرئيس العراقي احتضن كثيرا من المنظمات الاصولية مؤخرا.

يقول هوشيار زيباري احد كبار القادة بالحزب الديمقراطي الكردستاني: «حدثت تغيرات كبيرة في شخصية صدام خلال السنوات الماضية. وجند الاسلام حركة ارهابية محلية، متأثرة بمنظمة القاعدة، وهم يعتقدون ان العدو الرئيسي هو الولايات المتحدة، وان الاسلام لا يمكن ان يتحرر بدون التخلص ممن يسمونهم المشركين والكفار. وهم يعتقدون ان الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني هم المشركون والكفار. والمعروف عن مخابرات صدام انها بارعة جدا في اختراق المجموعات الصغيرة».

ويؤكد قاسم محمد هذه الحقيقة ويقول ان الدعم العراقي لمنظمة «جند الاسلام» (انصار الاسلام حاليا) كبير جدا وان هذا الدعم لن يتوقف مطلقا لان صدام يريد زعزعة الامن في هذه المنطقة التي لا تخضع لنفوذه.

وقد ظهرت مؤخرا تقارير غير مؤكدة تشير الى ان منظمة انصار الاسلام تؤوي حاليا مقاتلين من القاعدة استطاعوا التسلل من افغانستان عبر ايران. ولكن الشيخ صديق عبد العزيز، نائب رئيس الحركة الاسلامية لكردستان العراق، يقول انه ليست هناك اية علاقات مع منظمة القاعدة وان المسألة لا تتعدى الاعجاب بابن لادن.

ويقلل الكثيرون من خطر منظمة «انصار الاسلام» ويقولون انها غيرت اساليبها. ويقول جلال الطالباني، ان سقوط نظام طالبان سيؤدي في نهاية المطاف الى اضعاف هذه المجموعة.

«في الماضي عندما كان هناك حكم طالبان، كانت هذه المجموعات تعتقد ان لها قاعدة تنطلق منها. ولكنهم فقدوا هذا الامل وهم معزولون حاليا. بل هم يائسون اذا شئت الدقة. ونحن نناقشهم ونقول لهم من المهم ان يغادر المسلمون العرب المنطقة. اننا نريد حلا سلميا معهم. وسنعطيهم فرصة اخيرة».

* خدمة كريستيان ساينس مونيتور ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»