«حزب الله» يحصر معركته مع إسرائيل بمزارع شبعا إلى حين تخطيها «الخطوط الحمر»

TT

لم تجد المظاهرة الفلسطينية الغاضبة التي انطلقت أول من امس من مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية غير مقر قيادة «حزب الله» لتقف عنده هاتفة لامينه العام الشيخ حسن نصر الله «يا نصر الله يا حبيب اقصف ودمر تل ابيب». فقد بات «حزب الله» لاعباًً في المعركة الفلسطينية على اكثر من صعيد، والانظار تتجه اليه الآن مع اشتداد وطأة الضغط الاسرائيلي على الفلسطينيين لتلبية وعوده المتواصلة بـ«الرد على المجازر الاسرائيلية بالافعال لا الاقوال» وذلك في «التوقيت والمكان والوسيلة المناسبة» كما اكد نصر الله.

وقد جاء تحريك «حزب الله» لجبهة مزارع شبعا ليعزز الاعتقاد بإمكانية فتح جبهة لبنان، خصوصاً ان العمليات الاخيرة (السبت وامس) اتت في سياق حملة تعبئة واسعة يقوم بها «حزب الله» حيال ما يجري في المناطق الفلسطينية، مما اوحى للجميع ان جبهة لبنان مستعدة لتخفف الضغط عن الفلسطينيين، كونها الجبهة الوحيدة التي لا تزال حاضرة للتدخل ومفتاحها ـ نظرياً ـ في يد «حزب الله» الذي يعتبر اسرائيل عدواً استراتيجياً للامة لا يمكن الركون الى حل معها سوى بازالتها من الوجود.

لكن «حزب الله» ـ على ما يبدو ـ غير مستعجل لفتح الجبهة وتوسيعها، رغم انه يواصل توجيه رسائل التضامن مع الفلسطينيين عبر العمليات في مزارع شبعا، فهو لا يزال محافظاً على «الخطوط الحمر» التي رسمها لنفسه منذ الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 بحصر عمله العسكري في منطقة مزارع شبعا، كونها اراضي لبنانية محتلة والعمل لتحريرها يحظى، على الاقل، بشرعية لبنانية وعربية. ويبدو ان لبنان الرسمي، في المقابل، غير مستعد بعد لاحتمالات توسيع المواجهات وفق ما بدا من حديث وزير الخارجية اللبناني محمود حمود الذي رأى ان «الحديث عن فتح الحدود شعار سهل لكن المهم الوصول الى النتيجة المرجوة». كما ان الحزب يرى ان اللحظة الحاسمة لدخوله بقوة على خط المواجهات لم تحن بعد. لكنه يتابع التحضير لاي خطوة اسرائيلية، بما فيها غزو لبنان او مناطق منه مجدداً، وفي يده سلاح الكاتيوشا الذي لم يستعمله ضد المستوطنات الاسرائيلية منذ الانسحاب الاسرائيلي. وهو يدرك تماماً انه سلاح موجع كونه ينقل المعركة الى قلب المستوطنات وصولاً الى حيفا ومدن اخرى. وهذا امر يحسب الاسرائيليون حسابه. وتردد ان الحزب وضع مخططاً لتأمين قدرته في «الرد الموجع» تحت اي ظرف من ظروف المواجهة. وهو حتى الآن متمسك بـ «اصول» المواجهة بعدم تخطي منطقة مزارع شبعا. لكن يبدو ان اطرافاً اخرى قد تدخل على هذا الخط. وهو ما بدا من خلال اطلاق النار على موقع اسرائىلي عند الحدود الاحد الماضي، وكذلك اطلاق صواريخ كاتيوشا على مستوطنة كريات شمونة فجر امس.

ورغم ان مسؤول العلاقات العامة في «حزب الله» وعضو المجلس السياسي الشيخ حسن عز الدين يؤكد ان «لا معلومات» لدى الحزب حول حادثتي اطلاق النار على الموقع الحدودي واطلاق الكاتيوشا على المستوطنة الاسرائيلية، مشدداً على «اننا لسنا حرس حدود لاسرائيل ولسنا معنيين بتقديم من يقف وراء هذا العمل او ذاك»، الا انه يعتبر في المقابل ان ما يجري داخل فلسطين سيدفع كل الشعوب للتعبير، من دون ان يغفل وجود نحو 300 الف فلسطيني في لبنان «لهم اقارب واخوة بالاضافة الى ان ما يجري في الاراضي المحتلة قضية وطن ومصير بالنسبة اليهم».

وعن العمليات التي نفذها الحزب ضد المواقع الاسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، قال عز الدين ان هذه الهجمات «تأتي في اطار التزام المقاومة العمل لتحرير ما تبقى من الارض. وهو حق وواجب والتزام». ولكنه اشار الى «بعد آخر ينسجم مع ما يجري بحق شعبنا في فلسطين المحتلة». وقال: «انها (العمليات) تؤكد بنتائجها ومفاعيلها وآثارها على دعم الشعب الفلسطيني والتضامن معه واعطائه حالة معنوية تمكنه من الصمود والثبات في مواجهة (رئىس الوزراء الاسرائيلي) ارييل شارون الذي يحاول الانقضاض على عملية التسوية». ورأى عز الدين ان تخطي «حزب الله» الاطار الذي رسمه للعمليات وحصرها بمزارع شبعا باعتبارها اراضي لبنانية محتلة وصولاً الى اماكن حدودية اخرى «مرهون بتوسيع اطار العدوان، خصوصاً اذا حاول العدو القيام بعدوان على لبنان»، مؤكداً ان المقاومة «تدرك مواطن الوجع ونقاط الضعف التي يعيشها العدو».

وعن اخذ الحزب بالحسبان ردة الفعل الاسرائيلية وامكانية ان تطال لبنان، قال عز الدين: «المقاومة كانت دائماً حاضرة وجاهزة للتصدي لاي عدوان لان مخاطر العدو لا ترتبط بما يجري في الداخل، فهو تهديد دائم للبنان وغيره». واكد ان المقاومة بانسجامها الدائم مع الموقف الرسمي وبجهوزيتها وامكاناتها «شكلت نقطة قوة للبنان». وقال: «العدو يعرف محاذير توسيع عدوانه او قيامه بأي خطوة واسعة. ويدرك سلفاً حجم الاضرار التي يمكن ان تلحق به».

وقال عز الدين «اننا لن نقصر في اي دعم نقدمه للشعب الفلسطيني». واعتبر ان الحزب الذي اكد سعيه لايصال السلاح الى الفلسطينيين «لن يقصر في هذا الامر اذا كان قادراً. وهذا اقل واجباته».