مظاهرات التأييد للانتفاضة الفلسطينية تعيد الكوفية إلى مجدها في شوارع بيروت

TT

طغت الكوفية على مشاهد الاعتصامات المؤيدة للفلسطينيين، ان في بيروت أو في غيرها من المناطق اللبنانية، فهي رمز «الختيار» او «ابو عمار» ( الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات) كما قال أحد لاجئي مخيم صبرا في ضاحية بيروت الجنوبية.

وحضور الكوفية ميّز الاعتصامات التي نظمها معظم العاملين في الشأن العام اللبناني، ومن تخلف عنها اتهم بالتخاذل والانهزامية، وفوت المشاركة مع الحشد الجماهيري المتعطش لتنفيس غضبه من الاجتياح الاسرائيلي لمناطق الحكم الذاتي الفلسطيني.

وبالطبع ترافقت التظاهرات والاعتصامات مع استنفار لعناصر الجيش وقوى الامن الداخلي، الذين لم يرتاحوا بعد من «استنفار» مؤتمر القمة العربية لهم.

وهكذا حطت الكوفية رحالها على اكتاف السياسيين والمفكرين والمناضلين والعمال والموظفين والصحافيين والطلاب. والمشهد بات واضحاً عبر شاشات التلفزة المحلية والفضائية التي استضافت اكبر عدد من المشاركين في المظاهرات مع كوفياتهم.

كذلك صارت الكوفية آخر صيحة في موضة سيدات المجتمع اللبناني «المناضلات» اللواتي استبدلن شال الحرير بكوفية فاخرة من اعمال الارتيزانا الفلسطينية ووضعنها بأناقة لافتة على ثيابهن المدموغة من اكبر دور الازياء العالمية.

وحكاية الكوفية الفلسطينية لا ترتبط فقط بالتراث والتقاليد العربية المعروفة، وانما تعود بشكل او بآخر الى بدايات النضال الفلسطيني بينعامي 1936 و 1939، أبان حركة الثوار التي حاول الحاج امين الحسيني عقلنتها، الا انها احتدمت واسفرت عن صراعات واغتيالات.

ولعبت الكوفية في هذه الحركة دوراً مزدوجاً فكانت تخفي شخصية لابسها وتسهل له الهرب من الاغتيال او تتيح له متابعة النضال واغتيال اعداء الثورة.

ومعلوم ان ضباط الجيش الاردني وعناصره تميزوا بالكوفية الحمراء والبيضاء، الا ان الرئيس عرفات اعتمر الكوفية البيضاء والسوداء التي لفت رؤوس واعناق جميع المتعاطفين مع النضال الفلسطيني في لبنان منذ العام 1967 حتى العام 1982، حين نزحت مع الاجتياح الاسرائيلي، واختفت من معظم المنازل والمكاتب، وتحولت لاحقا الى تهمة تؤدي بصاحبها الى المساءلة واحياناً الى التصفية في ظل الاحتلال الاسرائيلي للاراضي اللبنانية كما صارت مرفوضة بعد اتفاق اوسلو وما رافقه من نقد وهجوم على ياسر عرفات.

لكن هذه الكوفية عادت وبزخم الى الشارع اللبناني منذ فترة مع عودة الانتفاضة الى واجهة القضية الفلسطينية. ولم يعد حضورها يقتصر على اعناق عامة الناس،فهي تتوافر لمن يشاء بأسعار زهيدة، بل صارت عملاً حرفياً فنياً، برعت في نسجه وتطريزه ارامل الشهداء الفلسطينيين لتباع بأسعار مرتفعة، لاسيما بعدما صارت هدية رمزية تحمل علم فلسطين او صور أهم المعالم الوطنية الفلسطينية كالمسجد الاقصى وكنيسة القيامة ومغارة بيت لحم.