الحريري يلتقي بوش بالبيت الأبيض في 17 الحالي

TT

قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ان على الادارة الاميركية مسؤولية كبيرة عليها ان تتحملها ازاء الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وحذر من ان الوضع في المنطقة هو «في مرحلة تشنج وخطر كبيرين».

هذا الموقف عبر عنه الرئيس الحريري امس في الوقت الذي بدأ اعداد ملف المحادثات التي سيجريها مع الرئيس الاميركي جورج بوش في واشنطن التي سيتوجه اليها في 16 ابريل (نيسان) الحالي في زيارة تستمر اياماً عدة، وهي الثانية التي يقوم بها الى العاصمة الاميركية منذ تولي بوش الرئاسة الاميركية، وقالت مصادر لبنانية مطلعة لـ «الشرق الأوسط» ان زيارة الحريري لواشنطن تكتسب اهمية نظراً الى المواضيع التي سيتناولها في المحادثات التي سيجريها مع بوش في اليوم التالي لوصوله، وهي تتصل بالتطورات الجارية في الاراضي الفلسطينية المحتلة في ضوء العدوان الاسرائيلي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وقيادته وما يرافقه من تهديدات تطلقها اسرائيل ضد لبنان وسورية وبعض دول المنطقة. كذلك ستتركز المحادثات على الموقف الاميركي من هذه التطورات ومستقبل عملية السلام في المنطقة في ضوء مبادرة السلام العربية التي اطلقتها القمة العربية الدورية الرابعة عشرة لدى انعقادها في بيروت في 27 مارس (آذار) الماضي بعدما تبنت المبادرة التي اطلقها ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز لحل النزاع العربي - الاسرائيلي.

ولفتت هذه المصادر الى ان ما يكسب زيارة الحريري لواشنطن ومحادثاته المنتظرة مع الرئيس الاميركي اهمية خاصة ايضاً هو انها ستأتي بعد ايام من زيارة الامير عبد الله للعاصمة الاميركية المقررة في 15 الحالي حيث ستكون له محادثات مهمة مع الرئيس الاميركي كونها ستركز في جانب اساسي منها على المبادرة العربية للسلام.

ولم تستبعد المصادر ان يجري الحريري مع بوش وغيره من المسؤولين الاميركيين الذين سيلتقيهم جولة افق في الموقف الاميركي من الاوضاع في لبنان والمنطقة منذ احداث 11 سبتمبر (ايلول) الماضي وحتى اليوم. وسيركز على الموقف العربي من كل هذه التطورات وكيف ان العرب ادانوا جميعاً هذه الاحداث وايدوا الحملة الدولية التي اطلقتها واشنطن لمكافحة الارهاب.

واشارت المصادر الى ان هذه الزيارة كانت موضع بحث في جانب من لقاء الحريري مساء اول من امس مع السفير الاميركي لدى لبنان فنسنت باتل. وعلم ان الحريري قرر بسببها الغاء زيارته لاسبانيا التي كانت مقررة في 22 ابريل (نيسان) الحالي من اجل التوقيع النهائي على اتفاق الشراكة بين لبنان والاتحاد الاوروبي وتقرر ان يتولى هذا التوقيع وزير الخارجية اللبناني محمود حمود.

وكان الحريري عرض امس مع السفير الفرنسي لدى لبنان فيليب لوكورتييه مجمل التطورات الاقليمية والدولية الجارية ولاسيما منها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة من عدوان اسرائيلي وموقف فرنسا والاتحاد الاوروبي منه.

وقال لوكورتييه بعد اللقاء: «بحثنا في الوضع السائد في منطقة الشرق الأوسط. وتبادلنا الآراء التي ليست نهائية وانما تبادل وجهات نظر في اطار المعلومات. وأعرف ان رئيس مجلس الوزراء على اتصال مع عدد كبير من الشخصيات في العالم سواء في الولايات المتحدة الاميركية والعالم العربي واوروبا. ووجهة نظره استمع اليها دائماً بكثير من الاهتمام. وشعوره هو اننا في مرحلة تشنج وخطر كبيرين. ونعتقد هو وأنا ان لدى الاميركيين مسؤولية كبيرة لتحملها ازاء الوضع الذي يتطور في اسرائىل وفلسطين ويجب بالطبع ان يتحركوا. وفي ما يخصنا لدينا هواجس انسانية لجهة ان لا تتطور الامور كما حدث خلال نهاية الاسبوع الماضي. هناك كثير من القتلى. وهناك كثير من العنف، وهناك كثير من التهديدات لحياة الفلسطينيين وايضاً لحياة المواطنين المدنيين. وهذا وضع لا يمكن التسامح فيه. ولقد طلبنا، لدواع انسانية، الوصول الى مكتب الرئيس عرفات. ونحن نأمل، كفرنسيين واوروبيين عموماً، وضع القرار 1402 موضع التنفيذ الذي يطالب بوقف عمليات العنف المباشرة وانسحاب الجيش الاسرائيلي من الاراضي المحتلة.» واضاف :« منذ اقل من اسبوع انعقدت القمة العربية في بيروت وكان لنا أمل في السلام، وشهدنا ان معظم الدول العربية توافقت حول مبادرة سلام جريئة وصعبة التحقيق بالنسبة الى البعض. ولكن على رغم ذلك فإن معظم الدول العربية ساندتها. اذن لدينا بعض الامل ولمسنا مع الرئيس الحريري انه للأسف لم تكن هناك متابعة وعلى العكس شهدنا تطوراً على صعيد العنف. اذن يجب علينا ان نجهد جميعاً للعمل في اتجاه السلام. ونعرف ان الوضع صعب جداً».

وسئل لوكورتييه: هل يمكن توقع شيء ما من الاوروبيين وتحديداً من الرئيس الفرنسي جاك شيراك لوقف ما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة؟ فأجاب: «ان الرئيس شيراك قد عبر وقد أدان عدداً من التصرفات ودعم بقوة مبادرة السلام التي نتجت عن قمة بيروت. وثمة صوت واحد - ليس للرئيس شيراك وحده بل للحكومة الفرنسية ولفرنسا - وحتى المعارضون لديهم الرأي نفسه - وهو ان على الفلسطينيين والاسرائيليين العودة الى طريق المفاوضات. وعلى الولايات المتحدة الاميركية ايضاً ان تلتزم مجدداً الذهاب في الاتجاه الذي نتمناه. ونحن كأوروبيين مستعدون، لكن من الواضح انه لا يمكننا وحدنا إطلاق هذا المسار. يجب على الاميركيين وعلى الروس والامم المتحدة، اي الاطراف الاربعة، ان يعودوا الى العمل وان يقبل الطرفان الاسرائىلي والفلسطيني النظر الى مستقبلهم بطريقة مختلفة عما يرسمانه اليوم ».

وقيل للسفير الفرنسي ان اسرائيل لا تريد السلام، فرد قائلاً: «يجب على اسرائيل ان تسمع الاصوات التي ترتفع في كل انحاء العالم من اجل السلام. وهي اصوات على قدر كبير من الاهمية. ».

وقد زار لوكورتييه ايضاً امس الرئيس اللبناني اميل لحود. واوضح عقب اللقاء انه نقل اليه قلق فرنسا ازاء الاحداث الجارية في الاراضي الفلسطينية والتي حجبت الضوء عن القرارات التاريخية التي صدرت عن قمة بيروت وابرزها المبادرة العربية للسلام والتقارب العراقي - السعودي - الكويتي ». واشار الى انه تداول مع الرئيس لحود في هذه «الانجازات المهمة في القمة» مشدداً على دور الرئيس اللبناني خلال الفترة المقبلة من خلال ترؤسه القمة العربية، لتفعيل هذه القرارات واستثمارها لا سيما انها تلقى دعماً دولياً. واوضح السفير لوكورتييه انه بحث مع الرئيس اللبناني ايضاً في التطورات الاخيرة في الاراضي الفلسطينية . وقال: «ما يجري غير مقبول، والوضع خطير جداً. ولدينا مجموعة من الفرنسيين المحاصرين مع الرئيس عرفات. ونحن قلقون مما يجري».

وذكر لوكورتييه ان لحود وضعه في صورة الاتصالات التي يجريها مع قادة دول العالم لمواجهة الوضع. وقال انه سينقل الى المسؤولين الفرنسيين موقف الرئيس اللبناني والجهود التي يبذلها بصفته رئيساً للقمة العربية.