طلب الإعدام لأفراد شبكة تجسس لبنانية زودت الموساد الإسرائيلي بمعلومات سياسية وأمنية خطيرة

عماد الرز سلم لائحة بأسماء شركات يتردد عليها مسؤولون من «حزب الله»

TT

إتهم القضاء العسكري في لبنان ستة اشخاص لبنانيين بتأليف شبكة للاتصال بالعدو الاسرائيلي والتعامل معه، ومساعدته على فوز قواته وافشاء معلومات لمصلحته ومخالفة قانون مقاطعة اسرائيل. وطلب قاضي التحقيق العسكري الاول رياض طليع في قرار اتهامي اصدره امس ادانة كل من التاجر رضوان الحاج، عماد الرز، عماد ابي ملحم، حسن هاشم، ريمون ابو ضاهر وهنادي رمضان، سنداً لمواد قانونية تصل عقوبتها الى حد الاعدام، بعدما فنّد القرار دور كل من هؤلاء وكيفية اتصالهم بضباط اسرائيليين وتزويدهم بمعلومات سياسية واقتصادية وخرائط عن مواقع «حزب الله» والجيشين اللبناني والسوري.

* رضوان الحاج: الأخطر وركزت وقائع القرار الاتهامي على الدور الاساس الذي لعبه المدعى عليه رضوان الحاج، الذي كان يعمل مع والده، مسؤول الادارة المدنية في بلدة «بلاط» في جنوب لبنان ومنسق شؤون الطائفة الشيعية في المناطق المحتلة، بتكليف من منسق الانشطة الاسرائيلية في لبنان «اوري لوبراني». كما كان المدعى عليه خليل الحاج ـ والد رضوان ـ (توفي منذ سنتين) يرتبط بعمله هذا مع ضباط من المخابرات الاسرائيلية يدعون «ماعوز»، «رينيه» و«داني» مباشرة. وقد كلّف خليل الحاج ابنه رضوان بمهمة انجاز تصاريح والعمل كمراسل بينه وبين الضباط الاسرائيليين، كما عمل رضوان، في مجال الاتجار بالمواد الاسرائيلية، مع المدعى عليه ريمون ابو ضاهر (الفار الى اسرائيل)، الذي جمعه في تل ابيب بالضابط «رينيه» الذي اخضعه لدورات تدريبية، على كيفية التعرف على الاشخاص بصورة مباشرة، وجلب معلومات منهم، واتفق رضوان مع الاسرائيليين، ان يتقاضى مبلغاً شهرياً قدره 1500 دولار. وأفاد القرار ان رضوان توجه الى تل ابيب بعد شهرين، حيث زوده « رينيه» بجواز سفر اسرائيلي مزور، انطلق بموجبه الى «بانكوك» وقابل ضابطاً في الموساد الاسرائيلي زوده بملابس رسمية وانتقل من هناك الى اليابان، بمهمة كلفته بها المخابرات الاسرائيلية، لاجراء مسح شامل عن عدد الطلاب العرب، وتحديداً السوريين والايرانيين الذين يدرسون في كلية العلوم وكلية التكنولوجيا. وبالفعل تقدم رضوان من ادارة احدى الجامعات في طوكيو، وبتخطيط مسبق مع الموساد، واقنعهم بانه يريد تسجيل شقيقه في الجامعة، فزود بكتيّب يتضمن كافة اسماء الطلاب في الكلية، يبين جنسية كل طالب. وقد سلّم هذا الكتيب الى الضابط «رينيه» الذي سبقه الى طوكيو. كما استحصل رضوان على كتيب يحتوي اسماء وصور وجنسيات الطلاب، بناء لطلب «رينيه»، ثم عاد بعدها الى اسرائيل، حيث أخضع لآلة الكشف على الكذب، ثم قبض راتبه وعاد الى لبنان. وبعد ايام استدعى «رينيه»، رضوان الحاج، الى تل ابيب، فسافر مجدداً بالطريقة نفسها الى طوكيو، وكلّف نفس المهمة السابقة في جامعة «كويتو»، وفي الجامعة تعرف الى طالب سوري يتخصص بعلم الكومبيوتر فطلب منه كتيباً عن الطلاب في الجامعة، وسلم الكتيب وعنوان الطالب السوري، هذه المرة، الى ضابط اسرائيلي يدعى «غيل»،.. وتكرر سفر الحاج الى اليابان، حيث تعرف في المرة الاخيرة الى احد الطلاب الايرانيين في جامعة بضواحي هيروشيما يدرس علم الجراثيم. وتعرف اليه بحجة انه تاجر سيارات، وتقرب منه، وعلم ان الطالب يدرس على حساب الدولة الايرانية. وفي احدى السفرات الى اليابان، تقرب رضوان من طاقم طائرة ايرانية. كان نزيل احد الفنادق، ودعاه الى العشاء، وعرفه على ضابط الموساد بأنه تاجر اوروبي. وتم الاتفاق بين الايرانيين و«التاجر الاوروبي»، على اللقاء ثانية في اليابان. وبعد مدة، طلب من رضوان السفر الى الفلبين، ليقوم بمسح جامعات مانيلا، كما تقرب من تجار سجاد ايرانيين، وعرفهم على ضابط اسرائيلي، بأنه تاجر اوروبي. واظب رضوان الحاج على عمله هذا حتى العام 1998. وعلى اثر وفاة والده عاد الى بلدته بلاط وتسلم رئاسة الادارة المدنية مكانه. وقام خلال هذه الفترة بتجنيد المدعى عليها هنادي رمضان للعمل مع الاسرائيليين، وسلمها الى مسؤول امن بلاط العميل عباس ابو عباس، الملقب بـ«عباس الكونتي»، ونقلها الاخير الى الجدار وجمعها بضابط مخابرات اسرائيلي عدة مرات، الذي طلب منها التعامل مع «الكونتي» امنياً. فجلبت له معلومات عن اشخاص يقيمون في بلاط ويترددون الى بيروت. وكلفت بمراقبة عناصر حراسة امن العميل نبيه ابو رافع، وظل الحاج يتعامل مع الاسرائيليين الى حين توقيفه قبل شهر.

* محمد ابي ملحم وحسن هاشم وفي العام 1993 استغل رضوان الحاج الضائقة المالية التي يمر بها عمه محمد ابي ملحم، فجنده مع المخابرات الاسرائيلية، وجمعه بضابط يدعى «ماعوز» الذي طلب منه معلومات مفصلة عن كافة معارفه من الشخصيات والنواب واصحاب النفوذ، وعرفه «ماعوز» الى ضابط اسرائيلي يدعى «رفقي»، وهو احد افراد الوفد الاسرائيلي المفاوض في عملية السلام. فاستفسر الاخير عن شخص كان صديق ابو ملحم ومسؤولاً في «حركة امل» يدعى حسن هاشم. فزوده ابي ملحم بكافة ما يعرفه عنه، وعن انشقاقه عن الحركة، بعدها قابل ابو ملحم المدعى عليه حسن هاشم في دار نشر يملكها الاخير، وفاتحه مباشرة بموضوع الاسرائيليين، وانهم مستعدون لدفع مبالغ مالية ضخمة له، في حال تعاون معهم. وبعد يومين من التفكير اتصل هاشم بأبي ملحم، ووافق على التعامل معهم، وبالفعل حدد الاسرائيليون موعداً سريعاً في لندن للقاء حسن هاشم، الذي توجه اليها مع محمد ابي ملحم، واجتمعا هناك مع ضباط من المخابرات الاسرائيلية هم «ماعوز» و«رفقي» و«سام». وفي اليوم التالي التقى هاشم وابو ملحم «ماعوز» الذي ابقى ابي ملحم في صالون الفندق، وصعد مع حسن هاشم الى احدى الغرف التي كان ينتظرهما فيها «رفقي» و«سام»، وفي الغرفة دارت احاديث بين الجانبين، بحسب اقوال هاشم، الذي اعترف بهذا اللقاء وما سبقه، نافياً علمه بانهم اسرائيليون، وانه حضر الى لندن بناء لطلب ابي ملحم، في حين اكد ابو ملحم خلال مواجهته وهاشم، في التحقيق، ان الاخير كان على علم بان الاجتماع في لندن سيكون مع الاسرائيليين. وبعد عودتهما الى لبنان، سافر ابي ملحم مع هاشم مرة ثانية الى مدينة زيوريخ في سويسرا، واجتمعا باحد الفنادق مع الضابطين الاسرائيليين «رفقي» و«ماعوز».

* عماد الرز: عين على الضاحية الجنوبية وكشف القرار الاتهامي ان رضوان الحاج، تمكن لدى تردده الى مكتب عمه ابي ملحم في بيروت من التعرف على المدعى عليه عماد الرز، فعرض عليه ان يتعامل مع الاسرائيليين، فوافق شرط الا يكون اللقاء في اسرائيل. وبعد نحو سنة طلب الحاج من عماد الرز ملاقاة الاسرائيليين الى روما فسافر الاخير والتقى بالحاج هناك ثم انتقلا الى السفارة الاسرائيلية في روما وقابلا الضابط «رينيه»، الذي اخذ نبذة عن حياة الرز، وطلب منه تزويده باسماء كل اصدقائه ومعارفه، وبمعلومات عن اي شخص من «حزب الله»، او عن مراكز الحزب. وفي لقاءات متعددة زود الرز الضباط الاسرائيليين بمعلومات دقيقة عن بعض الاشخاص الحزبيين والسياسيين، وتحدث معهم عن طبيعة عمله وعلاقته بوزارات الدولة اللبنانية المختلفة. كما زوّد بلائحة بأسماء الشركات والمؤسسات في الضاحية الجنوبية، وقبض مقابل ذلك مبلغ اربعة آلاف دولار. كما استحصل الرز على لوائح بأسماء الشركات والمؤسسات العاملة في الضاحية الجنوبية وخارجها، من وزارة المالية، ومن السجل التجاري بصفته محاسباً، بواسطة احد الموظفين في السجل. وبعد مدة قصيرة سافر الى ايطاليا واجتمع بالضابط «رينيه»، وسلمه المستندات التي جمعها في بيروت. وتتابعت اللقاءات بينه وبين الاسرائيليين في السفارة الاسرائيلية في روما، وتحدث معهم عن امكانية ان يكون تم احضار الطيار الاسرائيلي المفقود رون اراد الى «مستشفى الشرق الأوسط»، وقبض مبلغ ستة آلاف دولار وعاد الى لبنان. وأكد القرار ان المدعى عليه عماد الرز وباقي افراد الشبكة هم من أخطر ما تمكن العدو الاسرائيلي ومخابراته من زرعه في المجتمع اللبناني، نظراً للمراكز والاعمال الحساسة التي تبوأها كل منهم، وقيمة المعلومات الامنية والسياسية والاقتصادية التي زودوا العدو بها.