القيادي في «القاعدة» أبو زبيدة يعترف بعد 5 أيام من اعتقاله بهويته للمحققين الأميركيين

اعتراض مكالمة من أفغانستان إلى باكستان أدى إلى القبض عليه والشرطة الباكستانية تحتجز 16 آخرين من العرب

TT

أكد مسؤولون اميركيون وباكستانيون هوية المشتبه فيه الذي اعتقل الخميس الماضي في حملة مداهمات بباكستان. ويتعلق الأمر بأبو زبيدة (اسمه زين العابدين محمد حسين) القيادي الكبير في تنظيم «القاعدة» والمساعد الرئيسي لاسامة بن لادن.

وكان ابو زبيدة قد اعتقل مع 44 آخرين من «القاعدة» وحركة طالبان في حملة مداهمات شنتها الشرطة الباكستانية وعناصر من القوات الخاصة الاميركية الخميس الماضي في مدينتي فيصل آباد ولاهور. وقد اصيب ابو زبيدة بجروح في الخصر والفخذ اثناء محاولته الفرار خلال شن الغارة في لاهور. وبقي المسؤولون الأمنيون الاميركيون والباكستانيون لمدة خمسة أيام متشككين في هويته حتى أفصح عن ذلك هو شخصياً حسبما افادت المصادر الأمنية الباكستانية. كما افاد مسؤولون اميركيون من جانبهم بانهم تأكدوا من هويته بعد عرض صورته على ناشطين سابقين من «القاعدة» تعتقلهم الولايات المتحدة حالياً.

وحسب مصادر باكستانية أمنية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، فان ابو زبيدة ورفاقه ممن القي القبض عليهم في مداهمات الاسبوع الماضي نقلوا الى مركز عسكري اميركي غير معلن عنه استعداداً لنقلهم الى قاعدة غوانتانامو البحرية الاميركية في كوبا حيث يحتجز نحو 300 من عناصر «القاعدة» وطالبان.

ويعتبر ابو زبيدة اكبر قيادي في «القاعدة» تعتقله الولايات المتحدة منذ بدء حملتها ضد المنظمة المتهمة بالوقوف وراء اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي وتفجير السفارتين الأميركيتين في شرق افريقيا عام 1988 وتفجير المدمرة الاميركية كول في اليمن عام .2000 وتفيد المصادر الاميركية ان ابو زبيدة كان مسؤولا عن عمليات التدريب في معسكرات «القاعدة» في أفغانستان، وأنه تولى ادارة الشؤون العسكرية في التنظيم بعد مقتل ابو حفص المصري (محمد عاطف) في غارة اميركية في كابل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتشير تقارير اميركية الى ان ابو زبيدة كان يجند عناصر «القاعدة» ثم يرتب اجراءات سفرهم الى خارج أفغانستان بعد انتهائهم من التدريب.

وفي الاشهر القليلة الماضية اعرب مسؤولون اميركيون عن قلقهم من ان ابو زبيدة، الذي لم تنشر له اي صورة من قبل، ربما يخطط لاعادة تنظيم صفوف «القاعدة» بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان.

وابو زبيدة، الذي يحمل اسم زيد العابدين محمد حسين، لم توجه له الولايات المتحدة اي تهم محددة كما انه اسمه لم يكن مدرجاً ضمن القائمة التي أصدرها العام الماضي مكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) عن «اخطر المطلوبين». إلا أنه برز اثر احباط مؤامرة تفجيرات الالفية بالاردن حين اعتقلت السلطات الاردنية 13 شخصاً وتمكن حينها ابو زبيدة من الفرار الى افغانستان. وقد اصدرت محكمة اردنية حكماً غيابياً بالإعدام بحق ابو زبيدة.

ثم ادرج اسم ابو زبيدة على لائحة المجموعات التي يشتبه في انها ارهابية والشركات والعناصر التي جمدت حساباتها في الولايات المتحدة بناء على مرسوم الرئيس الأميركي جورج بوش الصادر في 23 سبتمبر (ايلول) الماضي.

ووصف وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ترتيب ابو زبيدة في الهيكلية القيادية لـ«القاعدة» بأنه «الرجل الثاني في شبكة بن لادن الارهابية او قريب جداً من الرجل الثاني في التنظيم».

وابو زبيدة فلسطيني متحدر من عائلة من غزة، لكنه ولد في السعودية عام .1973 وقيل انه التقى باسامة بن لادن عندما كان في العشرينات من عمره. وعاش في باكستان لسنوات، ويتحدث الانجليزية كما يحمل جوازات سفر باسماء عدة. وقيل انه يستخدم كذلك اسم عبد الهادي عبد الوهاب. وافادت المصادر الباكستانية انه كان يستخدم كنية اخرى هي «ابو عبيد» اثناء اعتقاله في فيصل آباد.

وكان قد تحدث عن الدور القيادي لابو زبيدة في «القاعدة» الجزائري جمال بقال الذي احتجز في الامارات العربية في يوليو (تموز) الماضي، وتم ترحيله الى فرنسا لاحقاً. وقال بقال انه التقى اكثر من مرة بأبو زبيدة مسؤول التدريب والأمن في معسكرات بن لادن، بجلال آباد. كما اعترف الجزائري احمد رسام المسجون في الولايات المتحدة بعد ادانته في محاولة تفجير مطار لوس انجليس الدولي في ديسمبر (كانون الاول) 1999 انه التقى بابو زبيدة في معسكرات «القاعدة» في أفغانستان. وقال رسام اثناء محاكمته في يوليو (تموز) الماضي ان ابو زبيدة «هو المسؤول عن معسكرات» القاعدة. واضاف رسام «يتلقى الشباب من كل الدول. هو الذي يقبلك او يرفضك. وهو الذي يتولى الشؤون المالية للمعسكرات». واوضح رسام ان ابو زبيدة «هو الذي يجري الترتيبات لك حين تسافر وحين تصل او تغادر».

واعرب مسؤولون اميركيون عن املهم في ان يسفر استجواب ابو زبيدة عن الكشف عن معلومات حول مكان وجود اسامة بن لادن والقادة الآخرين من «القاعدة» مثل أيمن الظواهري.

وكشف مسؤول اميركي ان المنازل التي كان عناصر «القاعدة» وطالبان يختبئون فيها الاسبوع الماضي استهدفت «بعد عمليات تخطيط دامت اسابيع». كما قال مسؤول باكستاني ان هذه المنازل حددت بعد اعتراض الاستخبارات الاميركية مكالمة هاتفية من افغانستان الى مقر سكني في فيصل آباد التي تبعد 320 كيلومتراً من الحدود مع أفغانستان. واضاف المسؤول الباكستاني انه لا يعرف الشخص او الجهة التي اجرت الاتصال الهاتفي. وتفيد المصادر الباكستانية ان حملة المداهمات هذه جرت اثر التحقيقات في الهجوم الذي استهدف كنيسة في حي دبلوماسي باسلام آباد يوم 17 مارس (آذار) الماضي وادى الى مقتل خمسة اشخاص بينهم زوجة دبلوماسي اميركي وابنته.

وطالت حملة المداهمات كذلك اعتقال نحو 40 اصولياً باكستانياً بينهم زعيم منظمة «عسكر الطيبة» التي حظرتها حكومة الرئيس برويز مشرف في الآونة الاخيرة.

ولا تزال متواصلة حملة المداهمات والاعتقالات في صفوف عناصر «القاعدة» الذين فروا من تورا بورا الى باكستان. وكان آخرها قيام الشرطة الباكستانية الليلة الماضية في لاهور باعتقال 16 عربياً يشتبه في علاقتهم بـ«القاعدة» بتهمة «الدخول الى باكستان من افغانستان بصورة غير مشروعة» حسبما افادت الشرطة امس. واكدت الشرطة ان المعتقلين يخضعون حالياً للاستجواب للاشتباه في علاقتهم بشبكة بن لادن. وقال جواد نور رئيس الشرطة في مدينة لاهور «اعتقلنا 16 اجنبيا معظمهم من العرب. وقد جاؤوا من افغانستان وكانوا يختبئون في لاهور». ونفى نور اي مشاركة لوكالات الامن الاميركية في هذه العمليات الاخيرة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»