خلاف على أولويات قرار وقف النار بين أنان وواشنطن وأولبرايت تنتقد باول وتدعوه لمشاركة مباشرة في السلام

TT

ترددت في اروقة الامم المتحدة أمس انباء عن خلاف بين الامين العام للمنظمة الدولية، كوفي أنان والبيت الابيض، حول ما اذا كان يجب تحقيق وقف اطلاق النار قبل سحب اسرائيل لقواتها التي تحاصر مجمع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مدينة رام الله فيما انضمت مادلين اولبرايت، وزيرة الخارجية الاميركية السابقة، الى منتقدي سياسة البيت الابيض في الشرق الاوسط وحثت خلفها كولن باول على المشاركة بشكل مباشر في جهود احلال السلام.

في غضون ذلك، عادت الادارة الاميركية الى التركيز على ما سماه الرئيس جورج بوش بدول «محور الشر»، فانتقد وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد، اول من أمس، ايران والعراق وسورية بشدة بوصفها دولا «تناصرالارهاب ولاذكائها تصاعد العنف في الشرق الاوسط». وقال رامسفيلد ان «القتلة ليسوا شهداء.. استهداف المدنيين لاأخلاقي مهما كان المبرر»، معتبرا «ان الارهابيين اعلنوا الحرب على الحضارة.. ودول مثل ايران والعراق وسورية تحرض على ثقافة القتل السياسي والتفجيرات الانتحارية وتمولها».

وفي حملته المتجددة على دول «محور الشر»، استشهد رامسفيلد بتقارير مفادها ان العراق عرض عشرات الالاف من الدولارات على عائلات منفذي الهجمات الانتحارية.

وقال رامسفيلد ان سورية وايران تقومان ايضا بتمويل الارهاب وفي بعض الاحيان بالتنسيق فيما بينهما. واضاف «يجب على الشعب في سورية ان يعلم ان حكومته تقوم بتسهيل تدفق الاسلحة وتمويل النشاط الارهابي من ايران الى لبنان والى اسرائيل». وقال رامسفيلد: «لا شك ان الايرانيين يعملون مع السوريين ويرسلون اناسا الى دمشق والى بيروت.. ثم الى جنوب لبنان حتى يمكنهم تنفيذ هجمات ارهابية».

وكانت اولبرايت قد ركزت انتقاداتها لسياسة الادارة الاميركية على تخليها عن لعب دور مباشر في التوصل الى تسوية سلمية للنزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وقالت لشبكة «سي.ان.ان» التلفزيونية الاميركية أول من أمس «اعرف ان الوزير باول سيظهر على شاشات التلفزيون... وآمل بشدة ان يبلغنا انه سيتوجه الى المنطقة. اعتقد ان من المهم جدا ان يشارك الوزير في المناقشات».

وفيما قالت اولبرايت التي قادت جهود السلام في الشرق الاوسط في الايام الاخيرة لادارة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون ان فريق الرئيس الاميركي جورج بوش بحاجة الى الانخراط اكثر على اعلى المستويات في جهود انهاء الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين المستمر منذ 18شهرا. وقال رامسفيلد ان الولايات المتحدة ليس لديها خطط قيد الدرس لتقديم قوات عسكرية لحفظ السلام في صراع الشرق الاوسط.

الا ان وزيرة الخارجية الاميركية السابقة حثت ادارة بوش على بذل جهد اكبرلاعادة الجانبين الى محادثات السلام، وقالت «اكره ان اوجه انتقادات لاني اعرف صعوبة هذه المهام. آسفة جدا لان هذه الادارة لا تشارك بالكامل مثلما كنا. اعتقد انهم تصوروا اننا نتدخل اكثر من اللازم، في حين انني اعتقد اننا كنا نتصرف بمسؤولية حين كنا نحاول الجمع بين الاطراف». واضافت «اعتقد انه لا غنى عن الولايات المتحدة فيما يتعلق بمحاولة الجمع بين الاطراف. الامر ليس سهلا لكن لو لم نتدخل لكنا شهدنا الموقف يتصاعد الى مثل هذه الكارثة الحادثة الان».

وبدوره كان أنان قد اعرب عن تخوفه من ان يتجه الشرق الاوسط الى الاسوأ، ودعا اعضاء مجلس الامن «فرادى ومجتمعين» الى الضغط على كل الاطراف قبل ان يخرج العنف على نطاق السيطرة. وقال انه لا يمكن التغلب على انعدام الثقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين الا من خلال تدخل طرف ثالث.

جاء بيان أنان بعد جلسة مطولة لمجلس الامن انتهت في وقت مبكر من السبت الماضي وفي اعقاب تبني قرار يدعو الى «وقف ذي معنى لاطلاق النار» وانسحاب القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية بما فيها رام الله.

لكن المتحدث باسم البيت الابيض، اري فلايشر، واسرائيل، على عكس وزارة الخارجية الاميركية بدا وكأنهما يفسران القرار على انه يدعو لوقف لاطلاق النار قبل انسحاب اسرائيل من رام الله.

واكد فلايتشر أول من أمس ان «وقفا ذا معنى لاطلاق النار» جاء ذكره في «اول جملة» للقرار.

واضاف «ان هذا يتفق تماما مع وجهة نظر الرئيس بشأن ما نحتاج اليه لتحقيق السلام في المنطقة مما سيسمح بتحقيق انسحاب اسرائيلي ووضع حد للتحريض ونهاية للعنف».

لكن أنان اوضح انه لا اولوية لعنصر على الاخر. وقال للصحافيين «اتفق مع الرأي القائل انه ليس هناك تسلس وان الامور لا بد ان تتحرك للامام وبسرعة كبيرة».

تجدر الاشارة الى ان سياسة بوش في الشرق الاوسط تتعرض لمزيد من الانتقادات مع دعوة كثير من الديمقراطيين الى اتخاذ مبادرة دبلوماسية جديدة عالية المستوى لوقف الصراع ومساعدة الاطراف على العودة الى مفاوضات السلام.

وقال بوش انه مستمر في مساندة خطة وقف اطلاق النار التي تفاوض للتوصل اليها جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية في يونيو (حزيران) 2001 وبالخطة الأشمل للعودة الى مفاوضات السلام التي وضعت بوساطة السناتور الاميركي السابق جورج ميتشل في مايو (ايار) الماضي.