زوجة البرغوثي: حاصرونا ولم يعد عندنا إلا 8 بيضات و10 أرغفة وربطة معكرونة

TT

الدبابات الاسرائيلية تحاصر منذ 5 أيام في رام الله، عمارة تسكن في طابقها الثاني المحامية فدوى البرغوثي وأطفالها الأربعة من زوجها مروان البرغوثي، أمين سر حركة فتح بالضفة الغربية، حيث قطعت عنهم الماء والكهرباء، ومنعتهم من الخروج، بل من فتح ستارة أية نافذة، وسط بدء افتقارهم للضروري من الغذاء «حيث لم يعد عندنا الا 10 أرغفة خبز و8 بيضات وعلبة حليب نيدو للأطفال، والقليل من العدس مع علبتي فول مدمس وسردين وربطة معكرونة» وفق ما قالته فدوى عبر الهاتف حين اتصلت بها «الشرق الأوسط» أمس.

وذكرت فدوى، البالغة من العمر 36 سنة، انها لا تنام قبل الثالثة فجرا كل يوم، أي بعد ساعة أو ساعتين على الأقل من نوم أطفالها الأربعة، الممنوع عليها وعليهم «فتح باب الشقة، أو أي نافذة، تحت التهديد المستمر بالقتل، لكني لا أفكر في نفسي وفي حالتي بقدر ما أفكر في عائلات فلسطينية أخرى تعيش أسوأ مما نعيش، وسط هذا العدوان» كما قالت.

وتمنت فدوى، وهي محامية تخرجت بالحقوق قبل 10 سنوات من الجامعة العربية في بيروت، عبر الدراسة بالانتساب حين كانت تقيم في الأردن، أن تنتهي مأساة الفلسطينيين بالنصر قريبا «وبدولة مستقلة يعود اليها اللاجئون، وعاصمتها القدس، ولا شيء سواها على الاطلاق مهما بذلنا من ثمن»، مؤكدة أنها لا تعرف مكان زوجها، المختفي عن الأنظار منذ أسبوع «وأنا لست قلقة عليه وحده، بل على كل فلسطيني» وفق تعبيرها.

والمحامية فدوى، هي أم لطفل اسمه عرب، لا يزيد عمره على 11 سنة، وآخر يكبره بعام واسمه شرف. أما ابنتها ربى فتصغر شقيقها قسّام، البالغ من العمر 16 عاما، بسنة واحدة، وهم جميعها محصورون داخل شقة في عمارة من 5 طوابق تعيش فيها 10 عائلات، ولا تبعد في منطقة سردا برام الله أكثر من 50 مترا عن مقر الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، لأنها في الشارع نفسه، حيث يقع المقر المحاصر بدوره من الاسرائيليين. مع ذلك تقول: «انا لا اهتم بما نعانيه، بل بما تعانيه كافة العائلات الفلسطينية ايضاً». وقد اتصلت «الشرق الأوسط» بفدوى البرغوثي أمس، لتتعرف الى حالتها مع 4 أطفال مهددين بلا أب بالمفاجآت على كل صعيد، وأهمها ما قد يأتي من وضع «تشاركنا فيه كل العائلات أيضا» كما قالت، أي التعرض للجوع في بلاد كانت موصوفة دائما بأرض اللبن والعسل، الى أن حولها الاسرائيليون في أقل من أسبوع الى أرض الشوك والدمار والتشريد.

وقالت فدوى إنها هرعت كسواها منذ 5 أيام الى الدكاكين لتشتري بعض المؤن «الا أنها بدأت تنفد، ولم يعد عندنا في البيت الشيء الكثير».

* ألم تتخذي احتياطات فتشتري المزيد؟

ـ كنت أعرف أنهم سيقطعون الكهرباء اذا ما دخلوا رام الله، لذلك اشتريت خضاراً ودجاجاً ولحماً ومواد غذائية قبل أسبوع، لكنها لم تعد تكفي.

* أكلتوها كلها؟

ـ بعضها فقط. أما الباقي فرميناه.

* لأي سبب؟

ـ عندما جاؤوا وحاصرونا بالدبابات، أسرعوا بعدها وحفروا حول العمارة، فقطعوا امدادات الماء والكهرباء عنها، ففسدت دجاجتان وكذلك اللحم في «الفريزر».

* ألم يبق شيء صالحاً في الثلاجة؟

ـ بقي فيها 8 بيضات وعلبة زبدة، والحليب رميناه أيضا.

* والخبز؟

ـ اشتريت 5 ربطات، ولم تبق الا واحدة وبقية ربطة ثانية، يعني بالكاد 10 أرغفة.

* وفي المطبخ؟

ـ عندي ما يكفي لأربعة أيام تقريبا.. عندي علبة حليب نيدو، و3 كلغ عدس و4 كلغ أرز وملح وسكر وزيت وزيتون.

* أليس عندك مواد غذائية معلبة، كالفول والبازيللا وغيرهما؟

ـ يجوز عندي علبتا فول مدمس، وعلبتا سردين وربطة معكرونة. * والغاز؟

- عندي قارورة واحدة فقط، ولا أدري متى تنتهي.

* ألا تساعدون بعضكم في العمارة ؟

ـ بالتأكيد.. أحيانا تأتي جارة وتطلب ما تحتاج، وأنا أيضا أطلب ما أحتاج منهم.. جميعا نتعاون.

* ألا يلومونك في العمارة لأن زوجك مروان البرغوثي هو السبب في محاصرتها؟

- بالعكس، التضامن بيننا كامل. المشكلة أن الأطفال لا يفهمون الوضع، ويرفضون تناول وجبة واحدة.

* عندك كبريت مثلا؟

- لا يوجد عندي كبريت.. عندي ولاعة.

* والتدفئة؟

ـ نبرد كثيرا بالليل. في السابق كانت عندنا تدفئة مركزية على الغاز، ولكن يتم تشغيلها بالكهرباء، ومنذ قطعوا الكهرباء أصبحنا بلا تدفئة.

* والماء؟

ـ بعد أن قطعوا الماء عنا، أصبحنا نستخدم ماء الخزانات التي على السطوح، والشقة التي ينتهي الماء من خزانها، يضطر أهلها للاعتماد على الماء من الجيران، لذلك فالخزانات كلها مهددة.

* كيف تستحمون وتطبخون؟

ـ لا نطبخ الا نادرا، ولا نستحم، فلا ماء ساخنة في العمارة.

* هل بين الأولاد من هو مريض؟

ـ صحيا كلنا بخير، ولكنا نعيش في توتر. أنا مثلا أتناول دواء لوجع الرأس منذ الحصار.

* كم دبابة تحاصركم ؟

ـ منذ 3 أيام كانت حول العمارة 10 دبابات، ومنذ أمس أصبحت 3 دبابات.

* ألم يدخل الاسرائيليون الى الشقة؟

ـ لم يدخلوها لأنهم يعرفون أن مروان ليس فيها.

* أين هو الآن؟

- منذ أسبوع لم أسمع صوته، فهو لا يتصل، وأعتقد أنه في مكان لا كهرباء فيه، ليشحن بطارية هاتفه النقال، لكن الاسرائيليين اقتحموا بيت أهله في قرية كوبر (بعيدة 4 كيلومترات عن بيرزيت) وما زالوا يحتجزون أحد اخوته.

وقالت فدوى إنها استغربت صدور بيان اول من امس عن كتائب شهداء الأقصى، المرتبطة بفتح، وأقرت فيه لأول مرة بأنها تعمل بقيادة مروان البرغوثي.

وقالت المحامية فدوى إن هذا البيان مزور بالتأكيد، لأنه لا يمكن لكتائب شهداء الأقصى تزويد شارون بمعلومات عن قائدها الذي تخفي شخصيته دائما، كما لا يمكن تقديم ذريعة لاسرائيل لاغتيال البرغوثي «مع ذلك، فأنا لا أفكر في مروان، بل في كل انسان بفلسطين».

وذكرت أنها لا تخشى أن يقوم الاسرائيليون باعتقالها ضغطا على مروان البرغوثي للاستسلام، فقد فعلوها حين اعتقلوني عام زواجنا، ولكن من دون نتيجة، وذكرت أنهم احتلوا بيتها في رمضان الماضي ليومين «فحجزونا وسيطروا على الشقة ليومين، لكنهم خرجوا من بعدها أذلاء، كما سيخرجون من أراضينا أذلاء». =