مصادر أميركية: إدارة بوش باتت مقتنعة بأن الطريق لكسب التأييد لإطاحة صدام يمر عبر القدس

TT

تسبب تصاعد النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني في تعقيد خطط الولايات المتحدة لاطاحة الرئيس العراقي صدام حسين. وقال مصدر مقرب من الادارة الاميركية ان التخطيط العسكري الخاص باطاحة الرئيس العراقي ارجئ في الوقت الذي توجه فيه وزير الخارجية الاميركية كولن باول الى منطقة الشرق الاوسط في مهمة تتعلق بالسلام. وقال مسؤولون اميركيون ان الازمة العربية ـ الاسرائيلية اخذت حيزا كبيرا من الوقت الذي كان مخصصا في الاصل لمناقشة مسألة العراق خلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للرئيس الاميركي جورج بوش في مزرعته الخاصة بتكساس خلال نهاية الاسبوع الماضي. وكانت الحكومتان البريطانية والاميركية قد اعلنتا ان العراق يشكل موضوعا اساسيا لمباحثات بوش وبلير. ويعتقد المحللون ان الامر الذي بات اكثر وضوحا الآن هو ان الطريق الى كسب التأييد اللازم للتعاون الدولي ضد العراق لا بد ان يمر عبر القدس، فقد بات من الواضح ان موقف الدول الحليفة للولايات المتحدة في العالم العربي واوروبا اصبح قائما على اساس ان أية حملة تقودها الولايات المتحدة ضد العراق لن تحقق نجاحا في ظل اعادة احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية وعدم وجود محادثات سلام. وقال زبيغنيو بريجينسكي، مستشار الامن القومي الاميركي في عهد الرئيس الاسبق جيمي كارتر، ان «أية حرب على العراق تبدو بالنسبة للعرب بمثابة حرب على انفسهم بالتحالف مع رئيس وزراء اسرائيل آرييل شارون». كما علق مسؤول بارز في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، طلب عدم الكشف عن هويته، قائلا ان التخطيط للهجوم على العراق لم يبدأ بصورة جدية بعد، واضاف ان دولا عربية حليفة للولايات المتحدة اشارت الى انها ستنسحب من اي تعاون عسكري مع الولايات المتحدة بسبب الممارسات الاسرائيلية. وقال بلير، الذي كان يتحدث في جامعة بولاية تكساس الاحد الماضي، ان «تحالف مكافحة الارهاب» يجب ان يكون على استعداد للعمل متى ما بات الارهاب واسلحة الدمار الشامل يهددان الولايات المتحدة وبريطانيا. واضاف بلير ان العمل المذكور سيكون عسكريا اذا كانت هناك ضرورة ومبرر لذلك، مشددا على انه «لن يكون هناك عمل متسرع». الجدير بالذكر ان بلير يواجه معارضة في بلاده لدخول بريطانيا طرفا في الحملة العسكرية ضد العراق. كما قالت كوندوليزا رايس، مستشارة الامن القومي الاميركي، ان الرئيس بوش لم يقرر استخدام القوة العسكرية لاطاحة صدام حسين. رغم ذلك، فإن بعض الجهود الاميركية ضد النظام العراقي مستمرة، فقد ذكرت مصادر مطلعة ان الرئيس بوش اعطى في فبراير (شباط) الماضي وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) الضوء الاخضر للمضي قدما في دعم عناصر المعارضة العراقية الداخلية بغرض اطاحة نظام صدام حسين. وفي نفس الوقت تحاول وزارة الخارجية الاميركية، وديفيد ماك، الدبلوماسي الاميركي السابق ونائب رئيس معهد الشرق الاوسط بواشنطن، تنظيم مؤتمر للمنفيين العراقيين في اوروبا خلال صيف العام الحالي. ونقل عن مسؤولين مطلعين على الترتيبات الجارية ان المنظمين يعتزمون توجيه الدعوة الى عدد يتراوح بين 250 و300 عراقي وخبير دولي للتباحث حول تشكيلة الحكومة التي ستعقب اطاحة صدام حسين، اذ ان الفكرة تهدف في الاساس الى جعل العراق افضل استعدادا من افغانستان في حال حدوث تغيير مفاجئ للنظام الحاكم. الا ان التوجه الاميركي لضرب العراق يواجه معارضة عربية. اذ اعتبرت الدول المشاركة بشأن السلام في الشرق الأوسط في مؤتمر القمة العربية الاخيرة في بيروت، الذي تبنى المبادرة السعودية، ان اي هجوم على العراق سيكون بمثابة «تهديد للامن القومي للدول العربية كافة». من جهتهم يرى المؤيدون لاطاحة صدام حسين ان المواجهة بين الفلسطينيين والاسرائيليين ستجعل العملية اكثر الحاحا. ويقول هؤلاء ان اطاحة صدام ستحقق هدفين اولهما تخليص العالم من حاكم مستبد يسعى الى تطوير اسلحة نووية، وثانيهما التخلص من مؤيد فاعل للمتطرفين الفلسطينيين. وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد قد اشار مكررا الاسبوع الماضي الى دعم صدام حسين المالي لاسر الانتحاريين الفلسطينيين، كما اضاف ان العراق زاد اخيرا المبالغ المدفوعة لهذه الاسر من 10 آلاف دولار الى 25 الف دولار للاسرة الواحدة. يرى حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا والشرق الاوسط ان على الادارة الاميركية ان تحصل على موافقة مجلس الامن في ما يتعلق بأي عمل ضد العراق. ومن المقرر ان يصادق المجلس الشهر المقبل على عقوبات جديدة الغرض منها جعل عملية استيراد صدام مواد تدخل في صناعة الاسلحة امرا اكثر صعوبة، بيد انه لم يتضح بعد ما اذا كان العراق سيسمح بدخول مفتشي الاسلحة لاول مرة منذ ثلاثة اعوام.

* خدمة «يو اس ايه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» شارك في هذا التقرير جوناثان وايزمان وجودي كين.