أوروبا تطالب بـ«وقف مؤقت»لعمليات «حزب الله» وواشنطن تحمل بيروت مسؤولية الحؤول دون التصعيد

طهران تؤكد أن حزب الله اللبناني يقرر «وحده» العمليات التي ينفذها

TT

تلقى لبنان امس نصائح و«تحذيرات ودية» بضرورة ضبط التدهور على حدوده الجنوبية خوفاً من «تصعيد يغيِّر المعادلات في المنطقة وليس في لبنان فقط» في ضوء استمرار المواجهات بين «حزب الله» والمواقع الاسرائيلية والتي تحولت معها المنطقة الى ساحة مواجهة يومية بين الجانبين وسجلت في اطارها امس اشتباكات عنيفة، فيما نفت وزارة الخارجية الايرانية أمس ان يكون لايران اي ضلوع في العمليات الاخيرة التي شنها «حزب الله» اللبناني على المواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا ، ولكنها اعتبرتها ، في الوقت نفسه ، «مشروعة».

وقال المتحدث باسم الوزارة ، حميد رضا اصفي ، في مؤتمر صحافي في طهران «ان حزب الله حركة سياسية قانونية ومشروعة ومواقفه مستقلة عن جمهورية ايران الاسلامية، فهو وحده يقرر المواقف التي يتخذها والعمليات التي يتخذها والعمليات التي ينفذها».

وقد تواصلت امس الضغوط على لبنان في اتجاه ضبط التحركات الفلسطينية المتزايدة عند الحدود والمتمثلة بالصواريخ والقذائف التي تطلق على المستوطنات والمواقع الاسرائيلية، رغم الاجراءات اللبنانية وتوقيف عدد من المقاتلين الفلسطينيين.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان الاتحاد الاوروبي اقترح على لبنان «وقف نشاطات حزب الله في مزارع شبعا مؤقتاً» وانه نقل الى المسؤولين اللبنانيين تحذيرات بضرورة تجنب اي تصعيد في هذا الوضع المتأزم، فيما تابعت الولايات المتحدة ضغوطها واعتبر سفيرها في بيروت فنسنت باتل ان الحكومة اللبنانية «تعرف جيداً ما يجب ان تفعل» مشيراً الى مسؤوليتها في «توفير الامن والحؤول دون التصعيد».

وشهدت منطقة مزارع شبعا امس مواجهات عنيفة بين «حزب الله» الذي هاجم ستة مواقع اسرائيلية في المنطقة والاسرائيليين الذين ردوا بقصف جوي وبري عنيف لاطراف القرى المتاخمة لمنطقة المزارع. واكدت «المقاومة الاسلامية» (الجناح العسكري لـ «حزب الله») انها دمرت مخزناً للذخيرة في موقع رويسة القرن. وقد افاد شهود عيان ان دخاناً كثيفاً تصاعد من الموقع المذكور. كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ان دبابة «ميركافا» اسرائيلية دمرت في الهجوم.

في غضون ذلك، تابع السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل جولته على المسؤولين اللبنانيين محذراً من مخاطر التصعيد. فبعد لقائه اول من امس رئيس الحكومة رفيق الحريري ووزير الدفاع خليل الهراوي ووزير الخارجية محمود حمود، زار باتل امس رئيس مجلس النواب نبيه بري، موضحاً انه بحث معه «الوضع الخطير جداً في الجنوب اللبناني». وقال: «انه وضع خطير. وقد فهمنا من الحكومة اللبنانية انها مهتمة ايضاً بالتصعيد المحتمل. ولذلك نتطلع للعمل معاً للحؤول دون التصعيد. وقد اخذنا علماً بما قامت به القوى الامنية اللبنانية التي اوقفت اشخاصاً لهم علاقة ببعض النشاطات». واضاف: «سنستمر في مراقبة الوضع والعمل مع الحكومة اللبنانية». وقد فهمنا من الحكومة اللبنانية انها ملتزمة كل ما يمكن ان يمنع حصول اي تصعيد في الجنوب».

ورداً على سؤال حول مطالبة الحكومة اللبنانية باجراءات محددة افاد باتل: «تحدثنا في كل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية. واعتقد انها تعرف جيداً ماذا يجب ان تعمل ومسؤوليتها في التعاطي مع المعطيات في الجنوب لتأمين الامن والحؤول دون التصعيد».

من جهة اخرى، زار وفد من «الترويكا» الاوروبية وزارة الخارجية اللبنانية ناقلاً الى الوزير حمود «قلق الاتحاد الاوروبي للتطورات في جنوب لبنان والدعوة الى ضبط النفس واحترام الخط الازرق». واشار السفير الاسباني ميغيل انخل كارييدو، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، الى ان «الضغوط كبيرة والوقت لا يسمح باشعال الوضع». وقال: «اذا استمرت هذه الاعمال فاننا نخشى ان يتدهور الوضع في شكل يصبح فيه خارج السيطرة. وبالتالي يصبح الوضع في المنطقة باكملها خارج السيطرة».

وذكر السفير الاسباني ان الوفد الاوروبي حصل على «تأكيدات من الوزير حمود ان لبنان يقوم بما في وسعه وبما يملك من وسائل لضبط الوضع في المنطقة». واشار الى ان حمود شرح للوفد موقف لبنان من قضية مزارع شبعا، لكنه قال: «الامم المتحدة لا تقبل هذا المنطق. ونحن نشاطرها الرأي» واضاف: «نحن لا نفهم اي تبرير سياسي او خلافه لا يضع لبنان وحده في خطر، بل المعادلة برمتها في المنطقة».

واوضح السفير الاسباني ان الوفد طلب ان يوقف «حزب الله» عملياته «لاننا لا نفهم هذا المنطق» مشيراً الى انه نقل الى المسؤولين اللبنانيين «تحذيراً ودياً». وقال: «مزارع شبعا موجودة ولن تهرب، لكن السؤال لماذا تراكم الحوادث في الايام العشرة الاخيرة (...) لقد لاحظنا ان الحوادث كانت تقع في الماضي ضمن مراحل زمنية معينة، انما اليوم نراها بوتيرة متسارعة».

ودعا السفير كارييدو الى «عدم تقديم الذرائع الى (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل) شارون لتنفيذ تهديداته ضد لبنان وسورية» مشيراً الى «ان شارون عادة يطبق ما يقوله حتى انه يذهب الى ابعد من ذلك».

اما الوزير حمود فقد اكد ان الوضع على الحدود الجنوبية «متماسك. والدولة اللبنانية اتخذت كل التدابير اللازمة لضبط الوضع على الخط الازرق من البحر حتى حدود مزارع شبعا». وقال: «ان ما جرى اخيراً يبين ان هناك عناصر غير منضبطة تم ضبطها والقاء القبض عليها وتقديمها للتحقيق لأن لبنان يعرف دقة الموضوع، لكنه لا يتنازل عن حقوقه».

واشار حمود الى ان السفير الاميركي «لم ينقل اي تحذير لكنه اعرب عن الاهتمام والقلق لما يجري» مؤكداً الاطمئنان الى ان «كل الخطوات التي اتخذتها الحكومة تصب في مصلحة لبنان والحفاظ على حقوقه في هذه المنطقة».