وزير خارجية اليمن لـ«الشرق الأوسط»: القوات الأميركية لا تتدخل في تعقب العناصر الإرهابية

قال إن بلاده لا تقبل أي ضغط من واشنطن في ما يتعلق بموقفها من القضية الفلسطينية

TT

قال وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي ان مبادرة السلام العربية التي اقرتها قمة بيروت أخيرا، تعد بمثابة استراتيجية جادة لاقرار السلام في المنطقة، وتعكس جدية العرب في تحقيق السلام مع اسرائيل، مشيرا الى ضرورة ان تأخذ فرصتها. ودافع القربي عن موقف بلاده المتشدد ازاء القضايا العربية، مطالبا بوجود صقور وحمائم بين العرب كما في اسرائيل، لا ان نكون جميعا حمائم. كما تحدث القربي في حواره مع «الشرق الأوسط» عن الوضع العربي الراهن والتحرك المقبل، وعلاقات اليمن مع واشنطن نافيا وجود أي قواعد عسكرية اميركية في بلاده.

* هل ما زال السلام خيار العرب الاستراتيجي رغم استمرار العدوان الاسرائيلي؟

ـ هناك اتفاق بأن مبادرة السلام العربية التي اقرها الزعماء العرب في بيروت يجب ان تكون هي اساس الانطلاق وتتمثل هذه أولا في التحرك دوليا لشرح مبادرة السلام العربية، ومن خلالها الدفع بالدول الاوروبية والولايات المتحدة، ومجلس الأمن والاعضاء الدائمين في المجلس لاتخاذ القرارات التي ستؤدي أولا الى انسحاب القوات الاسرائيلية من الأراضي الفلسطينية، التي احتلت في يونيو (حزيران) 1967 وضرورة ارسال قوات لحماية الشعب الفلسطيني والفصل بين الفلسطينيين كقوات سلام كما حدث في عدد من المناطق. ثانيا تفعيل القرارات المختلفة المتعلقة بالمقاطعة وقطع العلاقات وأهم من كل ذلك الظروف الصعبة التي يعيشها الأخوة الفلسطينيون الآن، وتقديم الدعم المالي والمعنوي لاستمرار المقاومة والانتفاضة.

* اسرائيل ردت على قمة بيروت بالاجتياح للأراضي الفلسطينية، هل تعتقد ان قرارات هذه الدورة الطارئة لوزراء الخارجية العرب يمكن ان تردع اسرائيل؟ ـ اعتقد ان هناك تغييرا في الرأي العام العالمي تجاه الصراع العربي ـ الاسرائيلي بدأ قبل المبادرة، وتعزز بمبادرة السلام العربية وبالتالي تحاول اسرائيل ان تكسب في اللحظات الأخيرة من المعركة ما تستطيع، وهدفها في المقام الأول هو تصفية القيادات الفلسطينية وضرب البنية الاساسية للمنظمة، لأنها تدرك في النهاية انها لابد أن تنسحب من هذه الأراضي العربية المحتلة وأن الحق العربي لا يمكن ان يتنازل عنه العرب، ونرى ذلك الآن في التغيير الواضح في موقف الولايات المتحدة خلال الايام الماضية.

* هل تعتقد ان قرارات قطع الاتصالات بين العرب واسرائيل يمكن ان تساعد في وقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني؟

ـ اسرائيل مستمرة في عدوانها سواء كانت هناك علاقات مع العرب أو لم تكن، واعتقد ان الهدف الرئيسي من العلاقات هي انها توظف لتخدم المصلحة الوطنية والقومية واذا كانت هذه العلاقات لا تحقق هذا الهدف فلا مبرر لها أولا، وثانيا انها تعطي للطرف الآخر أما الشعور بأن الطرف الذي يستمر في علاقاته رغم ما يوجه اليه من عنف ومن اساءة، ضعيف لا يستطيع ان يقطع علاقاته وهذا الذي تفكر فيه العقلية الاسرائيلية أو انها توظف هذه العلاقة لإعطاء التصور بأن لها شرعية وان لها تأييدا في هذه الدول التي ما زالت لها علاقات بها.

* ما هو الموقف اليمني مما يحدث حاليا؟

ـ موقفنا واضح، يهمنا في المقام الأول ان يكون هناك موقف عربي موحد والا يؤدي الاختلاف ربما في وجهات النظر حول مواجهة اسرائيل الى تفتت الموقف العربي أو انشقاقات في الصف العربي، يهمنا ثانيا ان تدعم الانتفاضة والشعب الفلسطيني لأن الانتفاضة هي التي أوصلت اسرائيل الى هذا المأزق الذي تعيشه، لأنها تكلفها اقتصاديا وسياسيا كثيرا وفي النهاية سوف ينتصر الحق الفلسطيني بكل تأكيد، لذلك علينا ان ندعم الانتفاضة وبمزيد من المال لأن الذي يقدم غير كاف، وايضا البحث في كل الوسائل التي يمكن ان تساعد على استمرار الانتفاضة واستعمالها لأسلحة مختلفة في مواجهة اسرائيل اضافة لذلك لابد من التحرك سياسيا لتفعيل مبادرة السلام التي تم اقرارها في قمة بيروت وان نفعل كل الوسائل السياسية والدبلوماسية التي ستسهم في الضغط على الولايات المتحدة حتى تتخذ موقفا متوازنا في هذا الصراع.

* كيف ترى انتقادات الشارع العربي للمواقف الرسمية العربية؟

ـ الشارع العربي والاشتعال الذي نراه حاليا في معظم العواصم العربية والدولية هو على حق وبالتالي علينا سياسيا ألا نحبط الشارع العربي. ولكن لابد أن يكون هناك توازن ونوع من الشفافية والتفاؤل بين القيادات وبين الشارع العربي، واعتقد ان المفكرين والصحافة يمكن ان يلعبوا دورا كبيرا جدا في هذا الجانب لنجعل من الشارع شارعا قادرا على التفاؤل الايجابي والعملي مع هذه المتغيرات، وثانيا لكي تؤثر في القرار السياسي ايجابيا لأنني اخشى احيانا ان بعض الاقلام والصحف في فورة الحماس تكتب الكثير مما يضر بوحدة الموقف والصف العربي.

* ماذا لو قامت اسرائيل بالتخلص من عرفات في ظل ان قرارات الجامعة العربية تنفذ ببطء؟ والأحداث تسير كالبرق؟

ـ من الصعب الاجابة عن هذا السؤال لكن اعتقد ان تصفية عرفات تضيع على اسرائيل فرصة ذهبية لتحقيق السلام مع العرب، وانه ستمر فترة قبل ان يأتي زعيم فلسطيني يقبل التفاوض مع اسرائيل ومعنى هذا ان اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا اذا قامت بتصفيته الرئيس عرفات والشعب الفلسطيني مصمم على المواجهة والمقاومة، واذا ذهب عرفات سيوجد البديل الذي يقود هذه الانتفاضة.

* يتردد ان موقف اليمن ما زال غير واضح بالنسبة للدعم الفلسطيني هل لأن اليمن لديه مشاكل مع واشنطن تتعلق بمكافحة الارهاب؟

ـ الموقف اليمني من أقوى المواقف العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وربما هذا ما يزعج البعض، وهذا الموقف ينبع عن قناعة ولذلك يجب ان نقدم للفلسطينيين كل الدعم ولا أريد أن أشير الى ما يقدمه اليمن، وقد يكون أقل بكثير مما يجب ولكن نحن نقدم في حدود امكانياتنا، والاشكالية هي عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية نجد ان هناك تفسيرات خاطئة احيانا للمواقف اليمنية، البعض يعتبرها وكأنها من باب المزايدة أو الاحراج للآخرين، وهذا ما لا نقصده اطلاقا، واعتقد سيكون من المفيد لنا كعرب ان ننظر الى اسرائيل وما يجري فيها، فهناك الصقور والحمائم، ونحن في الوطن العربي كما يبدو لا نريد أن يكون بيننا متشدون أو صقور، نريد ان نكون جميعا حمائم، وهذا لا يخدم القصية الفلسطينية، لذا اعتقد ان الموقف اليمني بالنسبة للقضية الفلسطينية سواء على مستوى الحكومة أو المؤسسات الرسمية في الدولة أو على مستوى الشارع هو من أقوى المواقف التي نعتز بها في اليمن.

* أقصد هل هناك ضغط اميركي على اليمن لمكافحة الارهاب؟

ـ اميركا لم تضغط على اليمن فيما يتعلق بموقفه من القضية الفلسطينية ولا يمكن لليمن ان يقبل بأي ضغط في هذه القضية.

* ما هو مدى التعاون بينكم وبين واشنطن حاليا في مجال مكافحة الارهاب؟

ـ هناك تعاون بيننا وبين الاميركيين، فمنهم من يدرب القوات الخاصة واجهزة الأمن، هناك ما بين 30 و40 ضابطا أميركيا يقومون بهذه العملية، لكن لا يوجد حضور عسكري أميركي ولا تتدخل القوات الاميركية في تعقب اي عناصر ارهابية في اليمن فهذه مسؤولية الحكومة اليمنية واعتقد ان الاميركيين الموجودين في اليمن عددهم رمزي.

* وبماذا تفسر حدوث اشتباكات بين القوات اليمنية والقبائل بعد مطالبة واشنطن اليمن بمكافحة الارهاب؟

ـ هذا الكلام غير صحيح ولا يوجد قتال بين الحكومة والقبائل اطلاقا والذي تتبع زيارة الأخ الرئيس الى المحافظات في الاسابيع الماضية ورأى لقاءاته بالشخصيات الاجتماعية والقبائل سيدرك ان القبائل هي جزء من المجتمع اليمني وتتعامل مع الحكومة كمواطنين يمنيين ولا يوجد هذا الصراع اطلاقا.

* لماذا تأجلت زيارة الرئيس علي عبد الله صالح لمصر بعد قمة بيروت؟

ـ لأننا فوجئنا بالتصعيد الاسرائيلي وبالتطورات الخطيرة على الساحة الفلسطينية فكان من الواجب ان يعود الرئيس رأسا الى اليمن لمتابعة هذه التطورات الخطيرة وهذا ليس له أي تأثير أو انعكاسات على العلاقات اليمنية المصرية المتميزة.

* هل متوقع زيارة قريبة للرئيس علي عبد الله صالح لمصر؟

ـ هناك اتصالات بين الأخ الرئيس علي عبد الله صالح واخيه الرئيس محمد حسني مبارك حول كل المستجدات على الساحة العربية وهذا التواصل موجود بين الرئيسين وكل الاشقاء من الرؤساء والقادة العرب.

* في اطار تعزيز التعاون مع السعودية متى ستعقد اللجنة العليا المشتركة؟

ـ سوف تنعقد في شهر يونيو (حزيران) في السعودية لدراسة خطوات التعاون الاقتصادي والشراكة بين اليمن والسعودية وتقديم مشاريع للصناديق السعودية.