شارون يشترط أمام الكنيست استبدال عرفات للتفاوض مع الفلسطينيين حول السلام «بعد القضاء على الإرهاب»

رئيس المعارضة اليسارية يرد عليه: ألم تتعلم من الماضي عندما فشلت في فرض رئيس على لبنان؟

TT

في خطاب سياسي شامل تم استدعاء الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي لجلسة طارئة من اجل سماعه، امس، كشف رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، عن حقيقة موقفه السياسي من الصراع واصراره على تحطيم السلطة الفلسطينية واستبدال رئيسها، ياسر عرفات، وفرض قيادة اخرى للشعب الفلسطيني تعمل حسب رغباته. وقسم شارون المبادرة السعودية للسلام الى قسمين; واحد رحب به وآخر رفضه بشدة.

وطرح خطة مضادة بدت كالمهزلة لدرجة ان رئيس المعارضة يوسي سريد الذي رد على شارون قائلا: «انك تجعل من سامعيك في اسرائيل والعالم مسخرة، فلا انت تطرح مشروع سلام ولا تظهر اهتماما بالسلام، انما تدهورنا الى ما هو اخطر من الوضع الحالي».

وكان شارون قد دعا الكنيست للاجتماع الطارئ، بهدف ابلاغه بتوسيع ائتلافه الحكومي باتجاه المزيد من التطرف اليميني. وألقى بيانا سياسيا شاملا عن سياسته الحالية، استهله بالحديث عن «الضحايا اليهود من عمليات الارهاب الفلسطينية»، ومن دون ان يتطرق ابدا الى الضحايا الفلسطينيين. وقال ان حكومته اضطرت اضطرارا الى ارسال الجيش الى الحرب لاقتلاع دابر الارهاب، «فقد حاولنا كل الطرق السلمية الممكنة، فحالما انتخبت لرئاسة الحكومة وتلقيت رسالة تهنئة من عرفات، بعثت برسالة جوابية، مددت فيها يد السلام، ولكنه ابقاها ممدودة في الهواء، ولم يرد عليها بالمصافحة، فهو اختار الارهاب ليفرض علينا الاستسلام. هناك وثائق تدل على انه دفع المال للانتحاريين.. وثائق بتوقيعه الشخصي (قرأ اثنتين منها وطلب ضمهما الى بروتوكول الجلسة)».

وطرح شارون خطته «للسلام»، واذا بها على النحو التالي: الجيش الاسرائيلي يكمل حاليا خطته للقضاء على البنى التحتية للارهاب. فعندما تكتمل يبدأ الانسحاب من المدن، بحيث ترابط هذه القوات خارج المدن الى حدود آمنة. ومن هناك تجري المفاوضات، ولكن ليس مع الرئيس ياسر عرفات، بل مع «قيادة اخرى مسؤولة تكون مستعدة لفرض سلطتها على المناطق التي نخليها لها، وتمنع تحويلها الى قواعد انطلاق للمخربين ضد اسرائيل. فقط بعدئذ ننتقل الى المفاوضات السلمية على اساس خطة تينيت وتوصيات ميتشل، ونتفق اولا على حل مرحلي طويل الامد. وفقط بعدها نوقع عملية السلام للحل الدائم».

وقال شارون ان «هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للفلسطينيين ان يعيشوا فيها بسلام محررين من الاحتلال ورموزه ويتفرغون لبناء اقتصادهم المنهار. ونحن ـ اي اسرائيل ـ سنكون مستعدين للمساهمة بشكل كبير في هذه العملية».

وفي اطار تجاهله القيادة الفلسطينية دعا شارون «زعماء الدول العربية المعتدلة» الى مفاوضته على هذا السلام. وقال انه مستعد للذهاب اليهم متى يشاءون والى اي مكان يختارون من اجل التفاوض حول السلام، من دون اي شروط مسبقة من الطرفين.

وقال: السلام مهم ليس فقط للاسرائيليين والفلسطينيين، انه مهم لكل شعوب المنطقة. وانا سعيد برؤية بعض الدول العربية تقرر الاعتراف باسرائيل واقامة علاقات طبيعية معها. فهذا يدل على تغيير مهم. لهذا، فانني اقدر الامور الايجابية في المبادرة السعودية، فلا شك انه عنصر ايجابي قيام شخصية مهمة مثل الامير عبد الله بدعوة الدول العربية الى الاعتراف باسرائيل، ولكن قضية عودة اللاجئين الواردة في المبادرة، لا يمكننا قبولها. عودة اللاجئين الى اسرائيل تعني تدمير الدولة العبرية. وهذا لا يمكن ان نقبل به».

وقد قاطع النواب العرب في الكنيست خطاب شارون عدة مرات، وسألوه خلالها عن المذابح التي يرتكبها جيشه في المناطق الفلسطينية.

ثم وقف يرد عليه رئيس المعارضة، النائب يوسي سريد (زعيم حزب «ميرتس» اليساري الصهيوني)، فقال: لقد كنت اعددت خطابا مرتبا لهذه الجلسة، لكن خطاب شارون يضطرني الى وضعه جانبا، وارتجال خطاب ارد فيه على اهم ما قاله.

واضاف سريد: ما قلته في خطابك تسبب لي بالقلق الشديد في عدة مواضيع ومجالات، فقد استعرضت اقوالك وأمعنت التفكير فيها، واستغربت وقلت: ألم يتعلم الرجل ابدا من الماضي؟ فأنت سبق لك ان حاولت فرض قيادات وزعماء عرب على هواك. الا تذكر ما هي النتيجة؟

ألم تحاول فرض زعيم لبناني على لبنان (بشير الجميل). أتذكر اين هو الآن، وما هو مصيره (قتل كما هو معروف)، انت لا تستطيع يا سيدي فرض زعماء على شعب. ولن تستطيع ان تسقط عرفات. فهو، شئت ام ابيت، أحببنا ذلك أو لم نحب، هو رئيس الفلسطينيين. واذا كان عرفات بطلا من ابطال الشعب الفلسطيني في الماضي، فانه اليوم ـ بفضلك يا شارون وبفضل حصارك له ـ يصبح بطل الابطال الجبار. لقد حاولت ان تفرض عليه العزلة، والحقيقة ان اسرائيل هي المعزولة اليوم، هي التي تواجه الانتقادات والمظاهرات الدولية.

وقال سريد: احد الاهداف المزعجة لهذه الحرب هو الضربات الموجهة الى الشعب الفلسطيني. رئيس الحكومة يقول انه لا يدير حربا ضد الفلسطينيين كشعب، وهذا هبل. فمن يدخل دباباته ويقصف بطائراته بلدات مزدحمة بالسكان كهذه يعيش فيها 3.5 مليون نسمة، لن يستطيع الا ان يضرب المدنيين ويسبب لهم المعاناة.

وتابع سريد: وتقول انك تحارب الارهابيين وتقوم بتصفيتهم، وانا اسألك: هل تقتل 500 منهم خلال هذه الحرب؟ حسنا. فكم سيحل محلهم؟! أليس 5000 على الاقل. وتقول تريد ان تحطم البنية التحتية للارهاب. فأية بنية تحتية هذه؟ ان البنية التحتية للارهاب هي ليست السلاح والمخازن. انها العقل، القلب، الكراهية، وانها الاحتلال، فطالما هناك احتلال سيتواصل الارهاب. واذا لم تزل الاحتلال ستظل عقلية الكراهية لنا والحقد علينا تتدحرج، حتى تترجم الى عمليات ارهاب.

وتطرق سريد الى المبادرة السعودية فاعتبرها ثورة في العالم العربي. وهاجم شارون بشدة لانه لم يقبلها، وقال له: لقد سمعتك الآن تتحدث لاول مرة عنها بشكل ايجابي، ولو جزئيا. ولكنك لم تستطع ان تحرر نفسك من الكذب الذي يبثه رجال مكتبك الذي يقولون انها تدعو الى عودة اللاجئين، فهذا البند واضح للغاية. يقولون فيه الاتفاق معا على صيغة لتسوية القضية بشكل عادل على اساس قرار الجمعية العامة للامم المتحدة.

وقال سريد: لو كنت مكان شارون لقبلت المبادرة السعودية فورا، وتوجهت الى الادارة الاميركية حتى تعقد مؤتمرا صحافيا كبيرا تعلن فيه عن مبادرة لتطويرها بحيث يعقد مؤتمر دولي للسلام، باشتراك الولايات المتحدة وقيادتها وباشتراك دول الاتحاد الاوروبي وروسيا والدول العربية والاسلامية، وطبعا اسرائيل وفلسطين. وهناك يتم التوصل الى حل مبني على اساس: كل الاراضي (المحتلة منذ عام 1967) مقابل كل السلام.

وتساءل سريد: لماذا المسخرة، فاقتراحك بأن يدعوك الزعماء العرب غير واقعي بتاتا. فالعرب لن يدعوك في هذا الوقت. لهذا، دع الاميركيين يدعونك ويدعونهم، وأن يفرضوا من عندهم حلا معتدلا.