البنتاغون يحشد طائرات وجنودا في قاعدة العُدَيد الجوية في قطر

جهود لإنشاء مركز قيادة بديل للعمليات العسكرية

TT

ومع الجهود الأميركية الهادئة بنقل، اعتدتها وطائراتها، خلال السنوات السابقة، اتخذ البنتاغون خطوات أخرى لتقليل درجة الاعتماد على قاعدة الأمير سلطان الجوية، خصوصا مع ظهور منحى جديد في الإدارة الأميركية يسعى الى شن هجوم جديد على العراق.

منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدأت السلطة الأميركية بنصب كومبيوترات المراقبة واجهزة تجسس في قاعدة «العُدَيد» القطرية. وكان الهدف الموضوع نصب أعينها هو تأسيس مركز بديل لقيادة العمليات العسكرية. ونتيجة لهذه الجهود، أصبحت القاعدة الجوية القطرية غاصة بما يقرب من 2000 جندي وعدد كبير من الطائرات الحربية.

من جانب آخر، هناك جهود على وشك الانطلاق، لتحسين القواعد الجوية في الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وعُمان لمواجهة متطلبات عميات جوية أميركية إذا اقتضت الضرورة.

ويفضل القادة العسكريون الأميركيون الاستمرار في التعاون العسكري مع السعودية الذي يسمح باستخدام مركز عمليات قرب الرياض وتم افتتاح هذا المركز في السنة الماضية، ومن ميزاته انه يمتلك القدرة على تخطيط وتنفيذ الهجمات الجوية في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. لكن مسؤولي البنتاغون متفائلون من إمكانية نقل العمليات من هذا المركز بشكل سريع الى قطر، لان القوة الجوية الأميركية تمكنت من تطوير تسهيلات قابلة على النقل.

وقال مسؤول أميركي: «ما نمتلكه على الأرض في قطر قليل نوعا ما، لكن التخطيط الواسع جعل بامكان الولايات المتحدة ان تنشئ مركز عمليات جديداً في عدة أيام، وأن يكون قادرا على الاشراف على عمليات كبيرة.

ويرى بعض المسؤولين الأميركيين أن سبب هذه المبادرة يعود الى الاختلاف في طريقة التعامل مع قضيتي العراق والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ويأتي هذا التحول بعد مفاوضات استغرقت عدة سنوات حول الحدود التي يسمح ضمنها للطائرات الأميركية بمراقبة منطقة حظر الطيران جنوب العراق من الأراضي السعودية. في الوقت نفسه وجد المسؤولون الأميركيون استعداد الحكومة القطرية للقبول بالوجود الأميركي مفاجئا.

وقال مسؤول أميركي كبير إن القطريين لم يضعوا أي شروط على الكيفية التي ستنفذ بها العمليات العسكرية.

وتبلغ مساحة قاعدة «العُدَيد» 4500 متر مربع، وبلغت تكاليف إعدادها مليارات الدولارات، وسيساعد اتساعها على استقبال طائرات الشحن العملاقة جنبا إلى جنب مع القاذفات المحملة كليا بالاعتدة. وأصبحت قاعدة «العُدَيد» القطرية موقعا للطائرات المقاتلة الأميركية مثل إف 16، جنبا إلى جنب مع دبابات الـ «كي سي ـ 10» والـ «كي سي ـ 130» وطائرة التجسس الشهيرة «جَي ستارس». وتقوم هذه الطائرة بمهمات الاستطلاع والتزود بالوقود بما يتعلق بالحملة العسكرية الأميركية في أفغانستان، وتساعد أيضا في عمليات مراقبة منطقة الحظر الجوي بجنوب العراق.

وكانت الحكومة القطرية قد اعترفت بهذا الوجود العسكري الأميركي في قاعدتها الجوية قبل شهر واحد فقط، وذلك حينما قام ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي بزيارة هذه القاعدة أثناء جولته الأخيرة للشرق الأوسط التي زار خلالها أحد عشر بلدا.

وحسب ما قاله أحد مسؤولي البنتاغون، فإن التعاون العسكري الأميركي ظل مصدر إشكال لعدة سنوات. واضطرت أميركا إلى إخراج عشرين طائرة مقاتلة من الأراضي السعودية، سنة.1999 وفي تلك السنة اختار المسؤولون الأميركيون مستودعا في إمارة قطر لتحويله الى مركز قيادة وسيطرة بديل.

وكثفت القيادة العسكرية الأميركية من جهودها لتحويل المركز القطري كبديل بجعله مركزا للعمليات الجوية، وبغياب التمويل الكافي لتحويل المركز القطري الى نسخة مماثلة لمركز القيادة الذي تمتلكه السعودية، يخطط القادة العسكريون الأميركيون لإنشاء مركز رسمي بقدرات متواضعة في قاعدة «العُدَيد».

وتم اختيار قطر كموقع قيادي داعم، لاتساع قاعدة «العديد» ولطبيعتها الجغرافية. إذ اعتُبرت الكويت جد قريبة من العراق وعُمان جد بعيدة عنه.

لكن المسؤولين الأميركيين يصرون على أن أي شيء يجري في قطر لن يكون على حساب التعاون مع السعودية. وقال تومي فرانكس، رئيس «القيادة العليا» في الخليج: «علي أن أخبركم أن علاقتنا مع السعودية، ممتازة. والمشاورات بين الطرفين جيدة». وقال فرانكس إن بلاده بدأت، منذ ثمانية عشر شهرا، بإعادة نشر بعض ما تبقى من الذخائر والأعتدة بعد انتهاء حرب الخليج الثانية، وذلك بنقلها إلى حاويات وشحنها إلى مواقع أخرى في المنطقة. ورفض المسؤولون العسكريون تحديد المواقع.

وقال فرانكس إن جهودا ستبذل قريبا لتحويل «قابليتنا على القيادة والسيطرة في جميع المنطقة». وللتزود بكمّ أكبر في ميدان الاتصالات وتحقيق مرونة أكبر في تنفيذ العمليات العسكرية. وهذا سيشمل «تغيير مواقع بعض الأجهزة والمعدات التي نمتلكها».

وأضاف فرانكس قائلا: «هذا لا يعني أنني لا امتلك خططا لاستنساخ مركز قيادي إضافي».

وعن سؤال يتعلق باسباب إعادة توزيع الأجهزة العسكرية والجنود، وإن كانت لها علاقة بالهجوم المتوقع على العراق، قال فرانكس إنه لم تتخذ أي استعدادات بعد. وأضاف أن كتيبة أخرى تم استقدامها إلى الكويت. وبذلك يرتفع عدد الجنود الأميركيين هناك إلى 4000 فرد. وبرر ذلك بقوله: «إنه إجراء وقائي تجاه سوء الحسابات العراقية».

* خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»