شيراك أول رئيس فرنسي يزور مسجد باريس الكبير

TT

وصف الدكتور دليل أبو بكر مدير المعهد الإسلامي بباريس زيارة الرئيس جاك شيراك، المرشح للانتخابات الرئاسية القادمة، الى مسجد باريس الكبير ظهر امس، بأنها «لفتة تاريخية تعكس اعتراف الجمهورية الفرنسية بالجالية الاسلامية الفرنسية، وتسجل بقوة انتماءها الى المجموعة الوطنية (الفرنسية) بكليّتها».

ومنذ الساعة التاسعة صباحاً، بدأت قاعات وحدائق وفناءات مسجد باريس والمعهد الاسلامي تعج بالمئات من ممثلي وأفراد الجالية الاسلامية والعربية، وجمعياتهم الذين قدموا لاستقبال الرئيس الفرنسي. وهذه المرة الاولى التي يقوم بها رئيس فرنسي بزيارة مسجد باريس منذ تدشينه عام 1926.

وخصّت الجالية العربية والاسلامية الرئيس الفرنسي باستقبال حافل وحاشد... موسيقى وأهازيج جوقة جاءت من جزر القمر، وزغاريد النساء وتصفيق الحاضرين، وعلت صيحات ترحب بشيراك واخرى تدعوه الى «الذهاب الى رام الله»، فيما عمدت قوى الامن الفرنسية الى اتخاذ اجراءات حماية لم تشهد منطقة المسجد مثيلاً لها على الاطلاق من قبل.

وصعب على الرئيس الفرنسي التقدم باتجاه الصالون الكبير حيث انتظره مئتان من رؤساء الجمعيات والمساجد في كل فرنسا. وقبل وصوله، عمدت قوى الأمن الى ابعاد عدة مئات من الاشخاص الذين تجمعوا خارج المسجد للتنديد بالسياسة الاسرائيلية وللتعبير عن دعمهم للفلسطينيين.

وجاءت زيارة شيراك الى المسجد قبل اقل من اسبوعين على الجولة الانتخابية الرئاسية الاولى التي تظهر استطلاعات الرأي انها لم تحسم بعد لصالح اي من المرشحين الرئيسيين شيراك ومنافسه الاشتراكي رئيس الحكومة ليونيل جوسبان.

ويهتم المرشحان الرئيسيان والآخرون بأصوات الفرنسيين المتحدرين من اصول عربية واسلامية وغالبيتهم من دول المغرب العربي. وتقدر الجالية العربية ـ الاسلامية بما يزيد على خمسة ملايين، منهم 1.5 مليون نسمة يحق لهم الاقتراع.

ومن هذه الزاوية، فان الخطاب الذي القاه شيراك، والذي قوطع مراراً بالتصفيق والهتاف، ركز على الشؤون الداخلية للجالية العربية والاسلامية و.. على دورها في فرنسا. وبعد ان حيّا شيراك عطاءات هذه الجالية، أشاد بتسامحها وبانفتاحها. وقال شيراك: «هذا الاسلام هو نقيض الأصولية المتعصبة.. انه اسلام متسامح ومسالم ومنفتح على تطورات العالم ورافض للتشنج والإنطواء».

وأضاف: «انه اسلام يتمسك بالتوفيق بين تعاليمه وبين ما يحمله التمدن لكل منا من تقدم وعدالة. انه اسلام التقوى والأخوة».

ودعا الى انجاز انشاء هيئة تمثيلية للمسلمين في فرنسا، كما دعا الى تمكين المسلمين من ان تكون لهم اماكن عبادتهم وأئمتهم.

وعاد شيراك الى انعكاسات احداث الشرق الأوسط على التعايش بين الطائفة اليهودية والجالية العربية والاسلامية في فرنسا، فأدان الاعتداءات التي حصلت على اماكن العبادة اليهودية. وكانت شوارع العاصمة وعدد من المدن الفرنسية قد شهدت نهاية الاسبوع الفائت مظاهرات كبيرة منها لدعم الفلسطينيين ومنها لدعم اسرائيل.

وطالب شيراك بالحفاظ على هيبة الدولة. ودعا الى الحذر والى عدم الانزلاق في هذه المنزلقات الخطرة. وفي ما خص الشرق الأوسط، اكتفى شيراك بالتأكيد على ان هدف فرنسا هو «التهدئة». واضاف: «انها رسالة سلام لن نستطيع حملها ان لم نبق متحدين في الداخل».

وقال دليل ابو بكر ان مسجد باريس هو «رمز السلام والتسامح والانسانية»، معتبراً ان الجالية الاسلامية «لا يمكن ان تكون الا معتدلة». ورفض ابو بكر القيم التي تتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسية.

ودعا رئيس المعهد الاسلامي شيراك الى ان تحمل فرنسا «صوت العدالة والسلام عالياً».

وقال سهيل بن شيخ، امام جامع مرسيليا لـ«الشرق الأوسط»، وهو شخصية مرموقة في اوساط الجالية العربية ـ الاسلامية، ان غرض استقبال شيراك امس وجوسبان بعد ايام «ليس لهدف سياسي وانتخابي». واضاف: «نحن لا نعطي توجيهات بخصوص الانتخابات، بل ندافع عن مصالح هذه الجالية، ولذا نقلنا طلباتنا الى شيراك كما سنقوم بنقلها الى جوسبان».

وفي ما خص النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، قال بن شيخ ان الجالية «تريد من فرنسا ان تتحرك، اذ لا يمكنها ان تسكت وهي بلد حقوق الانسان».

وقال عبد الرحمن دهمان رئيس «دائرة المسلمين الديمقراطيين» التي تضم عشرات الجمعيات، ان الجالية العربية ـ الاسلامية «تتمتع بالذاكرة ولن تصوت في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لمن اهانوا العرب والمسلمين، وهي قادرة على التأثير على نتائج هذه الانتخابات».

=