إسرائيل تعترف بمقتل 15 جنديا في مخيم جنين ونابلس وتقر بأن عملياتها بلبنان كانت عبث أطفال

البرغوثي وخضر يتوعدان جيش الاحتلال ومستوطنيه بمقاومة غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

TT

مع الانسحاب الاسرائيلي الصوري من مدينتي طولكرم وقلقيلية واستمرار صمود المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس ومخيمات المدينة لا سيما مخيم بلاطة، وتكبيد القوات الاسرائيلية الغازية 15 قتيلا واكثر من 11 جريحا في يوم واحد الامر الذي اضطرها الى المطالبة الى وقف اطلاق النار لنقل قتلاها وجرحاها. وقال مروان البرغوثي امين سر اللجنة الحركية العليا لفتح في الضفة الغربية ان المقاومة ستعزز في صفوف الشعب الفلسطيني يوما بعد يوم.

واضاف البرغوثي الذي نجح في الاختفاء عن الانظار رغم عملية البحث الحثيثة التي قامت بها قوات الاحتلال لاعتقاله باعتباره المسؤول الاول خاصة بعد ان كشفت كتائب شهداء الاقصى عن انها تأتمر باوامره، لـ «الشرق الاوسط» «ان اسرائيل لن تجني من مجازرها سوى الدم والموت. وان الحركة الوطنية والاسلامية الفلسطينية بكل فصائلها ستعيد ترتيب نفسها باسرع مما يتوقع المحتل».

واما حسام خضر وهو احد كبار قادة التنظيم في الضفة وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن دائرة نابلس فقال لـ «الشرق الاوسط» «نقول لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وللعالم ان ارهابه لن يزيدنا الا اصرارا على الخلاص من الاحتلال». واضاف محذرا «فليستعد جيش شارون ومستوطنوه لحملة مقاومة عنيفة جدا غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي».

وتابع القول موجها حديثه الى قوى السلام الاسرائيلية انه «اذا لم تعمل هذه القوى على لجم شارون فان الخطر سيهددها في عقر دارها».

ونفى خضر وهو من مخيم بلاطة المزاعم الاسرائيلية بان قوات الاحتلال فرضت سيطرة كاملة على البلدة القديمة في نابلس. وقال «ان المقاومين لا يزالون يسيطرون رغم وحشية الهجمة الاسرائيلية على حيي الياسمينة والاريون وان المقاومين يستبسلون في الدفاع عنهما».

واكد خضر مقتل جنديين اسرائيليين وجرح آخرين في البلدة القديمة لكنه في الوقت نفسه تحدث عن «مقتل اعداد كبيرة من الفلسطينيين وجرح اعداد مضاعفة من الحرب الصهيونية التي تستخدم فيها احدث ترسانتها العسكرية، مشيرا الى ان هذا يزيد الشعب الفلسطيني اصرارا وتصميما على مقاومة الاحتلال ودحره».

واعترفت اسرائيل بمقتل احدهما وهو رائد في الجيش واسمه آسف اسولين.

وكانت صحيفة «يديعوت احرونوت» قد نقلت عن قائد وحدة المظليين في نابلس العميد افي كوخافي قوله «إن عمليات الجيش في لبنان كانت عبث أطفال بالنسبة لما يدور هنا». وقال قائد الوحدة لـ «يديعوت احرونوت» إنها المرة الأولى منذ حرب 1967 التي يتمكن فيها الجيش الإسرائيلي من دخول حي القصبة في نابلس، مشيراً إلى أنه ما يزال ينتظر الجيش الإسرائيلي الكثير لإحكام سيطرته على الحي. واعتبر خضر ان بروز تنظيم «سرايا الدفاع عن كنيسة مهد السيد المسيح» وهي اول حركة مسيحية تتجه للعنف ضد الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، احدى نتائج الحرب الشارونية على الشعب الفلسطيني ومقدساته الاسلامية والمسيحية خاصة كنيسة المهد.

وكان هذا الفصيل قد اعلن عن نفسه في بيان تبنى فيه مسؤولية اطلاق النار قرب كنيسة المهد المحاصرة في مدينة بيت لحم اسفر عن جرح ثلاثة جنود اسرائيليين. وكانت قوات الاحتلال قد اعترفت بجرح جنديين وليس ثلاثة اصيبوا في الهجوم على موقع مراقبة احتلالي سري يطل على كنيسة المهد.

وقالت «سرايا الدفاع عن مهد السيد المسيح» انها مقاومة فلسطينية مسيحية «تنتمي الى صفوف المقاومة المسلحة لاسرائيل» وتعمل جنبا الى جنب مع كتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لفتح وكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي.

وتعهدت الحركة بالدفاع عن كنيسة المهد التي لا تزال تخضع للحصار الاسرائيلي منذ اكثر من اسبوع وتتعرض لعمليات اطلاق نار متواصل.

وحسب الرواية الاسرائيلية فان المقاومين الفلسطينيين اكتشفوا نقطة المراقبة الاسرائيلية السرية فوق سطح فندق كازابلانكا في المدينة المطل على كنيسة المهد وما يدور حولها، وانقض رجال المقاومة على الجنود الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية، بالاسلحة الرشاشة والقنابل فاصابوا جنود الموقع الثلاثة.

وحول طلب القوات الاسرائيلية عبر الارتباط العسكري لوقف اطلاق النار في مخيم جنين لنقل قتلاها وجرحاها الذين استدرجهم رجال المقاومة الى حقل الغام في المخيم قال «ان المقاومين احالوا الموضوع الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المحاصر في اجزاء من مقره في رام الله منذ 13 يوما لاتخاذ قرار بصدده. وتعليقا على ذلك قال «رغم ان الرئيس عرفات تنكر طيلة الفترة الماضية للرموز الوطنية في الشعب الفلسطيني، الا ان هذه الحركة ما زالت متمسكة به كقائد وزعيم».

وقال خضر «ان على الرئيس عرفات بعد ان تفك ازمته باذن الله، ان يعيد حساباته وترتيب الساحة الفلسطينية بالتحالف مع الحركة الوطنية وليس مع الذين انفضوا عنه واختفوا عن الانظار في العواصم العربية».

وحذر خضر من تعرض مخيم بلاطة الى ما يتعرض اليه مخيم جنين. وقال ان «هناك تصعيدا وحشدا للقوات واستعدادات حول المخيم. وبدأت القوات تحفر استحكامات، بينما طائرات الاباتشي والدبابات تقصفه بالصواريخ والقذائف والرشاشات من مختلف الاعيرة. ورغم ذلك فان المقاومين صدوا حتى الان كل محاولات الاقتحام للمخيم التي كان اخرها فجر امس».

واعلن محمود العالول محافظ نابلس انه منذ مساء امس نقلت 46 جثة قتيل فلسطيني من حي القصبة. واكد العالول ان عشرات القتلى ما زالوا تحت انقاض المباني التي دمرت في الحي. وذكر ان قوات الاحتلال لا تزال تواصل قصف الحي ومعظم احياء البلدة القديمة ومخيمات بلاطة وعسكر وعين بيت الماء بالصواريخ والقذائف المدفعية فضلا عن الغارات الجوية. وشدد المحافظ على ان رجال المقاومة يصرون على مواصلة القتال حتى آخر قطرة دم. الى ذلك اعترف الجيش الاسرائيلي امس بمقتل 13 جنديا وإصابة سبعة آخرين أحدهم بجراح بالغة في مخيم جنين للاجئين.

وقالت مصادر المقاومة الفلسطينية ان المقاومين استدرجوا عناصر القوات الخاصة من لوائي جولاني وهناحل الى منطقة ملغومة وفجروها بالجنود وامطروهم بالرصاص. وحسب المصادر فقد اجبرت قوة النار الفلسطينية قوات الاحتلال على طلب وقف اطلاق النار لاخلاء جثث القتلى والجرحى من الجنود الغزاة. وجاء رد المقاومة حاسما وهو ان المسؤول عن اعطاء الاوامر لوقف اطلاق النار هو الرئيس عرفات.

الى ذلك تتواصل عمليات قتل تقشعر منها الابدان لهول المجازر التي يرتكبها جنود الاحتلال في المخيم. فقد اكد النائب فخري التركمان عضو المجلس التشريعي الفلسطيني في جنين العثور امس على ست جثث تحت انقاض احد المنازل. وعثر على جثتي اثنين من كتائب الاقصى في المخيم هما يحيى الزبيدي وناصر ابو حطب الى جانب عجوزين. وواصل جيش الاحتلال قصف منازل الفلسطينيين في المخيم بطائرات الاباتشي. واكد شهود العيان ان جنود الاحتلال يحاولون اقتحام احياء المخيم الذي تنشط فيها جيوب المقاومة عن طريق قيام جرافات ضخمة بهدم المنازل على من فيها. من ناحية ثانية احتلت القوات الاسرائيلية مزيدا من البلدات في محيط مدينة جنين منها كفر راعي وعرابة وفحمة وعجة والرامة.

وفي محافظة الخليل اعاد الجيش الاسرائيلي احتلال بلدة دورا. وقتل ثلاثة من الفلسطينيين اثناء محاولة جماهير البلدة التصدي للقوات الغازية. واعترفت اسرائيل باصابة ضابط بجروح خطيرة للغاية، وكما في كل مكان تقتحمه فقد رفضت قوات الاحتلال السماح لسيارات الاسعاف بنقل الجرحى الامر الذي ادى الى وفاة ثلاثة من الجرحى.

وذكر شهود عيان انه فور اعادة احتلال البلدة فرض جيش الاحتلال نظام حظر التجول وأمر من تزيد اعمارهم من المواطنين عن 15 عاماً بالتجمع قرب مقر جهاز الامن الوقائي.

ورغم المزاعم الاسرائيلية بالانسحاب من مدينتي طولكرم وقلقيلية شمال غرب الضفة الغربية فان مواطنين في المدينتين يؤكدون ان الانسحاب شكلي اذ ان قوات الاحتلال لا تبعد في اكثر الحالات عن نصف كيلومتر عن وسط المدينة. واصابت قوات الاحتلال امس 5 مواطنين نقلوا الى مستشفى الدكتور ثابت ثابت في المدينة جراء اصابتهم بنيران جنود الاحتلال الذين يفرضون حصاراً خانقا على المدينة. وكانت معظم الاصابات في الظهر والبطن.

وخلف جنود الاحتلال وراءهم دمارا غير مسبوق. اذ لم يتركوا شارعا ولا ميدانا ولا رصيفا الا ودمروه بالاضافة الى عشرات المنازل والمنشآت المدنية وشبكات الكهرباء وشبكة الصرف الصحي، والأشجار واعمدة الكهرباء والهاتف.