توتر سياسي في كاراكاس رغم عودة شافيز إلى السلطة

الرئيس الفنزويلي يعزو إفشال الانقلاب إلى الاتحاد بين الشعب والقوات المسلحة

TT

تمكن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز من العودة الى السلطة بعد محاولة الانقلاب عليه، الا ان الوضع في فنزويلا لا يزال هشاً ومتوتراً مع تزايد حوادث النهب وانتشار الشائعات.

واستطاع شافيز، الرئيس الشعبوي، ان يستعيد منصبه اول من امس بفضل تحرك الطبقات الفقيرة التي دعمته والتي لم تنظر بعين الرضى الى تسلم رئيس ارباب العمل بدرو كارمونا السلطة الذي بات في السجن مع وزرائه وأعوانه. ورغم دعوات شافيز الملحة الى الهدوء والوحدة الوطنية فان اعمال النهب في العاصمة كاراكاس لا تزال متواصلة وتشمل المحلات والمراكز التجارية. الا ان ماريا فرناندا المتحدثة باسم شافيز قالت لوكالة الصحافة الفرنسية «الرئيس هنا في القصر، لديه اجتماعات اتخذ خلالها قرارات مهمة وكل شيء طبيعي تماما».

وقد عزا شافيز عودته للسلطة الى الاتحاد بين الشعب والقوات المسلحة، وقال في كلمة القاها في القاعدة العسكرية ماراكاي «فليبارك الرب جنود فنزويلا الذين تم بفضلهم والى جانبهم الشعب اعادة احياء الدستور الذي ارادوا خرقه واعادة رئيس الجمهورية الى السلطة مع كافة المؤسسات». واوضح انه تعمد القاء كلمته في ماراكاي كي يشكر الضباط على دعمهم الحاسم، هؤلاء الضباط الذين تحصنوا في قاعدة المظليين ومقرها في هذه المدينة، وتمردوا على الحكومة الانتقالية التي شكلتها زمرة مدنية وعسكرية.

ومن جهة اخرى، تحدث نائب الرئيس ديوسدادو كابيللو اول من امس عن امكانية «انقلاب معد ومجهز» بعد فشل الانقلاب على شافيز وعودة الرئيس الى السلطة. وفتح كابيللو في ساحة قصر ميرافلوريس في كاراكاس امام الصحافيين علبة زرقاء يوجد فيها منديل رئاسي لاحتفال «جديد» وعليه الوان العلم الفنزويلي، الاحمر والاصفر والازرق، ويحمل شعار فنزويلا و«مصنوع في مدريد». وقال «حملوه الى هنا كي يستعملونه في ما بعد» في اشارة الى منفذي الانقلاب الفاشل.

واكد كابيللو ان هذا المنديل الذي عثر عليه في «مكتب السكرتير الخاص» في القصر «ليس عائدا» للرئيس هوغو شافيز و«هو لم يستعمل ابدا». واضاف نائب الرئيس «اعتقد ان هذا الامر يدل انه كانت هناك خطة، انقلاب معد ومجهز»، من دون ان يعطي مزيداً من الايضاحات.

ومنذ المواجهات الدامية التي جرت الخميس الماضي بين متظاهرين مناهضين لشافيز وآخرين موالين له، قتل 41 شخصا واصيب 323 بجروح. الا ان الوضع السياسي لا يبدو مستتبا تماما لصالح شافيز. فقد تمكن من العودة الى السلطة بعد ان تلقى الدعم من آلاف الانصار الذين قدموا من احياء العاصمة الفقيرة واجتاحوا قصر ميرافلوريس الرئاسي ليفتحوا بذلك طريق عودته الى السلطة.

وباتت القطيعة واضحة اكثر فاكثر بين طبقة الاغنياء وارباب العمل التي تخوفت من الاصلاحات الاجتماعية للرئيس وبين الطبقة الفقيرة التي نزلت الى الشارع لدعم الرئيس اليساري الشعبوي.

ويبدو ان جرح الانقلاب الفاشل لم يلتئم بعد، إذ ان الجيش بات مقسوما بشهادة قائد الحرس الوطني نفسه الجنرال فرانسيسكو بليساريو لانديس الذي كان اول من تخلى عن شافيز عشية الانقلاب. وتساعد هذه الاجواء المتقلبة على انتشار الشائعات التي تبدو احيانا ابعد ما تكون عن الواقعية. ومن تلك الشائعات مثلاً تردد ان «شافيز محتجز في الريف» بينما تؤكد المصادر الرسمية وجوده في قصر ميرافلوريس الرئاسي. ومن الشائعات الاخرى قول البعض ان الاميرال كارلوس موليتي تامايو قد قتل الا ان احد افراد عائلته اكد ان «الرواية غير صحيحة وقد تكلمنا معه للتو»، مضيفا «معنوياته عالية وهو مصمم على الكفاح للاطاحة بشافيز». وكان تامايو اول من دعم الرئيس الانتقالي بدرو كارمونا.

وتواصلت ردود الفعل العالمية المؤيدة في غالبيتها لعودة شافيز الى السلطة باعتبار ان ذلك ترسيخ للديمقراطية في البلاد. فقد اعربت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) امس عن «ارتياحها» لعودة شافيز الى سدة الرئاسة في فنزويلا. واعتبر مصدر مقرب من اوبك في مقر المنظمة في فيينا ان «نيات كارمونا كانت تهدد باثارة خلاف كبير في صفوفنا». وكان كارمانو، الذي تولى رئاسة حكومة انتقالية تشكلت في فنزويلا بعد الاستقالة القسرية لشافيز، قد لمح الى ان بلاده ستزيد انتاجها النفطي لدعم صناديقها. وهذا القرار كان سيشكل خطرا على التماسك بين دول اوبك التي خفضت انتاجها في ديسمبر (كانون الاول) الماضي ومددت في مارس (آذار) الماضي العمل بحصص الانتاج المعتمدة لدعم اسعار النفط. كما اصدرت منظمة الدول الاميركية بيانا جاء فيه ان الامين العام للمنظمة سيزار غافيريا سيتوجه الى فنزويلا «لبحث الطريقة التي يمكن معها للمنظمة ان تساعد فنزويلا في جهودها من اجل ترسيخ الديمقراطية». ورحبت كوبا، كما كان متوقعاً، بعودة شافيز الى السلطة ووصفت ذلك بـ «الانتصار الثوري» على «انقلاب فاشي ورجعي مضاد للثورة».