ردود فعل دولية تشاؤمية إزاء تخطي لوبن إلى الدورة الثانية من الانتخابات الفرنسية

المفوضية الأوروبية: أجندة لوبن ليست متوافقة تماما مع الاتحاد وبروكسل آسفة لوجود «رجل غير ديمقراطي» في الدورة الثانية

TT

اتسمت ردود الفعل الدولية أمس على الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بالتشاؤم والحذر إزاء تقدم المرشح اليميني المتطرف جان ماري لوبن على المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان، ليتنافس في الدورة الثانية المقررة في 5 مايو (ايار) المقبل مع المرشح الديغولي جاك شيراك.

ففي بروكسل اعلن المتحدث باسم رئيس المفوضية الاوروبية ان فكرة «الافضلية الوطنية» لمرشح اليمين المتطرف «تبدو غير متوافقة تماما» مع قواعد الاتحاد الاوروبي. وفي معرض رده على سؤال حول تماثل برنامج لوبن مع القيم الاوروبية، قال جوناتان فول ان «بعض العناصر» في برنامجه «تتحدث غالبا عن الافضلية الوطنية وذلك لا يتوافق تماما في الواقع مع قواعد وممارسات الاتحاد الاوروبي»، مؤكدا «ننتظر ان تبقى فرنسا وفية تماما لقيمها والتزاماتها». واضاف ان «فرنسا تلعب دورا تاريخيا ومهما جدا في الاتحاد الاوروبي وهي على هذا الاساس متمسكة بهذه القيم الاساسية التي هي قيمنا والتي اوحت بها».

اما رئيس البرلمان الاوروبي بات كوكس فاعتبر ان نتائج الدورة الاولى سيكون لها على الارجح انعكاسات «على كل الطبقة السياسية في اوروبا». وقال كوكس في بيان ان «النتيجة التي تظهر امتناع 30 في المائة تقريبا من الناخبين وتصويت 30 في المئة تقريبا لمرشحين من اليمين المتطرف او اليسار المتطرف سيكون لها انعكاسات ليس فقط على فرنسا بل على الطبقة السياسية الاوروبية كلها». واضاف «اما في ما يتعلق بالدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية فانا على ثقة ان كل الديمقراطيين في فرنسا سيرصون الصفوف وراء القيم الديمقراطية ومحاربة تعصب ومعاداة الاجانب».

وفي ستراسبورغ رأى رئيس الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا بيتر شيدير ان «نتائج الانتخابات الرئاسية في فرنسا تظهر ضرورة ان تواجه الديمقراطيات الاوروبية العنصرية والتعصب». واوضح خلال مؤتمر صحافي ان نتيجة الانتخابات تظهر ايضا ان «مكافحة التعصب لا تعني فقط الديمقراطيات الجديدة» في اوروبا الشرقية.

وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه «يثق بالشعب الفرنسي لرفض اي شكل من اشكال التطرف» حسبما افاد الناطق باسمه امس. وصرح الناطق باسم الحكومة البريطانية «يظن رئيس الوزراء ان الوضع محزن جدا بالنسبة لليونيل جوسبان (رئيس الوزراء الفرنسي) لانه برأيه، رجل شريف».

وفي موسكو اسف كبير حاخامات روسيا بيرل لازار «لعدم استخلاص العبر من التاريخ»، مؤكدا ان «اوروبا تعود الى الوراء». واوضح خلال مؤتمر صحافي «في روسيا لا تحصل امور مماثلة لان الشعب يميز بين الخير والشر في حين ان كل الاراء مسموح بها في الغرب وكل شيء ممكن».

وفي اثينا دعا رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس الى «التيقظ» ازاء «الخطر» المتمثل بتنامي اليمين المتطرف. وقال عقب لقاء مع بعض المقاومين لحكم الكولونيلات (1967 ـ 1974) ان «المخاطر الناجمة عن مواقف اليمين المتطرف موجودة على الدوام ويجب ان نتحلى بالتيقظ». واضاف ان «الحكم العسكري (الكولونيلات) يبدو بعيدا، البعض ربما لا يتذكره ولكن يجب دوما السهر» على هذه الظواهر، مشيدا في الوقت نفسه بقرار نظيره الفرنسي ليونيل جوسبان الذي «اضطلع بمسؤولياته بشكل جيد جدا واعطى رسالة جيدة» بقراره الانسحاب من الحياة السياسية.

وفي بلجيكا عبر وزير الخارجية البلجيكي لوي ميشال عن اسفه «لوجود رجل غير ديمقراطي في الدورة الثانية»، لكنه اضاف انه «لحسن الحظ ان جاك شيراك يتقدم وسيفوز في الانتخابات وهذا امر ايجابي». وفي المانيا، اعتبر فريتز كون رئيس حزب الحضر الالماني ان نتيجة لوبن «تشكل هزيمة كارثية لليسار الذي تمزق من دون سبب»، داعيا «كل الديمقراطيين الى تشكيل جبهة» لمواجهة افكار اليمين المتطرف. وقال مايكل غلوس مسؤول الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي ـ الاجتماعي ان «ثمة خللا في فرنسا على ما يبدو استغله جان ماري لوبن ويجب ان نتنبه لذلك في المانيا». ورأى ان «الهجرة من دون اي قوانين يجب الا تتطور ويجب ان نتنبه لمخاطر وقوع اعتداءات ارهابية».

وفي سويسرا، اعتبر الناطق باسم الحزب الاشتراكي جان فيليب جانيرا ان في الكثير من الدول الاوروبية تستغل بعض الاحزاب الناخبين «المحافظين الجدد والقوميين الجدد». واعتبر ان بروز لوبن يظهر ان شبكات الجبهة الوطنية لا تزال ناشطة جدا في فرنسا.

وفي الدنمارك اعتبر نائب رئيس حزب الشعب الدنماركي (يمين متطرف) بيتر سكاروب ان نتيجة جان ماري لوبن «اللافتة اتت على ما يبدو معاقبة لسياسة الهجرة كما حصل في الدنمارك». واضاف «لا اظن ان فرنسا تحولت الى اليمين كما ان الدنمارك لم تتجه الى اليمين في الانتخابات الماضية».

وفي النمسا دعت الصحف فرنسا الى مراجعة ذاتها. وعلقت صحيفة «كرونون تسايتونغ» (شعبية) بقولها «على فرنسا ان تنظر الى وضعها قبل ان تملي الدروس على الاخرين»، مشيرة الى ان فرنسا دفعت الاتحاد الاوروبي الى اعتماد عقوبات في حق النمسا عندما شكل اليمين المتطرف فيها العام 2000 حكومة ائتلافية مع المحافظين.

وحده اليمين المتطرف المجري ذهب الى حد تهنئة لوبن. وقال زعيم هذا التيار ايتسفان كسوركا «اريد ان اقدم تهاني الحارة الى جان ماري لوبن. نحن سعيدون للغاية. ونجاحه يشكل نتيجة تاريخية ستؤثر بلا شك على مستقبل القارة برمتها».

اما في الرباط، فاعتبر خالد عليوى العضو في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية، ان مشاركة لوبن في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية تسيء الى «سمعة فرنسا كبلد الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان». واعرب عليوى الذي يتولى ايضا ادارة صحيفة الاتحاد الاشتراكي النافذة عن «القلق ازاء تنامي اليمين القومي المتطرف».

وفي الجزائر، اعتبرت الصحف ان انتقال لوبن الى الدورة الثانية يشكل «زلزالا سياسيا» في فرنسا. وكتبت صحيفة «لو كوتيديان دوران» تقول «بعد النمسا وايطاليا تؤكد انتخابات الامس وجود ميل فاشي عنصري مناهض للمهاجرين في اوروبا». واعتبرت صحيفة «لو ماتان» المعارضة ان الانتخابات اظهرت ان «الخطاب المتمحور حول العنصرية وانعدام الامن يعطي نتائج».