مقتل أربعة إسرائيليين وجرح عشرة في هجوم شنه فدائيان فلسطينيان على مستوطنة قرب الخليل

شارون يحمّل عرفات مسؤولية الهجوم وتوقع اجتياح إسرائيلي جديد

TT

قتل اربعة مستوطنين يهود واصيب عشرة آخرين بجراح بعضهم في حالة الخطر في هجوم نفذه فدائيان فلسطينيان على مستوطنة ادورا الواقعة الى الشمال الغربي من مدينة الخليل، وجاءت هذه العملية في ظل تقديرات الاجهزة الامنية الاسرائيلية بأن حملة «الجدار الواقي» والاجتياح الإسرائيلي لمناطق السلطة الفلسطينية ألحقت ضربة قاصمة بالبنية التحتية للمقاومة الفلسطينية. وذكرت مصادر عسكرية اسرائيلية انه في تمام الساعة التاسعة من صباح امس نجح الفدائيان في التسلل للمستوطنة وتوجها الى بيوت تقع في طرف المستوطنة وأطلقا النار، الامر الذي ادى الى مقتل اربعة واصابة عشرة آخرين بجراح. ونجح الفدائيان في الانسحاب من المستوطنة قبل ان تستطيع قوات الاحتلال اكتشاف امرهما. وحسب تحريات الاجهزة الامنية الاسرائيلية اتجه الفدائيان الى قرية تفاح التي تقع الى الشرق من المستوطنة والمتاخمة لمدينة الخليل من الناحية الغربية. واستقدمت قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال وحدات خاصة للمشاركة في عمليات التمشيط الواسعة التي قامت بها بحثا عن منفذي العملية. واستعانت القوات الخاصة بطائرات الاباتشي في عمليات التمشيط ومنعت قيادة الجيش المستوطنين من مغادرة منازلهم، خوفا من وجود فدائيين لم يتم العثور عليهم. واشرف الجنرال شاؤول موفاز رئيس هيئة اركان الجيش شخصيا على عمليات التمشيط.

وحسب المصادر الاسرائيلية فمن المفترض أن يمر الفدائيان الفلسطينيان عبر جسر تتمركز فيه وحدات اسرائيلية خاصة تقوم باعمال الحراسة على الطرق التي يسلكها المستوطنون اليهود في المنطقة. ولم تعلن حتى الآن أي جهة فلسطينية مسؤوليتها عن الحادث.

وفي وقت لاحق اعلنت الاذاعة العامة الاسرائيلية نقلا عن مصادر عسكرية ان فلسطينيا مسلحا قتل بعد ظهر أمس برصاص الجنود الاسرائيليين في قرية التفاح المجاورة لمستوطنة ادورا، في الضفة الغربية خلال عمليات التمشيط التي قام بها الجيش الاسرائيلي بحثا عن المسؤولين عن الهجوم الفلسطيني على هذه المستوطنة والذي ادى الى مقتل اربعة اسرائيليين.

واوضحت الاذاعة انه من المرجح ان يكون الفلسطيني القتيل احد عناصر المجموعة التي هاجمت مستوطنة ادورا. الا ان الجيش الاسرائيلي رفض تأكيد هذه المعلومات. كما ان المصادر الطبية الفلسطينية لم تؤكد على الفور نبأ مقتل الفلسطيني. وقالت احدى المستوطنات اليهوديات، ريبي غنوت، القاطنة على مقربة من البيوت التي هاجمها الفدائيان، انها حسبتهما في البداية جنديين اسرائيليين. اذ كانا يرتديان الزي العسكري الرسمي للجيش الاسرائيلي ودرعاً واقية على صدريهما. وفقط عندما راحا يطلقان الرصاص في كل الاتجاهات فهمت انهما فلسطينيان.

وتفيد التحقيقات الاولية بأن الفدائيين الفلسطينيين قاما بقص الشريط المحيط بالمستعمرة، وتجولا داخل المستعمرة اكثر من نصف ساعة. وبعد ان هاجما ثلاثة بيوت (احدها يملكه شرطي اسرائيلي يعمل في محطة شرطة الاحتلال في الخليل) وصلت الى المكان سيارة شرطة اسرائيلية تم استدعاؤها على عجل. وقد تبادل الفدائيان مع رجال الشرطة اطلاق الرصاص، ولكن لم تقع اصابات.

وتحقق الشرطة الآن في سبب تمكن الفدائيين الفلسطينيين من الهرب سالمين، رغم ان رجال الشرطة الذين حضروا الى المستعمرة لم يصابوا. ويعتقد انهم اختبأوا ولم يجرأوا على الخروج من مخبئهم.

وقامت قوات الاحتلال، امس، باجتياح جميع القرى الفلسطينية غرب مدينة الخليل (قرب ترقوميا)، بدعوى التفتيش عن الفدائيين.

وشكلت العملية مفاجأة كبيرة للاوساط العسكرية الاسرائيلية، اذ ان المستوطنة التي تعرضت للاقتحام تعتبر من اكثر المستوطنات تحصينا في المنطقة، فضلا عن ان الوجود العسكري الاسرائيلي الكثيف يفترض ان يردع الفدائيين الفلسطينيين عن المبادرة لشن مثل هذه العملية. ونقل التلفزيون الاسرائيلي عن مصادر عسكرية اسرائيلية قولها انها تشعر بالصدمة لقدرة الفدائيين الفلسطينيين على الانسحاب من المستوطنة قبل ان تتمكن قوى الامن الاسرائيلية من الاشتباك معهما. واثر الحادث اعلنت حالة استنفار في مدينة الخليل، وتم اخلاء مقار الاجهزة الامنية الفلسطينية تحسبا لردة فعل اسرائيلية على الهجوم. من ناحية ثانية اصدر مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بيانا حمل فيه السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات شخصيا المسؤولية عن الهجوم.

وفي شمال قطاع غزة قتل شاب فلسطيني عندما اطلق جنود الاحتلال النار عليه بالقرب من مستوطنة دوغيت. وذكر الدكتور معاوية حسنين مدير قسم الاستقبال في مستشفى «دار الشفاء» في مدينة غزة ان جنود الاحتلال قاموا بالتمثيل بالجثة، حيث قاموا باقتلاع العين اليمنى للقتيل من مكانها بعد ضربها بآلة حادة أدت الى تكسير الفكين العلوي والسفلي، مع عدة طلقات نارية في الصدر والبطن والأطراف مع جروح جانبية في الرقبة وعلى الخاصرة اليسرى وطلقات في الفخذ الأيسر. من جهتها كشفت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي النقاب عن ان جيش الاحتلال لا يستبعد ان يشرع في شن حملة عسكرية ثانية ضد حركات المقاومة الفلسطينية على غرار حملة «الجدار الواقي» المتواصلة حاليا. ونقل التلفزيون عن مصادر كبيرة في قيادة اركان الجيش قولها انه على الرغم من الحاق الجيش الاسرائيلي ضربة كبيرة ببنية حركات المقاومة الفلسطينية عبر عمليات التصفية والاعتقال، الا ان حركات المقاومة ما زالت قادرة على تنظيم نفسها والقيام بعمليات فدائية في العمق الاسرائيلي. واشار المصدر العسكري الاسرائيلي الى مناطق الخليل وقلقيلية وطولكرم كمناطق يتوقع ان تنطلق منها العمليات الفدائية المقبلة. واشارت المصادر العسكرية الاسرائيلية الى ان هناك عشرة تحذيرات «ساخنة» من امكانية شن حركات المقاومة الفلسطينية عمليات فدائية ضد الاهداف الاسرائيلية. واعادت المصادر الى الاذهان حقيقة ان 85 في المائة من المطلوبين من كوادر الاجهزة العسكرية في تنظيمات المقاومة لم يتم اعتقالهم او تصفيتهم حتى الآن. وحسب هذه المصادر فان حملة الجدار الواقي لم تسهم ايضا في تخفيض مستوى التعاون بين الاطر التنظيمية للمقاومة، منوهة الى انه ما زال هناك تنسيق بين الاجهزة العسكرية للتنظيمات الفلسطينية. وادعت المصادر ان اوساط داخل فلسطينيي الخط الاخضر تظهر استعدادا للتعاون مع حركات المقاومة الفلسطينية. من ناحية ثانية اشارت المصادر الصحافية الاسرائيلية الى خلافات كبيرة بين الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية حول نتائج حملة الجدار الواقي.

وحسب المصادر فان جهاز المخابرات الاسرائيلية الداخلية (الشاباك) يدعي انه قام بالعبء الاكبر في توفير المعلومات الاستخبارية للقوات الخاصة التي تولت تنفيذ عمليات المداهمة والتفتيش والاقتحام في مناطق السلطة الفلسطينية. وانتقد «الشاباك» الاداء «المتواضع» لشعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «أمان» في الحملة. وعبرت مصادر في الشاباك عن صدمتها مما كشفت عنه التحقيقات التي اجرتها مع المعتقلين الفلسطينيين الذين اعتقلوا في نطاق حملة الجدار الواقي، اذ تبين ان عدد الفلسطينيين الذي انضم الى حركات المقاومة فاق كل تصور.