الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لـ«الشرق الأوسط»: قلنا للأميركيين إن خطة تينيت غير مناسبة لأننا نؤيد قوات دولية لا مراقبين فقط

الإسرائيليون هم الذين وافقوا على محاكمة المتهمين عند السلطة الفلسطينية حيث نقل المتهمون في سيارة أميركية وحراسة فلسطينية.. * نحن ضد أن نضيع 11 سنة أخرى في التفاوض ونرى أن تبدأ المفاوضات من حيث انتهت مع باراك

TT

زرته في الدور التاسع عشر في جناحه حيث كان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، على الهاتف وبين مساعديه يحادث فيما يبدو انه كان محمد دحلان من الجانب الفلسطيني، ويستمع لأحد مساعديه حول ترتيب لحملة اعلامية عبر التلفزيون الاميركي في صباح الغد (امس)، قال لمساعده الذي سأله عن مواعيده «انا مستيقظ ومستعد من الساعة السادسة صباحا وحتى الواحدة ظهرا.. بعدها سنكون في اجتماعات مع ولي العهد». اوضح له مساعده مشكلة صعوبة تأمين نقل حي من هذا الفندق فرد عليه الامير قائلا «سأذهب الى استوديوهاتهم اذا لزم الامر».

والحقيقة ان الامير سعود الفيصل اشتهر بقلة الاحاديث الصحافية، لكن خلال هذه الزيارة اتضح ان نصف المعركة اعلامية في الولايات المتحدة، واستقر الرأي على انه لا بد من خوض المعركة. والحقيقة ان الاعلام الاميركي اعطى فسحة كبيرة للجانب السعودي، فقيل من خلاله ما لم يسمعه المواطن الاميركي من قبل.

* قبل وصولكم الى هيوستن هل كنتم موعودين بنتائج معينة؟

ـ لا. الامير عبد الله لم يصل وفي يده ضمانات تحقيق مطالبه. جاء الامير الى هنا عازما على انهاء هذه المأساة وقرر ان يكاشف الجانب الاميركي بذلك.

* كيف كان الوضع داخل المزرعة؟

ـ كان الحديث بين الجانبين عميقا وطويلا جدا. ومن الجانب الاميركي حضرت الحكومة في المزرعة.. حضر الرئيس ونائب الرئيس ووزير الخارجية ورئيس فريق البيت الابيض ومستشارة الامن القومي للرئيس ومستشار الامن القومي لنائب الرئيس ايضا.

* وماذا دار في الاجتماع بين الطرفين؟

ـ في الاجتماع تحدثوا عن المخاطر، وقاموا بتحليلها، وعلى ضوء التحليل من قبل الوفدين قدمنا تصورات وطرحنا الافكار التي بحوزتنا وركزنا على نقطتين: الاولى وقف القتال، والثانية سحب القوات الاسرائيلية.

* هل الفلسطينيون على علم بما يحدث؟

ـ نعم على اتصال مستمر بالهاتف بين ولي العهد وابو عمار وبقية المسؤولين الفلسطينيين، بل ونقلنا للاميركيين ورقة فلسطينية تعرض حلا عمليا لأزمة رام الله وجنين وبيت لحم.

* هل طرح مخرج لمشكلة المتهمين بقتل الوزير الاسرائيلي التي تستخدمها اسرائيل ذريعة لمحاصرة الرئيس الفلسطيني؟

ـ قلنا للجانب الاميركي ان الاسرائيليين هم انفسهم الذين قبلوا بفكرة المحاكمة. وجرى نقل المتهمين بسيارة اميركية وتحت حراسة اسرائيلية الى رام الله، حيث يوجد مقر الرئيس عرفات، وكان التفاهم على محاكمتهم في اول مايو (ايار) اذا توفرت الظروف الملائمة، وتم الاتفاق على ضمان نزاهة المحاكمة بتوفير حضور مراقبين دوليين وممثلين عن منظمات دولية حكومية وغير حكومية.

* اذاً، لماذا غيّر الاسرائيليون موقفهم ورفضوا المحاكمة؟

ـ من باب التعجيز.

* وماذا عن المحتجزين في الكنيسة؟

ـ ايضاً اذا كان عند اسرائيل قوائم بأسماء فليقدموا المعلومات ويحاكم بنفس الترتيب في غزة حيث توجد هناك استعدادات اكثر. وهذا ينسجم مع اتفاق اوسلو الذي يشرح مسؤوليات كل جانب في الأراضي التي تقع تحت ادارته. والحقيقة ان الجانب الفلسطيني نفذ التزاماته وفق ذلك، وبالتالي قلنا انه لا يوجد مبرر عند شارون اذا كان التنفيذ وفق الالتزامات المتفق عليها.

* هل هناك اختلاف بين الجانبين السعودي والأميركي حول انسحاب القوات الاسرائيلية؟

ـ لا أبداً لا يوجد خلاف بل كلنا نتفق على ضرورة الانسحاب حتى نوفر الظروف الملائمة لتفعيل المبادرة.

* إذاً أين هي المشكلة بينكم؟

ـ الصحيح اننا اقترحنا شجب العنف من الطرفين والتأكيد ان الطرفين لن يستخدما العنف في حل النزاع وتقديم ضمانات دولية بذلك. قدمنا للأميركيين ما يمكن ان يصبح حلاً أساسياً وخرجا من الأزمة الحالية. واعتقد ان هناك توافقا وما يجري بحثه هو محاولة التوصل الى اتفاق ليس فقط تعريف المشكل بل ايضاً البدء في تنفيذ الحل ولهذا قدمنا خطة من ثمان نقاط. اما المنظور السلمي فانه يقوم على وجود دولتين فلسطينية واسرائيلية تكون علاقتهما جيدة وسلمية.

* وكيف قدم الأمير طرحه هذا؟

ـ الأمير أوضح ان الأسس التي يمكن ان تؤدي الى السلام هي اسس اميركية أي جاءت من عندهم وأكدنا اننا نريد ألا نخرج عن هذه الأسس. بل على العكس نريد تطبيق ما طرحه الأميركيون انفسهم فخطاب الرئيس بوش أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وخطاب وزير الخارجية الأميركي في لوي فيل وقرارات مجلس الأمن الأربعة الأخيرة التي كان مصدرها الولايات المتحدة نفسها. قلنا لهم هذه افكاركم مع مبادرة السلام التي قدمتها المملكة ووافق عليها كل العرب في قمة بيروت. هذه تكفي لطرح رؤية سلام ويمكن ان تبدأ العملية بتضافر الجهود ويمكن ان نصل الى سلام. هذه رؤيتنا في هذه الزيارة كما قدمناها.

* هل هناك تصور للزمن لمثل هذه المبادرة؟

ـ العناصر التي شرحتها تضمن ان تسير الخطوات بسرعة وبدون بطء. وأنا أقول انه لا يمكن ان نسير نحو السلام بالأسلوب السابق فالمفاوضات وتنفيذها اخذت 11 سنة هذا أمر غير معقول بل مضر بالسلام، فعامل الزمن مهم جداً واذا طال فانه يتحول ضد السلام كما رأينا.

* وما هي صيغة التفاوض؟

ـ نعتقد بضرورة الدخول في التفاوض مع جميع الأطراف وكل طرف على حدة. فالمهم وضع اطار وغاية حتى لا تتشتت المفاوضات في نواح كثيرة، مهم ان تكون الرؤية واضحة توصل الى الهدف. فالتركيز يعطي فرصة لضبط الوقت والموضوع. الفكرة الأخرى اننا لسنا بعيدين عن اتفاق سلام حقيقي.

* كيف يمكن ذلك؟

ـ اننا نرى ان الكثير من نقاط التفاوض قد حسمت وبالتالي لا توجد فائدة من العودة الى حيث بدأت المفاوضات بل يفترض ان يعود المتفاوضون الى حيث انتهوا لا من أين بدأوا، كما حدث في المفاوضات بين عرفات وباراك.

* تردد انكم رفضتم خطة تينت الداعية الى مراقبين دوليين؟

ـ نحن نعتقد ان الأحداث تجاوزت قدرة المراقبين، نحن نطالب لا بمراقبين بل بحاجز يحمي الناس من التراشق ولهذا اقترحنا استحداث قوة دولية تقوم بتغطية الحدود. المراقبون عادة عددهم محدود ودورهم لا يصلح في مناطق فيها قتال.

* هل هناك صيغة مقترحة؟

ـ خذ القوات الدولية في البلقان وتيمور الشرقية وقبرص في السابق، توجد نماذج ناجحة يمكن ان تحتذى لانهاء دائرة العنف هذه.

* هل هناك حل عاجل للأزمة الحالية؟

ـ الاميركيون يعملون على تحقيق انسحاب القوات الاسرائيلية اما بقية النقاط فنحن نتفاوض عليها الآن.

* هل هناك حد ادنى مطلوب لانجاح مهمة الامير عبد الله في القائمة؟

ـ المهم عندنا ليس حساب النقاط بل مضمون الحل ان يكون واقعيا حتى ينفذ.

* في ظل هذا النشاط الكبير من جانبكم للتوصل الى حل شامل هل تعتقدون ان شارون سيقبل بذلك؟

ـ اذا حكمنا عليه من تاريخه وما قام به مؤخرا فان عملية السلام قد لن تنجح، لكن هذا امر يعود للشعب الاسرائيلي. فاذا ترك المجال لشارون يرفض السلام رغم توفر الاسس الملائمة او ان يعيش في امان فالامر متروك له. نحن لم نسمع من شارون كلمة واحدة عن السلام فكل كلامه عن الحرب الحرب الحرب. قام بتهييج الرأي العام الاسرائيلي. نحن نأمل ان يرى الشعب الاسرائيلي ان رؤية شارون خاطئة ولن تحقق له السلام. نقول انه لا يكفي ان يرضى طرف واحد بالسلام بل هو خيار استراتيجي لا بد ان يجد صدى عند الاسرائيليين.

* فوجئنا ان الرئيس بوش يخرج الى الصحافيين في الصباح الباكر في اليوم التالي للقمة مع الامير عبد الله ليتحدث عن ضرورة انسحاب اسرائيل. ما الذي دفعه لذلك؟

ـ اوضحا للجانب الاميركي انه لا ينبغي لأي طرف ان يعطل عملية السلام وان اسرائيل تماطل في الانسحاب لانها تريد المزيد من الوقت للقضاء على السلطة المحلية الفلسطينية ومن الواضح انهم (الاسرائيليون) يستخدمون بيت لحم كمبرر لبقاء القوات الاسرائيلية ايضا في رام الله. واذا لم ينه المجتمع الدولي هذا الوضع كيف يمكن ان تبدأ عملية السلام؟ قلنا السؤال يطرح نفسه على الولايات المتحدة: هل ستقبل بهذا الرفض الذي لا مبرر له؟ ام ستسعى لازالته خاصة اذا حاسبنا شارون على كلامه عن البقاء الذي قال لمدة اسابيع في مقابلة له وها هو شهر يمر.

* وماذا عن طرح شارون لمؤتمر اقليمي؟

ـ انه طرح سخيف تماما. فكيف يمكن ان تدعو كل الناس الى المؤتمر ولا تدعو اصحاب القضية. فالمؤتمر ليس غاية بل وسيلة لحل المشكلة.

* اذا هل تؤيدون مؤتمر سلام؟

ـ نحن لا نريده مدريد آخر فنبدأ من جديد نتحدث عن المبادئ من مفهوم كل طرف. نريده منسجما مع مبادئ مدريد ومع المبادرة العربية.

* واذا لم تتفقوا مع الاميركيين خاصة ان هناك شعوراً بتعقد الوضع بينكم وبينهم؟

ـ انا لا انظر الى اننا سنكون غير قادرين (مع الاميركيين)، نحن لم ندخل هذه المفاوضات بلغة اعمل كذا والا.. هذا ليس اسلوب التوصل الى اتفاق.

* وماذا عما نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» انكم تهددون بأن تكونوا اكثر تطرفا من بن لادن والقذافي وستذهبون الى بغداد؟

ـ هذا ليس صحيحا. في منطقة الشرق الاوسط ما يكفيها من مشاكل ولا نريد ان نزيدها مشاكل او تعقيدا. فنحن لا ندخل مفاوضات بروح تهديدية. كلنا على قناعة باهمية التوصل الى سلام فلماذا نخرب ما اتفقنا عليه مبدئيا. وبالنسبة لعلاقتنا مع الولايات المتحدة فهي كبيرة وفيها مصالح مشتركة وهمنا الرئيسي ان نحول هذه القناعة الى حقيقة اي الى سلام فعلي.

* لم نسمع شيئا عن العراق، هل دار حوار حول مشكلته؟

ـ موقفنا واضح وهو ما اقر في بيروت بأن العراق اكد على الا يعيد ما حدث في عام 90 وضمان استقلال ووحدة اراضي الكويت والسعي لاستكمال تنفيذ قرارات مجلس الامن وان العراق سيبدأ مفاوضات مع الامين العام وهذا ما تطلبه الامم المتحدة والشرعية الدولية وحتى الولايات المتحدة. نحن نقول اذا نفذ العراق تعهداته فاننا نرى المشكلة قد زالت ولم يعد الامر يتطلب اتخاذ اجراءات ضده.