مشرف يسعى لإضفاء الشرعية على سلطته.. بالاستفتاء

TT

اسلام اباد ـ وكالات الانباء: يحملق الجنرال برويز مشرف مبتسما وبنظرة ودودة الى اللافتات والملصقات المعلقة على طول شوارع المدن الكبرى في باكستان. وفي بعض اللافتات والملصقات يرفع ذراعيه ردا على تحيات من جمهور غير مرئي. وفي البعض الاخر يوجه تحية بينما يرتدي زيا مدنيا، وفي الليل تتلألأ الانوار حول اعمدة الانارة والاشجار.

ووضع مشرف كأي سياسي كبير اخر يخوض حملة انتخابية جدولا مرهقا من اللقاءات الجماهيرية الحاشدة في ارجاء البلاد. ومن حيث النوايا والمقاصد بدا الامر كما لو كان انتخابات حقيقية. لكن المشكلة الوحيدة هي ان هناك مرشحا واحدا فقط هو الجنرال برويز مشرف، الذي يسعى لاضفاء الشرعية على خمس سنوات يريد ان يمضيها في السلطة رئيسا لباكستان، من خلال استفتاء يجرى بعد غد.

وقال مدرس في مدرسة حكومية ارغم على حضور مؤتمر جماهيري ورفض الكشف عن اسمه: «اؤيد مشرف لما قدمه لباكستان.. نحتاجه.. لكن عليه ان يدرك ان هناك خطوات.. لا ينبغي له ان يسيء استغلال السلطة». ومضى يقول: «هل سأدلي بصوتي.. لا.. لن اعطي موافقتي لهذا الاستفتاء».

وربما تكون اساليب مشرف موضع تساؤل، اذ ابدى المعارضون انتقادا لاذعا، لكن بالنسبة للباكستانيين العاديين فان الاستفتاء مرحلة اخرى في اربع فترات طويلة من الحكم العسكري منذ استقلال باكستان في عام 1947. ويقول الناس انهم يجبرون على حضور اللقاءات الجماهيرية. ويقول اخرون ان بوابات الساحات تغلق بمجرد دخول الناس لضمان بقائهم الى ان ينتهي مشرف من القاء كلماته المسهبة.. والطويلة. ويشكو مديرو النقل العام من ان الحافلات تجمع لنقل الناس لحضور اللقاءات الجماهيرية.

ولا يساور احداً الشك في نتيجة الاستفتاء. فمشرف سيفوز، شاء الآخرون ام ابوا، لكن من المتوقع ان تكون نسبة مشاركة الناخبين متدنية. ومشرف نفسه قال انه سيكون سعيدا لو شارك في الاستفتاء 30% فقط من الناخبين الباكستانيين.

واظهر استطلاع للرأي اجراه معهد جالوب الباكستاني يوم الاحد الماضي ان 58% من الذين شاركوا ايدوا فكرة اجراء استفتاء رغم ان 51% منهم يعتقدون انه لن يجرى بنزاهة في بلد له تاريخ في التلاعب في نتائج التصويت.

وقال المصرفي محمد سهيل: «لا احب ما يفعله مشرف، انه مثل باقي الحكام العسكريين.. لكن ما هو البديل المتاح امامنا، ومهما تكن النظرة اليه فمشرف مخلص في مساعدة باكستان».

ويعد مشرف ضربا من ضروب «المستبد الحميد» مقارنة بمن سبقوه من حكام عسكريين. فلا يزال معظم وسائل الاعلام متحررا من تدخل الدولة كما يسترد اقتصاد البلاد المريض عافيته ببطء. ويتوقع خالد لاكارني سمسار العقارات في كراتشي ان يكون التصويت حرا ونزيها. ورغم اعتقاده ان الاستفتاء ضار بسمعة باكستان الدولية الا ان مشرف وعد بتقديم حلول للجريمة والقتل والفساد والعلل الاقتصادية. وقال: «انه جيد جدا كشخص وفي هذه اللحظة ليس هناك بديل اخر عنه».

واطاح مشرف برئيس الوزراء نواز شريف في انقلاب سلمي في اكتوبر (تشرين الاول) عام 1999 بعد ان اقاله شريف من منصبه كرئيس لاركان الجيش. وبعد انهيار اربع حكومات مدنية خلال ما يزيد على عشر سنوات بسبب اتهامات بالفساد والمحسوبية والجشع، ومع دفن باكستان تحت جبل من الديون، تعهد مشرف بانعاش الاقتصاد واقامة «ديمقراطية حقيقية».

وبعد ان منحته المحكمة العليا مهلة ثلاثة اعوام لاعادة الحكم المدني المنتخب انتخابا ديمقراطيا استطاع مشرف تأمين وضعه تدريجيا. ويقول مشرف الذي اعلن نفسه رئيسا في يوليو (تموز) الماضي انه يحتاج الى البقاء كي لا تقلب حكومة مدنية مسار الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد الانتخابات المقررة في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل.

وفي اعقاب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي انتقل مشرف من وضع المنبوذ الى وضع المؤيد للغرب واصبح تأييده رئيسيا في الجهود الرامية لاجتثاث شبكة القاعدة وحماتهم الطالبان في افغانستان المجاورة. ورفض مشرف الذي ازداد جسارة الانتقاد الذي يرى ان الاستفتاء على رئاسته غير دستوري قائلا: «ان الاستفتاء قانوني لان الدستور يسمح للرئيس بدعوة الناخبين للتصويت على اي قضايا قومية مهمة».

لكن الاحزاب السياسية الرئيسية التي جرى تهميشها منذ الانقلاب لا توافق على ذلك وهددت بمقاطعة الاستفتاء. ولا يرى كثيرون اي اهمية للتصويت. وقال شقيل احمد عامل النظافة: «انا ادلي بصوتي؟.. ماذا يجبرني على ذلك؟».