إيران: خامنئي يصالح المراجع المعارضة في قم ومشهد واستياء بين الإصلاحيين من الحكم على زيد آبادي

TT

بينما رحبت الأوساط الاصلاحية في ايران بخطوة مرشد النظام علي خامنئي بايفاد رئيس مكتبه حجة الإسلام «محمدي غولبايغاني» ومندوبه الشيخ عباس واعظ طبسي الى بيوت المراجع الكبار المعارضين في قم ومشهد بهدف تعزيز الوحدة الوطنية وتطبيق مشروع الوفاق الوطني الذي دعا خامنئي اطراف السلطة للالتزام به في مواجهة التحديات والتهديدات الموجهة ضد كيان الجمهورية الاسلامية، اثار قرار القاضي سعيد مرتضوي المعروف بلقب جزار الصحف، بسجن الكاتب والصحافي الاصلاحي المعروف «احمد زيد آبادي» استياء وامتعاض الكتاب والمثقفين والطلبة فضلاً عن النواب الاصلاحيين وشخص محمد خاتمي الذي لا يخفي اعجابه بكتابات زيد آبادي الجريئة.

وكان القاضي مرتضوي قد اصدر في مستهل الاسبوع الجاري قراراً بحبس زيد ابادي لمدة 23 شهراً وحرمانه من الحقوق الاجتماعية لمدة خمس سنوات.

ومن ضمن اتهامات زيد آبادي، التشكيك في شرعية ولاية الفقيه والاضرار بموقع النظام وأركانه بكتاباته وأحاديثه واتخاذ مواقف سياسية تتعارض مع اهداف وسياسات مرشد النظام. وكان زيد آبادي قد قضى سبعة اشهر في السجن معظمها في الزنزانة الفردية، بنفس التهم في العام الماضي. وقرار الافراج عنه بصورة مؤقتة في الخريف الماضي، تم تحت ضغوط داخلية وخارجية ومساعي خاتمي خلف الأسوار. وبعد العدوان الاسرائيلي الاخير في الاراضي الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، كان احمد زيد ابادي اول من دعا لدعم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واحترام خيارات الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها خيار السلام الاستراتيجي. كما انه أبدى رفضه للأعمال الانتحارية التي تستهدف المدنيين في اسرائيل معتبراً ان عملية ناتانيا التي اسفرت عن مقتل 27 اسرائيلياً في ليلة عيد الفصح جريمة لا تخدم القضية الفلسطينية فحسب، بل ان اعمال من هذا النوع، سببت في توحيد الاسرائيليين وراء شارون وتوفير الذريعة له لتبرير جرائمه الاخيرة بحق الشعب الفلسطيني.

وانتقد زيد ابادي ايضاً المنهج الذي تنتهجه القيادة الايرانية في التعامل مع القضية الفلسطينية كما ادان تدخل بعض الجهات في ايران في الشؤون الفلسطينية ودعمها للقوى الرافضة للسلام بهدف اضعاف القيادة الشرعية الفلسطينية المتمثلة، في السلطة بقيادة ياسر عرفات.

وفي مواجهة كلامية مع محسن آرمين نائب رئيس البرلمان والوجه الاصلاحي المعروف، الذي دافع عن العمليات الانتحارية، اكد زيد آبادي على ان سلام الشجعان الذي يأمل الرئيس الفلسطيني ورفاقه المناضلون تحقيقه لا يمر عبر طريق الانتحار والانتحاريين. وقال زيد آبادي ان لاسرائيل حقا في الوجود والعيش بسلام الى جانب الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وما يجدر ذكره ان زيد آبادي كان ايضاً ضمن مجموعة من الكتاب الاصلاحيين الذين تبنوا موقفاً مؤيداً لمقترحات ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز وقد كتب زيد آبادي في عدد من مقالاته ومنها مقاله المثير بصحيفة «بنيان» ان القمة العربية الاخيرة ببيروت اعلنت دعمها لمقترحات الامير عبد الله مما يعني ان العالم العربي وهو صاحب البيت والقضية مستعد للاعتراف باسرائيل في حالة خروجها من الاراضي العربية المحتلة، وعلينا ايضاً ان نتخذ موقفاً متفق مع الدول العربية، اذ ان شعارات امحاء اسرائيل لن تجلب لنا سوى العزلة والضرر بعد الضرر.

وحسب قول نائب اصلاحي قريب من ادارة خاتمي، فان قرار حرمان زيد آبادي من حقوقه الاجتماعية لمدة خمس سنوات، قرار جائر وظالم يذكرنا بحقبة الستالينية في الاتحاد السوفياتي السابق. وكشف ان النواب سيثيرون الأمر في اول اجتماع للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، وصدور هذا القرار بعد اسبوع من رفض لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة بأغلبية اصوات المشاركين، قرار لادانة سجل ايران في مجال حقوق الانسان، يقوي منطق الولايات المتحدة والدول الاوروبية التي صوتت للقرار وانتقدت تبني الدول الاسلامية موقفاً مؤيداً لايران. وقال النائب ان السلطة القضائية بدلاً من ان تتخلى عن اجراءاتها غير العادلة ضد اصحاب القلم والفكر لاظهار تقديرها وامتنانها حيال موقف لجنة حقوق الانسان، قد وجهت بالدرجة الاولى ضربة قاصمة الى نفسها، كما انها قضت على آمال الاصلاحيين بتحقيق الوفاق الوطني وانهاء التوتر القائم في علاقات اركان النظام منذ ما يزيد على خمس سنين في فترة حكم خاتمي.

ومن جانب آخر علمت «الشرق الأوسط» بأن رئيس مكتب خامنئي قد زار آية الله السيد صادق روحاني الموجود تحت الاقامة الجبرية منذ 16 عاماً في منزله كما وجه الاعتذار الى آية الله وحيد الخراساني الذي اعتقل رجال الأمن نجله وهو نفسه من المراجع المحترمين في قم بعد ضربه خلال مراسيم عاشوراء في الشهر الماضي.

وزار محمدي غولبايغاني ايضاً الآيات بهجت والتبريزي والشيرازي واللنكراني بقم، في ما قام الشيخ واعظ طبسي بزيارة المرجع البارز المقيم بمشهد آية الله السيد حسن الطباطبائي القمي الذي فرض النظام منذ اكثر من عشرين عاماً قيوداً صارمة على تحركاته. والمعروف ان الطباطبائي القمي هو استاذ مرشد النظام علي خامنئي ورغم ذلك فان معاناته استمرت عقب وفاة الامام الخميني وانتخاب خامنئي زعيماً للبلاد.

واستناداً الى مصدر ديني في ايران فان آية الله الطباطبائي القمي رفض استقبال مندوب خامنئي، علماً ان نجل القمي، حجة الاسلام السيد محمود الطباطبائي القمي يقيم في بريطانيا ويحظى باحترام الأوساط المعارضة بسبب مواقفه الصريحة ضد ممارسات السلطة في ايران.

وفي خطوة اخرى تمثل تحولاً في موقف مرشد النظام حيال حركة الحرية وزعيمها الدكتور ابراهيم يزدي الذي عاد الى ايران من اميركا بعد غياب استغرق 16 شهراً، نشرت بعض الصحف صورة ليزدي وهو يصافح الدكتور غلام علي حداد عادل مستشار خامنئي والد زوجة نجل مرشد النظام ورئيس كتلة خط القائد المحافظة في البرلمان علماً ان محكمة الثورة سبق ان اصدرت قراراً باعتقال يزدي بأمر خامنئي ووجهت اليه اتهام الضلوع في مخطط لقلب نظام الحكم عبر الوسائل القانونية!! واعتقل اكثر من خمسين ناشطاً من رفاق يزدي في حركة الحرية والتيار الوطني الديني بنفس الاتهام في غياب يزدي وتم الافراج عنهم في الشهر الماضي بكفالات مالية ضخمة.

ويربط بعض المصادر بين محاولات تحبيب يزدي ورفاقه والمراجع الشيعية المعارضة وتهديدات الرئيس الاميركي جورج بوش ضد من وصفهم «بالأقلية غير المنتخبة التي فرضت ارادتها على الشعب الايراني المطالب بالاصلاح والتغيير». وتهديدات بوش لم تضعف خاتمي والاصلاحيين خلافاً لتقييم بعض المراقبين بل انها عززت موقع خاتمي وأزالت حواجز عدة امام قطار الاصلاح الذي ظل متوقفاً في محطة اصلاحاته المحاصرة.