الأمين العام لحلف شمال الأطلسي: لم نتلق اقتراحا بخصوص ضرب العراق والأمن رابط مهم بيننا وبين دول المتوسط العربية

TT

اكد اللورد جورج روبرتسون، الأمين العام لحلف شمال الاطلسي (الناتو) انه لم يعد بوسع الحلف والدول المتوسطية ان يتجاهل احدهما الآخر في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي. واعتبر ان الامن رابط مهم بين الجانبين، مشيراً الى ان الحوار بينهما لا يزال محدوداً. وقال ان انضمام الدول العربية المتوسطية الى الحلف غير ممكن على المدى القريب، كما نفى تلقي الناتو «اقتراحاً» حول الضربة المفترضة للعراق، واذ شدد بن برادشو، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، على ان امن دول المتوسط لا ينفصل عن أمن اوروبا، فقد اشار الى ان بلاده ستطلب في قمة دول الناتو المقبلة في براغ، تسهيل عمل الحلف بحيث يستطيع التصدي عملياً لأي تهديد إرهابي.

وشدد روبرتسون، الذي كان يلقي كلمة افتتاح مؤتمر «الناتو وأمن المتوسط» الذي نظمه امس المعهد الملكي للخدمات (الدفاعية) الموحدة بلندن، على ان «خطر الارهاب سيُهزم». واضاف ان أداء الناتو مهماته الجديدة المتمثلة في «مكافحة الارهاب» يستند الى ادراك دوله بأن الأمن يتحقق «بواسطة سياسة تعاون وشراكة» مع الدول المجاورة. واعتبر ان «سياسة التواصل الفعال» هذه من شأنها ان تعود بالفائدة على حلف الناتو وعلى الدول الواقعة جنوب بحر المتوسط.

وعزا روبرتسون اهتمام الحلف بأمن منطقة المتوسط الى انها «بؤرة محتملة لعدم الاستقرار»، اضافة الى «الارهاب» الناجم عن «قضايا دينية وسياسية واجتماعية» لم تجد الحلول بعد في حوض المتوسط. وفيما اعتبر ان التعاون في «التحالف الدولي» اثناء حرب الخليج مثال على التعاون المثمر بين الجانبين، اكد ان «علاقات الغرب مع العالم العربي ستبقى تواجه عقبة رئيسية ما لم يتحقق اختراق في عملية السلام بالشرق الاوسط». ولفت الى ان وجود «اعتقاد واسع بأن دولاً في منطقة المتوسط تمتلك اسلحة تدمير شامل» فضلاً عن «أمن الطاقة»، و«التفاوت الاقتصادي» بين الدول العربية والغربية مما يشجع على هجرة العرب الى اوروبا، هي كلها عوامل اخرى تفسر حرص الناتو على امن المتوسط. وشدد على ان الاتحاد الاوروبي لا يستطيع بمفرده التكفل بمهمة بناء علاقات افضل مع دول المتوسط الجنوبية، موضحاً ان من الضروري الاستعانة بجهات اخرى بينها الناتو بهدف بلوغ هذه الغاية.

وإذ اشار الى ان «الحوار المتوسطي» الذي اطلقه الناتو عام 1994 حقق تقدما ملحوظاً، قال روبرتسون ان هذا التواصل يفتقر الى العمق والفاعلية. وزاد ان الحوار «لا يزال عبارة عن تمرين في بناء الثقة (المتبادلة) بدلاً من ان يكون شراكة حقيقية». وأرجع ذلك الى تباين في وجهات النظر بين الدول الـ19 الاعضاء في الحلف حول كيفية دفع عجلة التعاون الى الامام، كما اعتبر ان الدول الشريكة لم تحدد بعد غاياتها النهائية من هذا التواصل.

ودعا روبرتسون الى «تعاون اوثق بين دول المتوسط العربية والناتو كي نصبح شركاء حقيقيين في مواجهة التحديات المشتركة الحقيقية كالارهاب وتسرب اسلحة التدمير الشامل»، خصوصاً في اعقاب ضربات الحادي عشر من سبتمبر الماضي. ولفت الى ان الاتصالات بين الطرفين زادت بعد تلك الاحداث، بيد انه قال لا تزال هناك حاجة ماسة لتطوير الحوار من خلال «إثرائه بتعاون عسكري أمتن» وإجرائه «بصورة تختلف من شريك الى آخر» طبقاً لحاجات كل دولة متوسطية فضلاً عن اعطائه «بعداً سياسياً وعملياً متيناً».

وسئل روبرتسون عما اذا كان حلف الناتو يعتزم المشاركة في توجيه ضربة للعراق، فأكد ان «احداً لم يقترح علينا ذلك». واضاف ان «دور الناتو تحدده الدول الاعضاء»، موضحاً «علينا ان نتمتع بالقدرة الدائمة (للقيام بعمل عسكري)، لكننا لا نبحث عن الاهداف بأنفسنا»، فهذا الامر متروك للدول الاعضاء، وشدد على ان من الطبيعي ان يشعر الجميع بالقلق بعد احداث 11 سبتمبر لوجود «اسلحة تدمير شامل (لدى البعض) ولإمكان استخدامها». وقال «يجب ان ندرس كل السبل المؤدية الى مواجهة التهديدات الحقيقية، ومواجهتها بصورة اكثر فاعلية واصراراً». وأشار في رد على سؤال آخر الى ان انضمام الدول العربية المتوسطية الى الحلف «لا يزال أمراً بعيداً جداً»، موضحاً ان الأجدى هو الانتقال بالتعاون والشراكة خطوة خطوة الى الامام. وعبر عن رأيه في ان صورة حلف الناتو «كذراع اميركية مؤيدة لاسرائيل» التي كانت سائدة لدى العرب، قد بدأت تتغير. ونفى ان يكون الحلف عازماً على اتخاذ الديمقراطية شرطاً لتعاونه مع شركاء متوسطيين، مع انه اكد تأييد الناتو لقيام انظمة تعددية في الدول الاخرى.

من جهته، استهل برادشو كلمته بالاعراب عن ارتياحه لتحقيق «اختراق صغير» على صعيد الجهود الرامية الى تهدئة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وقال ان لندن وواشنطن نجحتا في «اقناع الطرفين بقبول قوة مراقبين دوليين» في اطار محاولة رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، معتبراً ذلك «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأردف قائلاً: ان «حقائق» النزاع لا تزال ثابتة، اذ «لا يحتكر اي من الطرفين الحق او الخطأ كله»، وعلى «الجانبين ان يعيشا معاً»، كما ان «القوة لن تحل مشكلة اي منهما». واضاف ان احلال السلام في الشرق الأوسط امر بالغ الاهمية ليس لدول المنطقة وحدها فقط، بل للعالم برمته.

وقال الوزير المكلف ملف الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية ان الصعوبات التي يواجهها العالم العربي كبيرة، سواء لجهة المنافسة على المياه او الصراعات الاهلية والنزاعات الحدودية. وشدد على ان «مشاكلهم تعني لنا الكثير في اوروبا، اذ ان لها تأثيرا مباشر على امننا الوطني». واذ اشار الى المخدرات والجريمة والهجرة السرية كأمثلة على الاخطار القادمة الى اوروبا من المنطقة العربية، فقد اكد بوجه خاص على «برامج اسلحة التدمير الشامل والقدرة على اطلاق هذه الاسلحة» كخطر يتهدد كل من يعيش في حوض المتوسط، وليس في اوروبا فحسب.

واذ اوضح ان حلف الناتو مخول بلعب الدور الاساسي في الدفاع عن اوروبا، اكد الوزير برادشو ان عمل الحلف وكيفية تحركه لدرء الاخطاء التي تهدد الدول الغربية يحتاجان الى بعض التعديل. وزاد ان بريطانيا ستعمل في قمة دول حلف الناتو المقبلة المزمع عقدها في براغ طرح اقتراحات لتسهيل قيامه بالتصدي لأي تهديد تتعرض له الدول الاعضاء. ودعا الى وضع «النقاط الأساسية التي يصعب اتفاقنا (الغرب والعرب) عليها» بهدف التركيز على موضوعات اخرى يمكن احراز نجاح اكيد في التعاطي معها، مثل «الاصلاح العسكري» و«مكافحة الارهاب» وكيفية القيام بـ«عمليات حفظ سلام مشتركة».