بن عيسى لـ«الشرق الأوسط»: المغرب لن يقبل إقامة أية حواجز كيفما كان نوعها بينه وبين موريتانيا

قال إن الفضاء الصحراوي المغربي يمتد من جنوب أغادير إلى الحدود الموريتانية ولا يمكن إطلاقا القبول بتقسيم الأرض

TT

قال محمد بن عيسى، وزير الخارجية والتعاون المغربي، إن زيارة العمل التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس الى الولايات المتحدة بدعوة من الرئيس الاميركي جورج بوش «جاءت لتؤكد متانة العلاقات بين الرباط وواشنطن، واستمرار روابط الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين منذ أكثر من قرنين».

واشار بن عيسى في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» في ختام زيارة العاهل المغربي للولايات المتحدة، الى أن الرئيس بوش أكد اهمية المغرب الاستراتيجية كبوابة في منطقة البحر الابيض المتوسط وشمال افريقيا، وحرص الولايات المتحدة على ضمان امن المغرب واستقراره.

واوضح بن عيسى ان المغرب بالنسبة للولايات المتحدة يعتبر ارضية مرجعية واساسية فيما يتعلق بموقعه الاقتصادي والتجاري، ومن ثم اختارت الولايات المتحدة باتفاق مع المغرب على أن تكون المملكة المغربية خامس دولة تعقد معها اتفاقية تبادل حر. وقال «إن ذلك يعني أن أميركا تشعر بالامان على مستثمريها ومقاوليها الذين سيقيمون مشاريع صناعية وغيرها في المغرب.

وذكر وزير الخارجية المغربي ان بلاده ستكون بالنسبة للرأسمال الاميركي ايضا منطلقا لصناعة السلع التي يمكن تصديرها الى دول المنطقة سواء في اوروبا او افريقيا او في الشرق الاوسط.

وردا على سؤال حول الموقف الاميركي من نزاع الصحراء الغربية، قال بن عيسى: «كان واضحا ان الولايات المتحدة تفهمت الطرح المغربي ازاء الموضوع، وتفهمته من نواح متعددة. أولا، كون النزاع في الاصل هو نزاع مغربي ـ جزائري، اي جيو ـ سياسي في الاساس، ومن ثم فإن اية مقاربة للتوصل الى حل لهذا النزاع لا يمكن ان تتم الا عن طريق التفاوض المباشر بين المغرب والجزائر».

وأردف المسؤول المغربي قائلا: «اضافة الى ذلك، ولاعتبارات جيو ـ سياسية، ولكن ايضا تاريخية وحضارية، تأكد للولايات المتحدة أن المغرب لن يتنازل عن ذرة واحدة من ترابه، بما في ذلك الاقاليم الصحراوية، التي يقوم حولها النزاع».

وذكر بن عيسى أن هذا البعد الاستراتيجي يتمثل في الامتداد المغربي ـ الموريتاني. وقال: «إن المغرب لن يقبل اقامة اية حواجز كيفما كان نوعها بينه وبين الشقيقة موريتانيا. كما ان البعد الحضاري للمغرب يتمثل في المد الانساني والثقافي في جنوبه، ذلك ان الفضاء الصحراوي المغربي فضاء شاسع امتد عبر التاريخ وبدون انقطاع من جنوب مدينة أغادير الى الحدود الموريتانية، وبالتالي لا يمكن للمغرب ان يقبل على الاطلاق بمقاربة تقسيم اي جزء من أقاليمه الصحراوية».

وذكر بن عيسى «ان فكرة التقسيم في حد ذاتها تتناقض تماما مع حق تقرير مصير الشعوب «الذي تسترت خلفه الجزائر في منازعتها حق المغرب في استرجاع اقاليمه الجنوبية التي كانت تحتلها اسبانيا، وتوحيد أراضيه».

واوضح المسؤول المغربي ان تقسيم الارض يعني حتما تقسيم السكان والعشائر والقبائل وتشتيتها، مما يكرس النزاع القائم ويؤدي لا قدر الله الى حرب اهلية لا أحد يستطيع ان يقدر مداها وتبعاتها.

واضاف بن عيسى أن هذه المنطقة في تاريخ المغرب مثلت دائما بعده وعمقه الافريقي، «ومن هنا ندرك مغزى ما قاله الملك الراحل الحسن الثاني في كتابه «التحدي»: إن المغرب كالشجرة التي تتعمق جذورها في إفريقيا وتتدلى اغصانها على الغرب الاوروبي.

وقال بن عيسى إنه من خلال هذه المعطيات كلها «نرى أن زيارة الملك محمد السادس لواشنطن وضعت حدا لما كان يشوب بعض التوجهات التي كانت تتراوح بين اقامة ادارة محلية في الاقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية أو تقسيم الارض وإقامة كيان مستقل يفصل المغرب عن موريتانيا. وأوضح بن عيسى أن اميركا فصلت في هذا الموضوع بطرحها الاسبوع الماضي، مشروع توصية لمجلس الامن تؤيد فيه خيار «الاتفاق الاطار» الذي كان عرضه جيمس بيكر المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة، والقاضي بالتفاوض بين الاطراف المعنية (المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو) للتوصل الى تسوية سياسية تخول لسكان الاقاليم الصحراوية صلاحيات ادارية داخل السيادة الوطنية المغربية.