الاستفتاء في باكستان: مشرف يتجه نحو الفوز والسلاح الوحيد للمعارضة المقاطعة

TT

اسلام آباد ـ أ.ف.ب: يتوقع ان يقول الباكستانيون «نعم» للجنرال برويز مشرف اليوم في الاستفتاء الذي سيضفي الشرعية لخمس سنوات على ولايته التي ولدت من انقلاب عسكري انتقده الكثير من السياسيين عام .1999 وقام الجنرال المشرف الذي يرفع شعار قيادة البلاد نحو «ديمقراطية حقيقية» بحملة واسعة سعى خلالها الى حرمان شبه كامل لخصومه من فرص التوجه الى الجماهير الشعبية مسخرا اجهزة الدولة للتجمعات العملاقة التي تؤيده. اما احزاب المعارضة التي تبدو مشتتة بعد عامين ونصف العام من الحكم العسكري كادت تأتي عليها اضافة الى سمعتها في قضايا الفساد وغياب زعمائها في المنفى، فاختارت مقاطعة الاستفتاء، وهو السلاح الوحيد المتاح لها في غياب المواجهة.

سبعون مليون ناخب من اصل 140 مليون نسمة وهم في معظمهم ريفيون واميون سيتوجهون اليوم الى صناديق الاقتراع لكي يجيبوا على سؤال واحد بـ«لا» او «نعم». وقد ارتفع عدد الناخبين الى هذه النسبة بعد خفض سن الانتخاب الى 18 سنة، وحددت مدة الاقتراع في اسبوع من اجل ضمان مشاركة شعبية كبيرة في هذا الاستفتاء الذي تقرر على عجل وضمن ظروف تصفها المعارضة بانها بعيدة كل البعد عن الشفافية.

ودعا مشرف الذي اعلن نفسه رئيسا في يونيو (حزيران) 2001 الشعب الى تكريس سلطته عبر الاستفتاء متحججاً بالاصلاحات الاقتصادية ومكافحة التطرف والفساد والعنف الطائفي. والسؤال الذي سيجيب عليه الباكستانيون بـ«لا» او «نعم» مطروح بطريقة تربط بين الاجابة بنعم وبين بقاء نظام الحكومات المحلية وعودة الديمقراطية ومواصلة الاصلاحات ومكافحة التطرف والعنف الديني. ويندد المدافعون عن حقوق الانسان بما يسمونه «نظام فوهة البندقية». وتهاجم الاحزاب السياسية والدينية الاجراءات المعتمدة في الاستفتاء والتي تعتبرها «غير دستورية» مشبهة ما يجري الآن بما كان يقوم به الجنرال السابق ضياء الحق الذي حكم البلاد بقبضة من حديد بين عامي 1977 و.1988 الا ان المحكمة العليا رفضت الطعون المقدمة من مختلف جهات المعارضة بشان دستورية الاستفتاء كما رفضت ما ذهب اليه المعارضون من ان الجنرال مشرف «يقود البلاد نحو الديكتاتورية».

في هذا الاطار من الدعاية الجماهيرية الواسعة وغياب المعارضة المنظمة يبدو انتصار الجنرال الرئيس حتميا. ويقول المحلل السياسي محمد افضال نيازي «ان الاستفتاء رسم بطريقة لا يمكن معها لمشرف ان يخسر». واذا كان مشرف على ثقة من الفوز فان السؤال يدور حول نسبة المقترعين بـ«نعم» والاقبال على الصناديق. ويعلق على ذلك المحلل السياسي خالد محمود بالقول «ان متوسط الاقبال بالنسبة لعمليات الاقتراع الوطنية المماثلة اقل من اربعين في المائة من الناخبين المسجلين. واذا لم يصل مشرف الى هذه النسبة فان البيروقراطيين سيقومون بما يلزم في هذا الاتجاه».

ويبقى امام مشرف بعد انتخابه ان يقود البلاد فعلا نحو الانتخابات التشريعية المقررة في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل. ويوضح الامر خالد محمود بالقول «ان التحدي الرئيسي بالنسبة لمشرف سيكون تنظيم انتخابات في اكتوبر والمشهد السياسي الذي سينجم عن ذلك. والسؤال الاول هو معرفة كم نائبا سيكون الى جانب مشرف».

ولا يستبعد كثير من المحللين مع اقتراب الانتخابات عودة مفاجئة للاحزاب السياسية ذات الغالبية في البرلمان الذي حله مشرف في يونيو 2001، وذلك ردا على الحملات العنيفة التى تعرض لها زعماء هذه الاحزاب من قبل مشرف.

وبين الاحزاب المعنية بصورة خاصة حزب الشعب بزعامة بنازير بوتو وحزب الرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف، والشخصيتان هما ابرز من انصبت عليهم انتقادات مشرف خلال حملته الانتخابية حيث راح في كل مناسبة يلوح بالفساد الذي رافق عهديهما.