السلطة الفلسطينية حصلت على ضمانات برفع الحصار عن الرئيس عرفات

المتطرفون في إسرائيل يعارضون الصفقة والمدنيون الفلسطينيون غير راضين عن سجن قتلة زئيفي

TT

اعلنت اسرائيل امس ان بامكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذهاب الى اي مكان يختاره، بعد اسابيع من فرض الاقامة عليه داخل مقره الرئيسي في رام الله، لكن الزعيم الفلسطيني قرر البقاء في المجمع الاداري بانتظار تحقيق التفاصيل المتعلقة بتنفيذ الاتفاق.

وأكد وزير الاعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه «منحنا الضمانات بأن الحصار سيرفع عن الرئيس عرفات، وانه قادر على مغادرة البلاد والعودة اليها في اي وقت يشاء»، وكانت اسرائيل قد قيدت حركة عرفات منذ ديسمبر (كانون الاول) الماضي، ثم اجبرته على البقاء في مقر السلطة الفلسطينية الرئيسي منذ اربعة اسابيع.

وجاءت توقعات مغادرة عرفات للمجمع، متزامنة مع احتلال قوة اسرائيلية كبيرة مدعومة بعشرات الدبابات مدينة الخليل، ومع استمرار الحصار حول كنيسة المهد، حيث اجبر ما يقرب من 180 شخصا على البقاء داخلها منذ شهر.

ونشبت معارك بالبنادق في عدة مناطق من مدينة الخليل التي يشكل الفلسطينيون اغلبية السكان فيها، اضافة الى بضعة مئات من المستوطنين اليهود.

وقال ايب كنوتسين، الموظف الاعلامي لمنظمة «الحضور الدولي المؤقت في الخليل»، ان «الوضع هادئ نسبيا، لكنني عندما تركت فراشي ليلة امس الى غرفة الجلوس للحصول على موقع اكثر امانا، كان الوضع مخيفا». وكانت لجنة المراقبين التي تضم افرادا من ستة بلدان، قد شكلت لمراقبة اعادة انتشار القوات الاسرائيلية في بعض المناطق المجاورة لمدينة الخليل. واضاف كنوتسين، ان المراقبين البالغ عددهم خمسة وخمسين قد فرض عليهم البقاء في ثلاث ثكنات مع تصاعد القتال حولها. «لا نشعر اننا معرضون للخطر، لكننا نشهد اكبر عملية عسكرية يقوم بها الجيش الاسرائيلي في الخليل».

ليلة الاثنين الماضي واصل الجنود عمليات التفتيش بيتا بيتا، بحثا عن الناشطين، في عملية عسكرية يعتبرها الجيش بأنها «محدودة»، وقال ناطق رسمي باسم الجيش الاسرائيلي، ان هناك 17 مطلوبا بين المائتي رجل الذين اعتقلوا، وان الجيش قد عثر على حقيبتي متفجرات وسيارة ملغومة معدة للتفجير.

من جانبه أكد بنيامين بن اليعزر، وزير الدفاع الاسرائيلي، ان قواته لن تبقى طويلا في الخليل. وقال امام البرلمان الاسرائيلي: «ذهبنا الى هناك لضرب البنى التحتية (للمسلحين الفلسطينيين) وسنخرج من المدينة بسرعة». لكن اسرائيل اوضحت انها حتى بعد انسحابها من المدن الفلسطينية فانها ستحتفظ بحق احتلالها مرة اخرى لاعتقال الناشطين ولعرقلة تنفيذ اي هجمات ضدها، اضافة لذلك، فانها ستبقي الطوق مضروبا حول المدن الكبيرة في الضفة الغربية، باستخدام الدبابات ومتاريس الطرق.

لكن الرئيس عرفات اكد انه لن يناقش وقف اطلاق النار مع اسرائيل قبل انسحاب قواتها من المناطق التي احتلتها منذ 29 مارس (آذار) كرد فعل على سلسلة الهجمات الانتحارية. وكان الرئيس الاميركي جورج بوش قد حث شارون، مرارا، على اتمام انسحاب القوات الاسرائيلية من الضفة الغربية.

وقال احد مساعدي عرفات، انه لن يغادر مكتبه في رام الله، الا بعد نقل الفلسطينيين الستة المطلوبين من قبل اسرائيل، الى سجن قريب من مدينة اريحا، حيث ستقوم قوات اميركية وبريطانية بحراستهم، وفق اتفاق توصلت الادارة الاميركية اليه في نهاية عطلة الاسبوع الماضي.

الى ذلك، قال كولن باول وزير الخارجية الاميركي اول من امس، ان الفريق البريطاني وصل الى المنطقة وسيصل الحراس الاميركيون قريبا.

من جانبه، قال عبد ربه ان المحتجزين الستة سينقلون يوم الثلاثاء (امس). وضمن هؤلاء المستشار المالي للرئيس عرفات، اما الخمسة الآخرون فهم ادينوا بالمشاركة في قتل وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي. وحالما يتم وضع الفلسطينيين الستة داخل السجن، ستسحب اسرائيل ما تبقى من قواتها ودباباتها من رام الله، لفتح الطريق امام الرئيس الفلسطيني.

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي «اليوم يستطيع عرفات الذهاب الى اي مكان يشاء»، لكن علامات التقدم الدبلوماسي، دفعت السياسيين اليمينيين في اسرائيل الى توجيه النقد لشارون لتراجعه عن موقفه، بعد قبوله بالاقتراح الاميركي لحل مشكلة المطلوبين الستة الذين يتحصنون ايضا داخل المجمع الحكومي في رام الله. وعبّر عن هذا الموقف، يفتاح زئيفي، ابن الوزير المقتول، (والمرشح لاحتلال موقع زعامة الحزب القومي المتطرف، بدلا عن ابيه) حينما قال ان قرار شارون الاخير هو خيانة شخصية وكارثة وطنية.

في الوقت نفسه، قال بعض المدنيين الفلسطينيين في شوارع رام الله انهم ضد موافقة عرفات على استخدام حراس بريطانيين وأميركيين. وبعضهم الآخر وجه انتقادات لعرفات لمحاكمة اولئك المتهمين بقتل زئيفي داخل مقره الرئيسي.

وقال احد سكان رام الله سمى نفسه باسم فادي: «هؤلاء الرجال هم مقاتلون من اجل الحرية». ويمتلك فادي (24 سنة) محل احذية في مركز المدينة: «ليس مقبولا جلب الاميركيين والبريطانيين لكي يبقوهم داخل السجن. انه خطأ كبير سيؤدي الى وقوع انشقاق بين الفلسطينيين».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»