كفاءة منفذي هجمات 11 سبتمبر في إخفاء تحضيراتهم تثير القلق من هجمات تعدها مجموعة أخرى حاليا

مدير «إف.بي.آي»: الخاطفون لم يتركوا أي دليل مكتوب ولم نعثر على ورقة واحدة

TT

قامت السلطات الاميركية التي تحقق في هجمات 11 سبتمبر (ايلول)، خلال الاشهر السبعة الماضية، بفحص كل الاشياء التي يمكن فحصها من الكهوف الى بطاقات الإئتمان، املا منها في ان تحصل في النهاية على تفسير للكيفية التي قام بها الخاطفون الـ19 بتنفيذ مشروعهم الشاذ. ولكن هذا البحث الذي اتخذ العالم كله مسرحا لعملياته، لم يسفر تقريبا عن اية نتائج ملموسة وادلة دامغة حول كيفية تنفيذ الهجمات. وصرح المسؤولون يوم الاثنين انهم ربما لن يعرفوا مطلقا بعضا من اهم التفاصيل التي انطوى عليها الهجوم.

هذا الاعتراف الصريح يعد شاهدا على البراعة التي نفذت بها شبكة القاعدة عملياتها، كما يشير الى مقدرتها على المحافظة التامة على سرية هذه العمليات. ويقول المسؤولون ان هناك صعوبات مماثلة في اكتشاف ما اذا كان هناك هجوم جديد ومدى استعدادهم لصد مثل هذا الهجوم.

وقال مدير مكتب المباحث الفدرالي الاميركي «اف.بي.اي» روبرت مولر في نص خطاب نشر يوم الاثنين: «لم يترك الخاطفون أي دليل مكتوب. وفي كل تحقيقاتنا لم نعثر على ورقة واحدة، سواء هنا في الولايات المتحدة او في افغانستان، تتحدث عن اية جزئية من مخطط 11 سبتمبر (ايلول)».

وكانت هذه الملاحظات التي ادلى بها مولر، هي اشمل تقييم صدر حتى الان عن التحقيقات. وهو تقرير مثير للانتباه، ربما بسبب ما لم يعثر عليه المحققون، وليس بسبب الاستنتاجات التي توصلوا اليها. وقال مولر ان هجمات 11 سبتمبر ربما كانت الاستعدادات جارية لتنفيذها لمدة خمس سنوات، وان الخاطفين اعتمدوا على «التخطيط التفصيلي الدقيق، والسرية المطلقة والالمام الواسع بالكيفية التي يعمل بها النظام الاميركي» في اخفاء مخططهم بعد ان دخلوا الى الولايات المتحدة عن طريق تأشيرات دخول صحيحة وقانونية من الشرق الاوسط. ولم يعثر المحققون على كومبيوترات او كومبيوترات منقولة، او اقراص مدمجة استخدمها الخاطفون في التحضير لهجومهم. بل اعتمد هؤلاء الخاطفون في تأمين اتصالاتهم على استخدام مئات الهواتف العامة والجوالات والبطاقات المسبقة الدفع التي تصعب تماما متابعتها. وكانوا في تحويلاتهم البرقية من اجل تمويل الهجمات يحولون مبالغ ضئيلة، متفادين المعاملات المالية الضخمة التي تسجل في التقارير المالية الحكومية. وقال مولر «فعل الخاطفون كل ما يستطيعون ليبقوا بعيدا عن شاشات راداراتنا».

كان مكتب المباحث الفيدرالي (اف بي أي) وغيره من الاجهزة الاستخبارية قد تعرض لمراجعة مكثفة لادائه بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول)، ولذلك اوحى بعض المحللين ان تعليقات مولر، والتي وردت في خطاب كان قد القاه في نادي الكومنولث، بسان فرانسسكو يوم 19 ابريل (نيسان)، ربما قصد منها تبرير فشل المجتمع الاستخباري في التقاط اية اشارات تدل على ان هناك هجوما يجري الاعداد له.

والنظرة الاسترجاعية تدلنا على انه كانت هناك عدة اشارات يمكن ان تنبه الاجهزة الاستخبارية الى ان هناك شيئا يجري تدبيره في الخفاء. ومن هذه العلامات التحركات المشبوهة التي كان يقوم بها عضو القاعدة زكريا موسوي في مدرسة التدريب على الطيران في مينيسوتا، ودخول اثنين من الخاطفين الى البلاد مع انهما كانا على رأس قائمة المراقبة الخاصة بوكالة المخابرات المركزية.

ولكن سلطات تطبيق القانون تقول انها استطاعت ان تحدد حركة الخاطفين في الاشهر السابقة للعملية، ولكنها لم تجد أية بيانات تتعلق بتفاصيل عملية التخطيط ذاتها.

وقال احد مسؤولي «اف بي أي»، طالبا عدم ذكر اسمه: «استطعنا ان نحصل على كثير من المعلومات في متابعة تحركاتهم، ولكن في ما يتعلق بالحصول على خطة مكتوبة، على تصور مشترك يساعد هؤلاء المشاركين فيه على تنفبذه بصورة جماعية، فاننا يجب ان نقول اننا لم نحصل على شيء».

وقد ابدى البيت الابيض قلقه العميق من عدم توفر بينات حول اية استعدادات سابقة لاحداث 11 سبتمبر، وهذا هو السبب في ان سلطات مكافحة الارهاب تنوي ابقاء الامة على حالة دائمة من اليقظة العالية وحالة الاستنفار التي لا تعرف التراخي. وقد صرح بذلك احد المسؤولين في ادارة بوش طالبا عدم ذكر اسمه.

وقال المسؤول ان شح المعلومات «تؤكد ما كنا قد توصلنا اليه منذ زمن. فاذا كان هناك أي شك حول المهنية العالية التي يتميز بها الخاطفون، فان خطاب مدير «اف بي أي»، يبدد تلك الشكوك. واذا كان التحضير لهجمات 11 سبتمبر استغرق سنوات عديدة، فاننا ربما نمر الان بفترة شبيهة بتلك التي كنا نمر بها قبل تنفيذ الهجمات. وربما يكون هناك اشخاص يعملون تحت نفس الظروف من السرية للتحضير لعملية ارهابية جديدة».

ولكن تقدير مولر نفسه حول ان هجمات 11 سبتمبر استغرقت عدة سنوات في الاعداد لها، ليس سوى مجرد افتراض، يستند الى معلومات استخبارية غامضة مستخلصة من متابعة بعض المتهمين بالاعمال الارهابية في اوروبا. وقال المسؤول المذكور: «ليس ثمة ما يشير على وجه اليقين الى ان الخطة وضعت في الولايات المتحدة».

واعترف وليام ويشلر، المسؤول السابق بمجلس الامن القومي والمتخصص في اساليب تمويل القاعدة، ان خاطفي 11 سبتمبر استطاعوا تفادي كل الهفوات التي ميزت العمليات السابقة. قال ويشلر: «هذا يعني انه لم يعد من الممكن ان نعتمد على عدم كفاءة الارهابيين في حماية انفسنا. ان مستوى الكفاءة الذي عبروا عنه ببقائهم لعدة سنوات بيننا، يجب ان يثير قلق كل اميركي من انهم ربما يقومون الان بفعل الشيء نفسه لينفذوا عملا شبيها بما نفذوه من قبل».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»