قوائم الإرهاب الأميركية أضرت بعض الأفراد والشركات وأفادت آخرين في تحسين أعمالهم

متجر عسل ومخبز في اليمن ازدهرت أعمالهما وجمعية في باكستان لم تتأثر ورجل أعمال في السويد يعيش على الإعانة

TT

نيويورك ـ أ.ب: كان الاقبال على العسل في قمته في مصنع النور باليمن، وكان الزبائن ينصرفون بكل انتباههم الى البضاعة المعروضة، غير عابئين كثيرا بقرار الرئيس الاميركي جورج بوش بتجميد اموال الشركة وضمها الى قائمة المنظمات الارهابية. وفي سويسرا قال صاحب شركة قابضة انه لم يواجه اية صعوبة في سحب امواله منذ ظهور اسمه ضمن الافراد والشركات ذات الصلة بالقاعدة. وكان الرئيس بوش قد اصدر امره التنفيذي الاول، من ضمن عدة اوامر اخرى، بعد اسبوعين من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الارهابية، ويطال قرار التجميد حاليا حوالي 200 شخص ومنظمة وشركة في الولايات المتحدة. وتصرفت الامم المتحدة على نفس المنوال، فارضة تجميدا عالميا للاموال والموارد التي حددتها واشنطن.

وقد اجرت «الاسوشييتدبرس» مقابلات مع عدد كبير من المتأثرين بالقرار، وتوصلت الى ان بعض هؤلاء تلقوا ضربات قاسية، ولكن آخرين لم يتأثروا كثيرا. بل ان الشهرة التي اضفاها القرار على بعض الافراد والاعمال قد ساعدت في تحسين اوضاع هؤلاء. وربما تكون هذه هي حالة فرن الحمدي، وهو مكان صغير يبيع الفطائر والباسطة والحلويات في العاصمة اليمنية صنعاء.

وقال عاصم الحمدي الذي يملك شقيقه هذا الفرن، ان السلطات اليمنية فتشت المكان ولكنها لم تجد أي شيء غير قانوني. وقال ان الشركة لا علاقة لها باسامة بن لادن، ولكن شهرة المكان بعد اعلانه رفعت المبيعات في بلاد لا يثق مواطنوها بالولايات المتحدة مطلقا. وقال: «اننا نمارس نشاطنا كالعادة. لا علاقة لنا بالارهاب».

وفي مصنع النور المجاور، المتهم ايضا بانه من واجهات القاعدة، عبر الزبائن عن شكوكهم ان يكون المصنع على علاقة بالقاعدة، ولكنهم قالوا انه حتى اذا كانت هناك مثل هذه العلاقة فان الامر لا يهمهم.

قال وليد عبده محمد، وهو يحملق في مئات الجرار المعروضة بالمصنع: «لا يهمني من يملك المحل او اين تذهب نقودي. الذي يهمنى هو ان يكون العسل من صنف جيد».

وقالت ميشيل ديفيس المتحدثة باسم وزارة الخزانة الاميركية، ان الاثر العام كان ضارا جدا بالنسبة لـ«القاعدة»: «نحن نعتقد اننا نؤثر عليهم. لقد رفعنا درجة الوعي واغلقنا كثيرا من القنوات، وبدأنا حاليا نجد بعض الاقطار في كل انحاء العالم ممن لم تكن لها مناهج لمتابعة ومصادرة الموارد تضع هذه النظم وتتبع هذه الخطوات».

وقد اسفرت غارة في ولاية الينوي على جمعية خيرية اسلامية، عن اعتقال مدير الشركة الاسبوع الماضي ووجهت اليه اتهامات بالكذب حول علاقاته بابن لادن. ويقول المسؤولون بوزارة العدل ان الشركة مولت بعض الارهابيين. وكانت الادارة قد استهدفت في المراحل الاولى من الحرب بعض الجمعيات الخيرية الاسلامية التي كانت متهمة منذ بعض الوقت بالتورط في عمليات مالية مشبوهة. وكان من ضمن هذه الجمعيات «مجموعة الراشد» وهي جمعية خيرية مقرها باكستان كانت تتعاون تعاونا لصيقا مع حركة طالبان. ورغم ان قرارا صدر بتجميد اموالها وحظر نشاطها يوم 24 سبتمبر (ايلول)، ورغم وعد الحكومة الباكستانية بانها ستتعاون على ايقاف نشاطاتها، الا انها ما تزال تعمل حتى الان.

وقال احمد ارسلان الناطق باسم مجموعة الراشد، ان الهدف الوحيد للجمعية هو توفير الخدمات الصحية والتعليمية وقال انهم سيواصلون هذه العمل.

وقال فينسانت كانسترارو، الرئيس السابق لعمليات مكافحة الارهاب بوكالة المخابرات المركزية الاميركية، انه بعد النجاحات الاولى التي اثرت بالفعل على العمليات المالية للقاعدة، فان هذه العمليات تتسارع من جديد. وقال: «ان الثمار الدانية قد قطفت بالفعل من الشجرة».

وكان بعض مسؤولي وزارة المالية ذهبوا إلى الخليج لمناقشة قوانين تنظيم الجمعيات الخيرية الإسلامية. كذلك ستشارك الإدارة الأميركية في مؤتمر يعقد في الإمارات لمناقشة الممارسة المصرفية المعروفة باسم «الحوالة».

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تابعت الإدارة الأميركية شركتين متخصصتين في التحويل المالي، إحداهما تدعى «البركات»، وتأسست هذه الشركة لمساعدة الصوماليين المقيمين في الخارج، على إرسال نقود لأقاربهم المقيمين في الصومال، الذي لا يمتلك أي نظام مصرفي.

وإذا كانت فروع «البركات» قد أغلقت في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنها خلفت وراءها آلافا من الصوماليين بدون عمل.

قال سعيد أحمد، أحد المالكين الرئيسيين لشركة بركات، قبل أن تباع أجهزتها وبناياتها الأسبوع الماضي، تعبيرا عن هذا الوضع: «الصوماليون ضعفاء، فليس هناك حكومة تدافع عنا; وليس هناك أحد يساعد».

من ضمن المتضررين، عبد الرزاق، الذي كان يعمل في فرع للشركة بالسويد، وكان مرشحا لعضوية مجلس بلدي، عندما قامت الحكومة السويدية بإغلاق فرع الشركة بناء على طلب من واشنطن. حاليا يعيش عبد الرزاق وزوجته وطفلاه على القروض المخصصة لدراسته، وعلى المساعدة الاجتماعية التي خصصت له لدفع الفواتير، طوال فترة تجميد أملاكه. وتبلغ المساعدة الشهرية 960 دولارا.

مع ذلك فان السويد لم توجه أي تهمة ضد عبد الرزاق ومواطنين سويديين ضمن القائمة الأميركية، بل هي تبذل الجهود لرفع أسمائهم عن القائمة. وتم طرح الموضوع في الشهر الماضي حينما التقى وزير الخارجية السويدي بوزير المالية الأميركي، بول نيل.

وإذا كان العثور على مديرين للمكاتب وعمال للجمعيات الخيرية وباعة للعسل سهلا فان العثور على أشخاص على قائمة وزارة المالية الأميركية مثل أسامة بن لادن أو بعض قادة الطالبان عسير جدا.

يقول الصحافي السابق أحمد هوبير، الذي اعتنق الإسلام: «البنوك وجهت لها الاوامر لمراقبة كل التحويلات». وكان هوبير قد صفّى شركته بعد مرور ستة أسابيع على وضعها ضمن قائمة وزارة المالية الأميركية.

من جانبها، قامت بريطانيا بمصادرة الكثير من الاملاك التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، إضافة إلى تجميد حسابات تعود الى رجلي دين لهما صلات بالقاعدة. فعلى الرغم من أن أبو حمزة المصري طليق حاليا لكنه يقول إن حساباته المصرفية محجوبة عنه. كذلك هي الحال مع أبو قتادة الذي تمكن من الإفلات من المراقبة المفروضة عليه، ولا أحد يعرف مكانه الآن.

ويعتبر رجل الأعمال، السوري المولد، مأمون دركزنلي، أول شخص يظهر اسمه على القوائم الأميركية، وهو يعيش بمدينة هامبورغ الألمانية، ويعرف العديد من الأشخاص المطلوبين في تحقيقات 11 سبتمبر.

وتتهمه الولايات المتحدة بأنه كان ضمن الواجهة في نشاطات «القاعدة»، وقال وزير الداخلية الإسباني إنه يريد أن يتم اعتقال دركزنلي لمخالفات لها علاقة بالإرهاب. وقامت ألمانيا هي الأخرى بتجميد أملاكه، لكنها قالت إنها لا تستطيع اعتقاله بسبب غياب الأدلة ضده. هو حاليا طليق لكن لا أحد يعرف كيف يعيل نفسه.

وتعمل الإدارة الأميركية حاليا مع الحكومات الأخرى عن قرب لجعلها تغير القوانين التي ستساعد على إيقاف التمويل للأعمال الإرهابية.

في هذا الصدد قال ناطق بلسان وزارة المالية الأميركية: «على كل بلد أن يتخذ بعض الإجراءات التي تساعد على وضع الإطار المناسب لمصادرة الأملاك التي تخدم الإرهاب».