انقسام قيادة الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني يثير قلقا في أوساط المجتمع المدني ويكشف عن خلافات حزبية حادة

TT

تواجه الجمعية المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني أزمة داخلية حادة، وهي في أوج استقطابها للجماهير المغربية التي استجابت في منتصف أبريل ( نيسان) الماضي بالمشاركة في مسيرة المليون مواطن، وهي المسيرة التي جابت شوارع العاصمة المغربية تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بالمذابح التي ترتكبها القوات الاسرائيلية. وتزعمت الجمعية في الآونة الأخيرة حملة واسعة لمناهضة كل مظاهر التطبيع مع اسرائيل ومقاطعة منتوجات الشركات الأميركية المؤيدة لاسرائيل. وتبادل مسؤولون وأعضاء في الجمعية (غير حكومية) خلال مؤتمرها الذي عقد نهاية الاسبوع الماضي في الرباط، الاتهامات بالسعي للهيمنة الحزبية عليها. وأعلن في ختام المؤتمر عن انتخاب هيئة قيادية جديدة في الوقت الذي قرر فيه أعضاء قياديون بارزون وعدد من الهيئات الحزبية الانسحاب من المؤتمر. واستنادا الى مصادر تابعت فعاليات المؤتمر، فان خلفيات الصراع بين حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي الذي انشق عنه العام الماضي، ألقت بظلالها على المؤتمر، وأن انقساما في الرأي ظهر بين اتجاهين; الاول اعتمد على الشرعية التاريخية ودور أحزاب الكتلة الديمقراطية تاريخيا في انشاء الجمعية، وهو ما جسده حضور أبو بكر القادري عضو مجلس الرئاسة في حزب الاستقلال والرئيس الشرفي المؤسس للجمعية، الذي قالت المصادر انه «يواصل مساعيه لتطويق الخلافات المحتدمة». وأضافت المصادر أن المؤتمر توخى انتخاب محمد بنجلون الأندلسي العضو القيادي في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وذلك في سياق التداول بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي على رئاسة الجمعية، سيما أن الجمعية كان يوجد على رأسها الاستقلالي القادري ثم ترأسها النائب والفقيه الدستوري الراحل عبد الرحمن القادري، العضو القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، واثر وفاته خلفه رفيقه في الحزب المحامي خالد السفياني. اما الاتجاه الثاني، الذي انسحب من فعاليات المؤتمر، ويمثله حزب المؤتمر الوطني الاتحادي والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي) فاتهم صراحة «أحزاب الكتلة بقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتحويل الجمعية الى اطار تابع لها»، مشيرا الى ما وصفه بـ«كوطا» (نظام الحصة) تم من خلالها توزيع المسؤوليات في مكتب الجمعية بين أربعة أحزاب هي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» و«حزب التقدم والاشتراكية» و«الديمقراطي الاشتراكي» في الوقت الذي تم فيه إقصاء حزب المؤتمر الوطني الاتحادي وعدم دعوته لحضور المؤتمر. كما انعقد المؤتمر في ظل عدم مشاركة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب الطليعة وفعاليات الاسلاميين كما انسحبت فعاليات اليسار الموحد من المؤتمر. وقالت مصادر في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي الذي لم يحضر بدوره أعمال المؤتمر، ان القائمين على تنظيم المؤتمر رفضوا اقتراحا تقدمت به «المنظمة» يقضي بتعليق المؤتمر الي حين التوصل الى توافق بين مختلف الفعاليات السياسية الوطنية وافراز هيئة مسيرة تجسد اجماع القوى السياسية المغربية. وتحدث بيان صادر عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي يتزعمها محمد نوبير الأموي عن «تغليب حسابات حزبية ضيقة والسعي للسيطرة على الجمعية». وأعرب السفياني الرئيس السابق للجمعية لـ«الشرق الأوسط» عن «قلقه الشديد حول مصير الجمعية ومستقبل التضامن الشعبي المغربي مع الشعب الفلسطيني في ظل الانقسام الذي حدث»، موضحا أنه أنهى مهمته كرئيس سابق للجمعية كما كان منتظرا في السابق وقدم تقريره الأدبي والمالي أمام المؤتمر وصودق عليه، ثم انسحب من قاعة المؤتمر بعد ذلك. وأضاف أنه كان يتمنى العمل بتوصيته بأن ينفتح تسيير الجمعية على كافة الهيئات السياسية والمجتمع المدني الذي ساند تحركاتها في الآونة الأخيرة مما جعلها منظمة تتحرك في قضايا تجسد اجماع كل المغاربة وليست منظمة جهات حزبية بعينها. وقال متابعون لفعاليات الجمعية ان أوساطا كثيرة تلقت بقلق المآل الذي وصلت اليه الجمعية والتي تعود نشأتها الى سنة 1969 عقب حادث احراق المسجد الأقصى. ويتسم تسيير الجمعية منذ سنوات بمشاركة جماعية من قبل أحزاب الكتلة الديمقراطية والهيئات النقابية الموالية لها. وقال نشطاء في حقل المجتمع المدني ان الخلافات في قيادة الجمعية المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني تكشف الوجه الآخر لواقع عدد من الهيئات الواقعة تحت نفوذ الأحزاب.