الأمير بندر بن سلطان ردا على الحملة الإسرائيلية ضد السعودية: الإسرائيليون جاءوا لعرقلة جهود الذين يبحثون عن السلام

TT

انتقلت المعركة الدبلوماسية حول مصير الفلسطينيين الى واشنطن، حيث صار الزعماء العرب يمارسون ضغوطهم من أجل الوصول الى تسوية شاملة تؤدي الى قيام الدولة الفلسطينية، بينما يصر الاسرائيليون على عزل القائد الفلسطيني ياسر عرفات. وعند الاجتماع الذي عقد بالبيت الابيض بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون والرئيس الاميركي جورج بوش امس، حاولت اسرائيل ان تلقي ظلالا من الشك حول اهلية المملكة العربية السعودية لتكون شريكا ووسيطا للسلام. وقد نشر المسؤولون الاسرائيليون وثائق يزعمون فيها ان لجنة سعودية كانت ترسل الاموال لمنظمة حماس ولعائلات الانتحاريين الفلسطينيين ولغير هؤلاء.

وكانت هذه الوثائق حلقة اخيرة في سلسلة ظلت اسرائيل تنشرها لدعم موقفها بأن السلطة الفلسطينية بقيادة عرفات، وبتشجيع دول مثل السعودية، متورطة في اعمال ارهابية من اجل طرد الاسرائيليين من الاراضي الفلسطينية المحتلة. ولكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون ان هذه الوثائق التي تدعي اسرائيل انها حصلت عليها اثناء الغزو، ليست سوى وثائق مزورة.

وقد جاءت هذه الاتهامات بعد ان حققت السعودية تقدما واضحا في اقناع بوش بوجهة نظرها حول حل القضية الفلسطينية لتحقيق «علاقات طبيعية» بين اسرائيل والدول العربية. ولذلك يلجأ المسؤولون الاسرائيليون المصاحبون لشارون الى تصوير السعودية كبلد يستخدم الابواب الخلفية ليدعم «الارهاب» الموجه ضد الدولة اليهودية.

وقالت وزيرة التعليم الاسرائيلي ليمور ليفنات، للصحافيين الذين استدعوا خصيصا الى السفارة الاسرائيلية لتقديم الوثائق لهم: «هناك تحالفان في منطقة الشرق الاوسط: احدهما تحالف السلام الذي يضم مصر والاردن وربما المغرب، وهناك تحالف الحرب، الذي يمثله العراق وايران وسورية. وعلى السعودية ان تحدد الى اي التحالفين تنتمي».

وقال المسؤولون السعوديون ان ادعاءات اسرائيل «مفتقرة تماما الى الصحة». وقال الامير بندر بن سلطان سفير السعودية لدى الولايات المتحدة، ان اتهامات اسرائيل محاولة من جانبها لاشانة سمعة السعودية وهي تلعب دورا يزداد اهمية كل يوم في عملية السلام في الشرق الاوسط.

وقال الامير بندر: «يبدو ان الاسرائيليين لم يأتوا الى هنا ليتحدثوا عن السلام، ولكنهم جاءوا لعرقلة جهود اولئك الذين يبحثون عن السلام. وبدلا من ان ينضم الى صف الزعماء العالميين، فان شارون يحاول ان يصرف الانظار عن القضية الاساسية وهي رفضه الانسحاب من الاراضي المحتلة».

والتقى شارون بوزير الخارجية الاميركي كولن باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. كما التقى باول الملك عبد الله الثاني ملك الاردن والامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. واستغل المسؤولون الاميركيون هذه الاجتماعات في قياس مدى الحرص الذي يبديه الجانبان العربي والاسرائيلي على عقد المؤتمر الدولي من اجل السلام الذي اعلنت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة، انها تزمع عقده في صيف هذا العام. ولكن ايا من الطرفين لم يظهر حماسا دافقا للمشروع.

وقالت ليفنات عن عرفات وهي تقدم الوثائق التي تزعم انها تربطه بالارهاب: «عرفات كذاب ولا يحافظ مطلقا على عهوده. ومن الضروري استبداله بقوى اخرى من السلطة الفلسطينية».

الا ان المسؤولين الاميركيين قالوا ان طريق السلام الفلسطيني يمر عبر عرفات. وقال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر: «التعامل ليس مع شخص واحد. ولكن ياسر عرفات هو ممثل الشعب الفلسطيني كما اوضح هذا الشعب نفسه».

ولكن الاسرائيليين يصرون على ان عرفات المدعوم بالاموال السعودية هو الذي يسمم كل احتمالات السلام. وقال الكولونيل ميري ايزين، من استخبارات الجيش الاسرائيلي، ان المسؤولين الاسرائيليين تلقوا معلومات جديدة حول الدور السعودي من اجهزة الكومبيوتر ومن المساجد ومكاتب الجمعيات الخيرية برام الله وبيت لحم، بالضفة الغربية. ويقول هؤلاء المسؤولون ان الاموال السعودية كانت ترسل الى منظمة حماس، والتي وضعتها وزارة الخارجية الاميركية ضمن المنظمات الارهابية، كما ترسل كذلك، وبعلم عرفات الى اسر الانتحاريين. وقال ايزين ان اسرائيل عثرت على وثائق تشمل رسائل بين المسؤولين السعوديين وممثل السلطة الفلسطينية في السعودية وعرفات. ولكن هذه الوثائق لم تتأكد صحتها من اي مصادر محايدة. ويدعي الاسرائيليون ان المسؤول الفلسطيني، وكان يكتب بلسان عرفات، يشكو في بعض الرسائل من ان الاموال التي كان من المفروض ان تذهب الى السجناء الفلسطينيين والى ضحايا الانتفاضة والى اسر الشهداء، كانت في الواقع ترسل الى منظمة حماس، بدلا من ارسالها عبر السلطة الفلسطينية.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» و«واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»