اليوسفي يعرض أمام البرلمان الخطوط العريضة لمشروع التغطية الصحية ونواب المعارضة ينسحبون احتجاجا

TT

أكد الوزير الاول المغربي، عبد الرحمن اليوسفي، أمس في الرباط أن مشروع مدونة (قانون) التغطية الصحية الأساسية الذي يهدف الى احداث نظام تأمين اجباري اساسي عن المرض، يعتبر «أحد أكبر الاصلاحات البنيوية» التي ستوفرها الحكومة والبرلمان للمغرب وفرصة تاريخية للولوج الجماعي لاحدى الخدمات الاجتماعية الاساسية، وتجسيدا قويا لمبدأ التضامن الذي يدعو اليه الملك محمد السادس.

واعتبر اليوسفي في تصريح أدلى به مساء أول من امس أمام مجلس النواب (الغرفة الاولى في البرلمان) أن هذه المدونة هي ملك لجميع المغاربة «انطلاقا من احساسنا بالمسؤولية المشتركة الملقاة على عاتقنا في انجاح هذا المشروع الوطني الهام».

وقال اليوسفي ان تصريحه يدخل في نطاق اختصاصاته الدستورية ويهدف الى توطيد اواصر التواصل والتعاون بين الجهاز التشريعي والتنفيذي في القضايا الوطنية الكبرى.

واعتبر ان مشروع التغطية الصحية يعد ورشا اجتماعيا سيعالج ضمن «منهجية تجعل من الفعالية الاقتصادية مدخلا رئيسيا للتضامن الاجتماعي»، لذلك يرى اليوسفي ان الاستثمار هو المنعش للشغل والمنتج للثروة مما يجعل المغرب يتجه نحو ما سماه بالاقتصاد التضامني.

وقال اليوسفي مخاطبا أعضاء مجلس النواب «لا يخامرني أدنى شك في انكم عند مناقشتكم لهذا المشروع لا من حيث مضامينه ولا من حيث أبعاده المتعددة التي ضمنها تصريحي هذا أماكم ستضعون الوعي بحتمية هذا الإصلاح وفضيلة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار».

وأشار الى أن هذا الإصلاح يعد مكسبا ايضا على واجهة «علاقاتنا مع أطراف الانتاج في ظل المنهجية الجديدة» التي تم تحديدها من طرف اللجنة الوطنية للحوار الاجتماعي.

وأردف اليوسفي قائلا إنه بالمصادقة على هذا المشروع ستتم تلبية مطلب جوهري طالما انتظرته الفئات المعوزة من المجتمع المغربي والمتمثل في تبني نظام خاص للمساعدة الطبية، موضحا أن مسألة التغطية الصحية ما فتئت تتقدم صدارة اهتمام الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين في إطار الحوار الاجتماعي.

وأبرز الوزير الأول المغربي أن المشروع يتضمن مجموعة من الإجراءات والتدابير والآليات القانونية والمؤسسية منها على وجه الخصوص تحديد الاشخاص المستفيدين وحصر الخدمات المضمونة، وكيفيات تمويل التأمين الإجباري عن المرض ونظام المساعدة الطبية وتحديد الهيئات المدبرة للتأمين الاجباري عن المرض في القطاعين الخاص والعام ويتعلق الأمر على التوالي بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.

كما يتضمن تدابير أخرى منها ضبط آليات وطريق تأطير النظام برمته من طرف الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وتحديد شروط وكيفية إرجاع المصاريف أو تحملها وكيفية ابرام الاتفاقيات ومضمون المراقبة الطبية وكيفية تدبير المرحلة الانتقالية.

ودافع اليوسفي عن المشروع معتبرا اياه اداة فعالة ستمكن فئات عريضة من المجتمع من الاستفادة من التغطية الصحية، خاصة في المناطق القروية التي تعاني من مشاكل عويصة. واشار الى الاستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة في مواجهة آفة الفقر والبطالة خاصة بالاقاليم الشمالية والجنوبية التي تعرف عجزا كبيرا في هذا المجال.

يذكر انه لم يكد اليوسفي يبدأ في تناول كلمته، حتى انسحبت فرق المعارضة المنضوية في تكتل الوفاق الوطني، الى جانب احزاب معارضة اخرى، من الجلسة العمومية احتجاجا على ما اعتبرته «حملة انتخابية سابقة لأوانها»، وعلى غياب الحوار مع مكونات المعارضة التي تؤكد انها منذ اربع سنوات وهي تطالب الوزير الاول بالاستماع الى اسئلتها الشفوية حول قضايا تهم المواطنين والى مقترحاتها الخاصة بمشاريع قوانين جديدة خاصة القانون التنظيمي لمجلس النواب.

وعبر عدد من نواب المعارضة عن امتعاضهم إزاء تعامل اليوسفي مع فرق المعارضة حيث «انتظرنا اربع سنوات كي يحاورنا الوزير الاول في البرلمان، لكنه فضل الغياب في حين استقبلنا القصر الملكي مساء في نفس اليوم الذي طلبنا فيه اللقاء».

وانتقد النائب محمد لبصير (الاتحاد الدستوري المعارض) تدخل الوزير الاول، معتبرا ان التغطية الصحية تهم وزير الصحة المعني الاول بهذا الموضوع. ورد النائب محمد ملوك (الاتحاد الاشتراكي، متزعم الائتلاف الحكومي) ان الامر لا يعدو ان يكون مجرد مزايدات سياسية، باعتبار ان مشروع التغطية الصحية تتداخل فيه قطاعات كثيرة مثل وزارة الصحة ووزارة الوظيفة العمومية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التشغيل، والصناديق الاجتماعية.

وقال النائب ملوك ان الحكومة اعلنت عن اعداد هذا المشروع منذ سنوات، ولم يكتب له الانجاز الا أخيرا، حتى اصبح متكاملا في بنياته وآلياته، نظرا لاهميته القصوى في حماية وتأمين صحة المواطنين من جهة ولتحقيق توازن اجتماعي ظل مغيبا لدى الحكومات السابقة التي كانت تتشكل منها فرق المعارضة الحالية، من جهة اخرى.