انقسام في الجماعة الإسلامية المصرية بسبب المراجعات الفكرية بعد ثلاثة أشهر من إطلاقها

TT

كشفت مصادر أصولية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن وجود انقسام داخل الجماعة الاسلامية المصرية، بسبب المراجعات الفكرية التي أطلقها القادة التاريخيون للجماعة من داخل محبسهم بداية شهر فبراير (شباط) الماضي. وقالت المصادر ان هناك اتفاقاً عاماً حول مبدأ رفض العنف الذي أعلنته الجماعة خلال مراجعاتها التي جاءت عبر أربعة كتب صدرت تحت مسمى «سلسلة تصحيح المفاهيم»، ولكن الخلاف الأساسي داخل الجماعة يتمحور حول اعلان الجماعة عن تخطي كل ممارساتها السابقة، في ظل توقعات بأن هذا الموقف جاء ضمن اتفاق تحتي مع الدولة في مصر.

وأشارت المصادر الى أن تحول الجماعة عبر مراجعاتها من النقيض الى النقيض، برفض تام للدولة ثم قبول تام لها ولنظامها وسياستها، أسفر قدراً من الشكوك لدى كثير من أنصار الجماعة الشباب داخل السجون وخارجها، وهو ما اعتبره البعض ضمنياً عودة للتدثر بثياب جماعة الاخوان المسلمين التي تقع على طرف خلاف تاريخي مع الجماعة الاسلامية.

ورجحت المصادر أن تكون الاجراءات الأخيرة بالافراج عن عدد من رموز الجماعة وقادتها بعد اطلاق كتب المراجعات الفكرية، جاء كمحاولة لنزع فتيل الأزمة واسهام هذه القيادات في تهدئة انصار الجماعة واقناعهم بجدية التحولات واطلاقها عبر قناعة فقهية وتنظيمية من دون ضغوط خارجية أو عبر صفقات مع الحكومة.

وأوضحت المصادر أن حالة الانقسام داخل الجماعة جاءت أيضاً في ظل اعتقاد من جانب انصار الجماعة انها قدمت تنازلات كبيرة من أجل التقارب مع الدولة والمجتمع ولكنها حتى الآن لم تحصل على أي مقابل رسمي يدعم موقفها داخل الشارع السياسي المصري، فضلاً عن أن طريقة التحول في موقف الجماعة جاء انقلابياً واحدث صدمة لدى كثيرين ولم يكن تدريجياً حتى يمهد أرضية مناسبة أمام الكثيرين لقبوله.

وتزايد احتمالات أخرى بعدم رضاء قادة الجماعة الهاربين في الخارج عن هذه المراجعات بدليل عدم الاعلان عن تأييدها والموافقة عليها رغم بأن بعض القيادات المستقيلة من الجماعة في الخارج أعلنت قبولها، إلا أن ذلك لم يمتد لقادة فاعلين في الجماعة، خاصة القيادي محمد مختار المقرئ الذي يعد مفتي الجماعة بعد زعيمها الروحي عمر عبد الرحمن المحبوس مدى الحياة في أميركا، وهو مقيم في لندن ويعد المرجعية الأولى للجماعة في الخارج.

ورغم أن قيادات الخارج لم يعلنوا رفضهم للمراجعات، إلا أن المصادر اعتبرت أن عدم اعلان الرفض لا يعد مقبولاً لها وأن الصمت يأتي بفعل الأحداث الدولية المتفاعلة والتي يخشى قيادات الجماعة الانزلاق فيها اذا ما أعلنوا موقفاً معارضاً لهذه المراجعات في هذا التوقيت.

وكانت الجماعة الاسلامية أطلقت في مطلع شهر فبراير الماضي أربعة كتب حملت مراجعات فكرية وتحولات جذرية في منهج عمل الجماعة على نحو مغاير أيدته ونفذته خلال الحقبتين الماضيتين، والكتب هي «مبادرة انهاء العنف رؤية ونظرة واقعية»، و«حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين»، و«تسليط الأضواء على ما وقع فيه الجهاد من أخطاء»، و«النصح والتبين في تصحيح مفاهيم المحتسبين».